الصني: أعلى جهاز أمني يدعو لـ«قمع» القوات املعادية عقب التظاهرات

■ شــنغهاي- أ ف ب: دعت أعلى هيئة أمنية في الصني، أمس الثالثاء، إلى «قمع» يســتهدف «قوات معادية» عقــب تظاهرات شــهدتها مدن رئيســية احتجاجا علــى تدابير اإلغــالق املرتبطة بجائحة كوفيد وللمطالبة مبزيد من احلريات السياسية.

ويأتي هذا التحذير فيما انتشرت األجهزة األمنية فــي أنحاء الصني عقب االحتجاجــات على تضييق احلريات السياســية، باإلضافة إلى سياســة صفر كوفيد واإلغالقات العامة الناجمة عنها.

وبــدأت االحتجاجات فــي مناطــق مختلفة في الصني، األحــد املاضــي، للمطالبة بإنهــاء تدابير اإلغالق وبفتح مجاالت أوسع للحريات السياسية، في موجة تظاهرات واسعة لم تشهد مثلها البالد منذ االحتجاجات املؤيدة للدميقراطية في العام .1989

وكان حريــق نشــب األســبوع املاضــي فــي أورومتشــي، عاصمــة منطقة شــينجيانغ، ما أثار غضًبــا عاًما، إذ اعتبــر كثيرون أن اإلغــالق العام بســبب مكافحة كوفيد91- أعاق مهمة فرق اإلنقاذ. واتهمــت وزارة اخلارجية الصينيــة االثنني «قوى ذات دوافع مبيتة» بالربط بني احلريق و»االستجابة احمللية لكوفيد91-».

والثالثــاء، قالــت جلنة الشــؤون السياســية والقانونيــة املركزيــة التابعة للحزب الشــيوعي احلاكم والتي تشــرف على تطبيق القوانني احمللية في الصــني، إنه «مــن الضروري اتخــاذ إجراءات قمعية ضد نشاطات التســلل والتخريب التي تقوم بها قــوات معادية، طبقــا للقانون»، حســبما جاء في بيــان عقب اجتمــاع للجنة نقلتــه وكالة أنباء الصني اجلديدة (شــينخوا). وشــددت على أهمية «اتخاذ إجــراءات صارمة ضد األفعــال اإلجرامية غير القانونية التــي تعطل النظام االجتماعي، طبقا للقانون، وحتمي بشكل جدي االستقرار االجتماعي العام».

وبدا أمس أن االنتشــار الكثيف للشرطة خف في شوارع شنغهاي التي تغمرها األمطار حيث تخللت احتجاجات نظمت نهاية األســبوع دعوات جريئة إلى استقالة الرئيس شي جينبينغ.

كذلك خفت اجلهود الواسعة التي بذلتها الشرطة ملنع املارة من التقاط صــور ملوقع االحتجاج على ما يبدو، فيما قال شــرطي إن ذلك «يتوقف على طبيعة الصورة» لكن ليــس هناك حظر شــامل في املكان. لكن اإلحباط بسبب اســتراتيجية صفر كوفيد بقي واضحا.

وقال أحد املارة عرف عن نفســه فقط براي 17( عام ًا): «سياسة (صفر كوفيد) اآلن صارمة جد ًا. إنها تقتل أشخاصا أكثر ممن يقتلهم كوفيد». وأضاف أن الشرطة طوقته أثناء مروره في املنطقة.

وقال أشخاص شــاركوا في االحتجاجات نهاية األســبوع املاض،ي إنهم تلقوا اتصــاالت من قوات إنفاذ القانون تطالب مبعلومات عن حتركاتهم.

وبعض التجمعات نظمت في مكان آخر، مســاء أمس الثالثاء. وفي أقدم جامعة في هونغ كونغ، قاد حوالي عشرة أشخاص احلشــود مرددين هتافات مثل «أعطونا احلريــة أو أعطونا املــوت» بعد أيام قليلة من تظاهرة تضامنية مماثلة دفعت مســؤولي املدرسة إلى االتصال بالشرطة. وقالت امرأة: «لسنا قوى أجنبية، إننــا مواطنون صينيــون. يجب أن يكون للصــني أصوات مختلفة» فيمــا رفعت أخرى الفتة حداد على ضحايا حريق أورومتشي.

وأعرب طالــب صيني عــن قلقه مــن التعرض للتوقيف في ظل املناخ السياســي املتشــدد بشكل متزايد في هونغ كونغ، لكنه قال إنه شــعر باحلاجة إلى «احلفاظ على روح املقاومة».

وفي مدينة شــنجن اجملاورة في جنوب الصني، قال شــاهد إنــه رأى وجــودًا مكثفًا للشــرطة في هواشــيانغبي، وهــي منطقة تســوق مزدحمة في وسط املدينة، بعد انتشار شائعات عن احتجاجات على الشــبكات االجتماعية. وأضــاف أن نحو 150 شــرطيا شــوهدوا على مســافة 500 متر من طريق هواشــيانغ باإلضافة إلى عشــرات من ســيارات الشرطة السوداء.

و ُتع ّقد هيمنة الســلطات الصينية على املعلومات والقيود الصحية الصارمة على السفر داخل البالد، عملية التحقق من العدد اإلجمالي للمتظاهرين خالل عطلة نهاية األسبوع.

اهتمام خارجي

وأثارت التحركات اهتماما فــي اخلارج، إذ أعلن البيت األبيــض اإلثنني أن الرئيس جو بايدن «يتابع من كثــب» التظاهرات في الصني. كذلك، اســتدعت بريطانيــا، الثالثــاء، الســفير الصيني فــي لندن لالعتــراض على توقيف صحافي في «بي بي ســي» كان يغطــي االحتجاجــات املرتبطة بقيــود كوفيد واالعتــداء املفتــرض عليه، وفق ما ذكــرت مصادر حكومية.

وحذر رئيس الوزراء البريطاني ريشــي سوناك االثنني من أن الصني تشــكل «حتديا منهجيا» لـ»قيم ومصالح» اململكة املتحدة. وفي أول خطاب رئيســي له بشأن السياسة اخلارجية، قال سوناك إن «العصر الذهبي» للعالقات الصينية البريطانية الذي ساد في عهد رئيس الوزراء األسبق ديفيد كاميرون «انتهى،

إلى جانب الفكرة الســاذجة بأن التجارة ســتؤدي تلقائيا إلى إصالحات سياسية واجتماعية».

وأضاف أنه ســيتعين نتيجة ذلك على بريطانيا «تطوير نهجهــا حيال الصني». وتابــع: «ندرك بأن الصني تشكل حتديا منهجيا لقيمنا ومصاحلنا، وهو حتد تزداد خطورتــه مع حتّركها باّتجــاه مزيد من االستبداد».

وأكد: «ال ميكننا بكل بساطة جتاهل أهمية الصني بالنسبة لشــؤون العالم -لالســتقرار االقتصادي العاملي أو مســائل مثل تغير املنــاخ. تفهم الواليات املتحدة وكندا وأستراليا واليابان والعديد من الدول األخــرى ذلك أيضــا». وأردف: «لذا ســنتعامل معا مع هذه املنافســة التي تزداد حــدة، مبا في ذلك عبر الدبلوماسية والتواصل».

من جانبه، قال وزير اخلارجية األمريكي أنتوني بلينكن، أمس، إن موقف واشــنطن «هو نفســه في كل مكان» وهــو «دعم حق الناس فــي كل مكان في االحتجاج الســلمي للتعبير عــن آرائهم ومخاوفهم وإحباطاتهــم». وجــرت تظاهــرات فــي دول عدة تضامنا مع احملتجني في الصني.

تخفيف محتمل

وال يزال القادة الصينيون ملتزمني تطبيق سياسة صفــر كوفيد التــي جتبــر احلكومــات احمللية على فرض إغالقات عامــة مفاجئة وإصدار أوامر باحلجر الصحــي واحلد مــن حريــة التنقل، مــن أجل كبح تفشــي كوفيد91-. لكن هناك مؤشرات إلى أن بعض الســلطات احمللية تتخــذ خطــوات لتخفيف بعض القيود وتهدئة االضطرابات.

وفي أورومتشــي، قال مسؤول الثالثاء إن املدينة ســتمنح دفعة مالية واحدة مقدارهــا 300 يوان 42( دوالرا) لكل شخص «ذي دخل منخفض أو بال دخل». وأعلن إعفاءات من دفع اإليجار ملدة خمســة أشــهر لبعض األسر.

وتعهدت جلنة الصحــة الوطنية في بكني الثالثاء «تســريع عملية تطعيم األشــخاص الذين تتجاوز أعمارهــم 80 عامــا، ومواصلة زيادة معــدل تلقيح البالغني ما بني 60 و97 عاما».

ولطاملــا اعتبرت معدالت التطعيــم املنخفضة في الصني، خصوصًا في أوســاط املسنني، ســببًا يدفع السلطات إلطالة أمد نهجها القائم على «صفر كوفيد».

وأفــاد مســؤولون في جلنــة الصحــة الوطنية في مؤمتــر صحافــي، الثالثــاء، أن 65.8 % فقط من األشــخاص الذين تتجاوز أعمارهــم 80 عاما تلقوا كامل جرعات اللقاحات.