هكذا انتصر الفلسطينيون على إسرائيل في مونديال قطر 2022
شــعب فلســطن هنــاك، وكان يتعــن علــى اإلعــام اإلسرائيلي أن يسافر حتى قطر كي يتذكر هذه احلقيقة. صحيح أن الفلســطينين موجودون على مســافة ساعة سفر من البيت، ولكنهم في الوقع اإلسرائيلي لم يعودوا موجودين منذ ســنن. فا تغطية إعامية لهم، وال تفاعل يومــي، وال مســيرة ســلمية وال انتفاضــة، كأن مايــن األشــخاص خلف اجلدار اختفوا ببساطة أو من السهل واملريح على نحو فظيع كبتهم وجتاهلهم.
لم يعــد احلوار مــع جيراننا على جــدول األعمال منذ سنن.
فــإذا كان الشــعار االنتخابي لرئيس الوزراء املرشــح «نتنياهــو فــي املاضــي نصنع ســامًا آمنــًا»، لم تكن املســألة الفلســطينية علــى جــدول األعمــال إطاقا في احلمات االنتخابات األخيرة كلها.
كراهية الفلسطينين ومقتهم نقا إلى الداخل وحتوال إلــى كراهيــة ومقــت جتــاه مواطنــي إســرائيل العــرب واليســارين. االحتــال؟ كلمــة كانــت ذات مــرة، باتت يسارا هاذيا، هراء تقدميا.
كان النسيان سها نســبيا: كان في الواليات املتحدة رئيــس نقــل الســفارة األمريكيــة إلــى القــدس وأعطانا إحساسا بأننا محميون إلى األبد. الدعم الذي تلقيناه من اإلفنجيلين مؤيدي إسرائيل والعاقة احلميمة بن هذه اجلاليــة ونتنياهو وأبناء بيتــه، أصبحت بديا عن تأييد يهود الواليــات املتحدة التي غاليتهــا دميقراطية وتؤمن باحلوار وباحلل الوسط السياسي. سنتا كورونا جعلتا العالم مكانا آخر، أزمة عاملية صحية دفعت العالم لوضع الكمامــة ويغلــق على نفســه. وفوق كل شــيء اتفاقات إبراهيم ســفينة العلم لشطب الفلسطينين من الوعي، اتفاقات قسمت بن العرب «األخيار» في املنطقة والعرب «األشرار» وسمحت لنتنياهو وحلكومته ألن يرويا رواية إقليمية مثيرة. أخيرًا صار ممكنًا احتســاء قهوة سوداء صغيرة با أبو مازن.
طيــران إلى أبــو ظبي مبــال زهيــد، صحبة مــع عرب بجابيب بيضاء وصورة ســلفي مع برج خليفة، انظروا بأي حســن يســتقبلنا العالم العربي. ملاذا ذهب اليســار إلــى املفاوضات؟ ألنه ســاذج، غبي، وعــدمي األفق خلق حــوارا وتنــازل للفلســطينين كي يجد حا فــي وقت ال توجد فيه مشكلة على اإلطاق.
وعندها جاء املونديال. دولة عربية، منتخبات عربية، مشــاهدون عرب، أناس حقيقيون في وضعات حقيقية، بتفاعــل ومبكانــة متســاوية للنــاس أو املســؤولن في اللقــاءات مــع الصحافيــن. بعضهــم يعرفون أنفســهم كفلســطينين. لبعضهــم عائلــة فلســطينية. بعضهــم ببساطة يتذكر، بخافنا، بأن خلف اخلط األخضر بشرا.
صدمة، دهشــة، هــؤالء النــاس احلقيقيــون هم ال يحبــون إســرائيل. وهــم يتضامنــون مــع إخوانهم في «املناطــق» [الضفة الغربية] ولن ينجــح أي اتفاق، مهما كان احتفاليــًا وناجحــًا، أن ينســيهم الواقــع. «إذا كنت إســرائيليا فسأســتدير إلــى اخللــف وأوقعــك»، يقول الشــرطي ميئيلــي أوحنا املذهــول، الذي يســأله بعجب ملاذا. «ألني فلسطيني»، يجيبه الشرطي. بسيط، واضح، حاد.
«نشــعر بأننــا مكروهــون، محوطــون بالعــداء، غير مرغوب فيها»، يكتب الصحافيان راز شيكنك وعوز معلم. «في الشــارع يرافقنا فلســطينيون، إيرانيون، قطريون، مغربيــون، أردنيــون، ســوريون، مصريــون ولبنانيون
بنظرات تنز كراهية». كم مفاجئا أال يحب الفلســطينيون اإلســرائيلين، وال يحتضــن اإليرانيــون اإلســرائيلين بحرارة! بعد اتفاقات ســام وفتــح املنطقة أمامنا، كيف يعقل أن تســمح املنطقة لنفســها بأال تفتح لنا قلبها؟ هل فكر الصحافيون الذين يشتكون من الكراهية والعداء ما معني أن يكون املرء صحافيًا فلســطينيًا في إســرائيل؟ هل يتذكرون شيرين أبو عاقلة املرأة والرمز، التي حسب حتقيــق اجليش اإلســرائيلي نفســه، قتلــت «باحتمالية عاليــة» بنــار مقاتل وحــدة «دوفدفان». هــل حاولوا أن يكونــوا «مجرد» عربيا في احليز العام اإلســرائيلي؟ هل نســوا أن إســرائيل ال تزال تســيطر على شــعب آخر، أم أنهم يتمسكون مبفهوم «ال يوجد شعب فلسطيني».
جنــح اليمن اإلســرائيلي علــى مدى ســنوات طويلة جدا في أن يهندس الوعي وينســي اجلمهور اإلسرائيلي الفلســطينين. وعندهــا جــاء املونديال ليذكــر اجلميع، مبا في ذلك اإلعام اإلســرائيلي، بــأن جيراننا ال يزالون هنــا خلف الزاوية. في قطر الكثير جــدا من الناس الذين يركلــون الكــرات. يتبن أنه هنــاك من يــركل الواقع في وجوهنا.
إسرائيل اليوم 2022/11/29