السلطات التونسية حتقق مع شخصيات سياسية وإعالمية ... ومصادر تتحدث عن «مؤامرة فرنسية» لإلطاحة بسعّيد
تزامنا مع لقاء بودن بالرئيس تّبون وإشادتها بوقوف اجلزائر إلى جانب بالدها
تثير التحقيقــات التي جتريها الســلطات التونســية مع 25 شخصية سياسية وإعالمية جدًال واســعًا في البــالد، وخاصــة في وقت يؤكد فيه مراقبون أن الشــخصيات املذكورة متثل جزءًا من شــبكة تتلقى دعمًا من فرنســا لـ «اإلطاحة» بالرئيس قيس ســعيد، وهو ما تؤكده زيارة وزير اخلارجية اجلزائري رمطان لعمارة لتونس والتي تبعتها مباشــرة زيارة لرئيــس احلكومة جنالء بــودن إلى اجلزائر، حيث حتدثت بعض املصادر عن دور اخملابرات اجلزائرية في كشف الشبكة املذكورة.
وكانت صفحات اجتماعيــة تداولت وثيقة قضائية «مســربة» تؤكد استدعاء شخصيات سياســية معروفة، من بينها مديــرة الديوان الرئاســي الســابقة نادية عكاشــة، ورئيس حزب آفاق تونس فاضل عبد الكافي، والوزير الســابق حكيم بن حمــودة ورجــل األعمال وليــد البلطي، فضال عن شــخصيات حقوقية وإعالميــة معروفــة، بتهم تتعلــق بـ»تكوين وفــاق بقصــد االعتــداء علــى األشــخاص واألمالك، والتآمر على أمــن الدولة الداخلي، وربــط اتصاالت مــع أعوان (موظفــي) دولة أجنبيــة، الغرض منها اإلضــرار بحالة البالد التونسية من الناحية الدبلوماسية، وارتكاب أمر موحش ضد رئيس الدولة».
وســرعان ما أصــدرت عكاشــة بيانا على موقع فسبوك، دعت فيه إلى عدم الزج باسمها في قضايا قالت إنهــا ال عالقة لها بها، متوعدة بكشف «احلقيقة» في الوقت املناسب.
ونفى عبد الســتار املسعودي محامي حكيم بن حمودة أي عالقة ملوكله برجل األعمال وليد البلطي، مؤكدا أنه «ال يعرف هذا الشــخص ال مــن بعيد وال من قريب ولــم يقابله بإيعاز من أي طرف».
وقال الناشط السياسي جنيب الدزيري إن البلطي هو «الشــخصية الرئيســية التي تقف وراء قضايا (شــبكة) التآمر علــى أمن الدولة وتبييض األمــوال. وهذا الرجــل الذي ميتلك مؤسســة للرهان الرياضي ســاهم ومجموعة اللوبينغ التي معه في اإلطاحة بحكومة إلياس الفخفاخ وقدوم املشيشــي ويســعى لإلطاحة
بحكومة جنالء بودن».
وأضاف، في برنامج إذاعي: «هذه اجملموعة لها ارتباطــات بالداخل وجماعــات باخلارج لها عالقة بلوبــي معني، ووليــد البلطي طلب من بعــض اإلعالميني إجراء حــوار مع نادية عكاشــة بعد خروجها من قصــر قرطاج ولكن بعض املؤسســات اإلعالمية رفضــت، وهناك
مســؤولون كبار في الدولــة يريدون تنصيب رئيــس حكومة جديــد مكان جنــالء بودن». ودون عبــد الوهــاب الهانــي رئيــس حزب اجملــد: «إذا كان عــراب التفعيــل التوســعي للفصل 80 (في إشــارة للبلطي) صاحب شركة للقمــار حتوم حولها شــبهات تبييض األموال والتهرب الضريبــي، فاعلم أن «املراهنني» على «املســار» حتركهم ثقافة «القمار» وما جاورها مــن «الفنون اجملاورة» فــي التحايل والنصب والغش وتبييض األمــوال والتهرب الضريبي وأنهم يغيرون «رهاناهتم» بحســب مصاحلهم في «قفلة حذاء» ولــو كان «فارق الربح» مجرد «فلس منقوب» ال يهمه إال هامش الربح السريع احلرام، حتى ولــو انهارت البــالد وتضررت
مصالــح العباد. حفظ الله تونــس من هؤالء، وهدى الله من جاء مبثل هؤالء».
وعلق الوزير الســابق رفيق عبد الســالم بالقول: «سبق أن قلنا إن االنقالب مثل نار جهنم يأكل بعضه بعضا، وما نراه اليوم من اتهامات موجهة لشــبكة من السياســيني واإلعالميني واملسؤولني الســابقني تؤكد على سبيل اليقني
أن الذين تآمروا على البرملان ودســتور البالد، هــم اآلن ضحايا تآمرهم واســتخدامهم معوًال لتقويض احلياة الدميقراطية )…( وال يستبعد أن تكون فرنســا قد زرعت أذرعها في مختلف مفاصل الدولــة واجملتمع، كما ال يســتبعد أن تكون بعــض الدول اإلقليمية قد لعبت دورا في كشف خفايا هذه الشبكة».
وأضــاف، في تدوينة على فيســبوك: «عند التشــخيص العام، ميكن القول إنه بالنظر إلى ســوابق هذه اجملموعــة، ال يســتبعد تورطها في فســاد كثيــر وتآمرها مع جهــات أجنبية، دون أن ينفي ذلك وجــود جرعة من التوظيف السياســي والقضائي في املوضوع لغايات في نفس يعقوب. فجل الضالعني كانوا يشــكلون شــبكة نادية عكاشــة املضروبة علــى يديها واملتنازعة مع وزير الداخلية شرف الدين. وفي ظل اســتحواذ قيس ســعيد على كل السلطات ومحاولته املســتمرة للســيطرة على القضاء وتوظيفه تبقى كل االحتماالت واردة».
وتزامنت التحقيقات مع زيارتني سريعتني، األولى قام بها لعمامرة لتونس والتقى خاللها الرئيس قيس ســعيد، والثانيــة لبودن التقت فيها نظيرها أمين عبد الرحمن والرئيس تبون، ورافقها فيها وزير اخلارجية عثمان اجلرندي، حيث أشادت بودن بوقوف اجلزائر إلى جانب تونس، دون الكشف عن املزيد من التفاصيل.
وحتت عنــوان «تونــس واجلزائــر ضوء أحمــر»، كتب احمللل السياســي فريد العليبي: «جنالء بــودن فــي اجلزائر فجــأة والزيارة تدوم يومــًا واحدًا، قبل ذلــك وزير اخلارجية اجلزائــري في تونس فجأة وقــد حل بها ليال، وقبل ذلك برملاني جزائــري يقول: اجلزائر لن تسمح بسقوط تونس في قبضة اإلرهابيني».
وأوضح بقوله: «تطورات متالحقة قد تشير إلى اكتشاف اجلزائر مخططا ما لتفجير الوضع التونســي، ضالعــة فيه قوى دوليــة وأخرى محلية، وأنها عقدت العزم على إفشــاله، وأن الرئيس التونســي قد أرســل رئيسة احلكومة لبحث خطوات تونســية جزائريــة اقتصادية خاصة متكن من حتســني األوضاع املعيشــية لقطــع الطريــق أمــام أي تعاطف شــعبي مع متآمريــن محتملــني سيســتغلون املوعــد االنتخابي لغايات خاصة».