Al-Quds Al-Arabi

«هآرتس»: «الدعم السريع» حصل على أجهزة جتسس من شركة إسرائيلية

عضو سابق في مجلس السيادة ندد «بتدخالت الكيان الصهيوني في السودان»

- من ميعاد مبارك:

ندد عضو اجمللس السيادي السوداني السابق، صديق تــاور، بتدخالت الكيــان الصهيوني في الســودان، بعدمــا كشــفت صحيفــة «هآرتس» اإلســرائي­لية، أمــس األربعــاء، أن نائب رئيس اجمللس الســيادي الســوداني وقائد مليشــيات الدعم الســريع محمد حمدان دقلــو «حميدتي»، حصل على أجهزة جتســس متطورة، نقلتها إلى اخلرطــوم طائــرة مرتبطة ببرنامج التجســس اإلسرائيلي، جتلب تكنولوجيا املراقبة من االحتاد األوروبي.

وحســب الصحيفة، وصلت شحنة التجسس املرســلة لـ «حميدتي» إلى مطار اخلرطوم بشكل سري، في مايو/ أيار املاضي، حيث توقفت الطائرة ملــدة 45 دقيقة فقــط، مت خاللها تفريــغ محتوى الشــحنة في ســيارتي دفع رباعي، ثــم توجهت بشــكل عاجل إلى إقليم دارفور غربي السودان، حيث تتمتع قوات «الدعم السريع» بنفوذ واسع.

ومتت عملية نقل األجهزة على وجه الســرعة إلى دارفور جلهة تخوف «حميدتي» من استحواذ اجليــش عليها، وفــق «هآرتس» التــي أكدت أن «اجلهاز قادر على قلب موازين القوى في السودان بفضل قدرته على حتويل الهواتف الذكية إلى أداة جتسس على حامليها».

وبينــت أن «الطائرة التي متت بهــا العملية، ذات ارتبــاط مبســؤول ســابق فــي اجليــش اإلسرائيلي، يدعى تال ديليان، وشوهدت في تل أبيب قبل نقلها أجهزة التجسس من اليونان إلى اخلرطــوم»، الفتة إلى «امتالك «ديليان» شــركة تقدم خدمات التجســس، لديهــا مكاتب عديدة في إندونيســي­ا، اإلمارات، إســرائيل، اليونان، مقدونيا الشمالية، اجملر، فرنســا، أيرلندا، جزر العذراء».

وأشارت إلى تلقيها إفادات من ثالثة مسؤولني أوروبيني، وأوضحت أّن هذه األجهزة ُصنعت في االحتاد األوروبي، كما كشفت عن اتصاالت سرية بني مجموعة بالغة التأثير في اليونان، وشــبكة شــركات «ديليان» والتي تعتبــر فاعلة في أزمة األمان الرقمي في االحتــاد األوروبي وتوفر هذا النوع من األجهزة بسهولة.

وميكن ألجهزة التجســس التــي حصل عليها «حميدتي» اختراق نظــام «أندرويد» و«أيفون» والبنى التحتية للشــبكات والتجسس البصري، فضــال عن تعقــب الـــ»واي فــاي»، واعتراض االتصاالت عبر الشــبكة الهاتفيــة (جي أس أم) والتعقب اجلغرافي عبر الهواتف.

وحســب التحقيق الذي شارك فيه صحافيون يونانيون، فإن الفرق بني هذه الشــركة وشركة «أن أو أس» التــي باعت تطبيق «بيغاســوس» وأثارت أزمة دولية، هــو أن األخيرة عملت وفق القانون اإلســرائي­لي وأحيانــا بتكليف من دولة

إســرائيل، أما هذه الشــركة فلديهــا ارتباطات عديدة.

وأشارت إلى أن هذه الشركة مرتبطة بفضيحة التجســس الكبيرة في اليونان قبل أشــهر التي اســتقال فيها رئيس االســتخبا­رات اليونانية، وتورط فيها ابن شقيق رئيس الوزراء.

وحســب «هآرتس» يحتــل «حميدتي» املرتبة الثانيــة في القيــادة بعد عبد الفتــاح البرهان، القائد العام للقوات املسلحة السودانية، وهو في الواقع يطمح إلى الســيطرة الكاملة على البالد، ويقود صناعة الذهب، وجنوده يقاتلون كمرتزقة في معارك خارجية، ولديــه عالقات مع مجموعة «فاغنر» الروسية.

والتقــى «حميدتي» باخملابرات اإلســرائي­لية مرتني منذ يونيو/ حزيران ،2021 حسب الصحيفة التي أكدت أنــه في العام املاضــي وحده «تورط مقاتلو قوات الدعم الســريع في عمليات االختفاء القسري للمتظاهرين في اخلرطوم، وإطالق النار العشــوائي على املدنيني، مبن فيهــم األطفال، في دارفور».

وعقب لقاء أعلــن عنه اجلانب اإلســرائي­لي، جمع رئيس مجلس السيادة االنتقالي آنذاك، عبد الفتــاح البرهان، ورئيس الوزراء اإلســرائي­لي، بنيامني نتنياهو، في مدينة عنتيبي األوغندية في 3 فبراير/شباط ،2020 بدأ التقارب بني اخلرطوم وتل أبيب. والحقا، تبادل مسؤولون إسرائيليون عددا من اللقــاءات مع قادة اجليش الســوداني و«الدعم السريع»، والتي كانت منفصلة في مرات عديدة.

وكانــت وزارة اخلارجيــة األمريكية قد حثت إســرائيل في مايو/ أيار املاضي، على عدم تطبيع العالقات مــع احلكومة التــي يقودها اجليش في السودان.

عرقلة مطالب الشعب

وندد تاور في تصريحــات لـ«القدس العربي» بتدخالت الكيان الصهيوني في السودان، مشيرا إلى مســاعي تل أبيب لتفتيت البالد إلى دويالت من خالل محاولــة تقوية أطراف عســكرية على حساب األخرى.

وأشــار إلى أن تل أبيب تعمل على اللعب على التوازنــا­ت بني األطــراف الســوداني­ة، من أجل حتقيق مصاحلها، والتي ترتكز بشكل أساسي على تعدد اجليوش، مبا يخدم توجهاتها التوسعية في املنطقة واستغالل موارد البالد.

ولفت إلى أنها ظلت تدعم االنقالب العسكري، وحتاول عرقلة مطالب الشعب السوداني، والتي من أبرزها التخلــص من ظاهرة تعدد اجملموعات املسلحة وامليليشيا­ت وبناء جيش وطني موحد.

ورغــم تأكيده علــى خطورة تقــدمي تل أبيب أجهزة جتســس لـ «حميدتي»، رأى أن تســريب معلومــات حولها في هذا التوقيــت، والتي رجح أن يكون مبالغا فيها، تهدف إلى «إرباك املشهد في السودان واســتغالل التقاطعات داخل املؤسسة العسكرية مبا يخدم مصالح إسرائيل».

وأشــار كذلك إلى أنهــا تريد من خــالل هذه التســريبا­ت إرســال إشــارات ألطــراف دولية ومحليــة بأنها حاضــرة في الســودان، وكذلك حتفيز األطراف اخلارجية التــي دعمت في وقت ســابق «حميدتي» والحقا أصيبت عالقتها به بـ «البرود».

ورأى أن الكيان الصهيوني وجد خالل الفترة االنتقالية، فرصة لم يحلم بها للتدخل في الشأن السوداني، بسبب املمارسات التي متت من بعض القادة العســكرين­ي واملدنيني، مؤكدا أن إسرائيل عدو للســودان وتطلعات شعبه في احلكم املدني الدميقراطي وبناء دولة قوية وموحدة.

تهديد أمني

ولفت إلــى أن إســرائيل متثل تهديــدا أمنيا رئيسيا للســودان ولعبت دورا كبيرا في انفصال جنوب الســودان في عام ،2011 واعتبرته نصرا الســتراتي­جيتها فــي املنطقــة وتفكيــك الدولة الســوداني­ة، مشــددا على أن اســرائيل لم تكن عالقتهــا تصاحلية يومــا ولكنها تضمــر العداء للســودان وتعتبــر وحدته واســتقرار­ه تهديدا خلططها القائمة على التمدد في املنطقة.

وشدد على أن أي محاوالت لتقوية مجموعات مســلحة على حســاب اجليش الســوداني غير واقعية، جلهــة أنه مؤسســة راســخة وكبيرة ولديه إرث عريق، وعلى الرغم مما تعرض له ظل متماســكا ويقف على أرضية قوية وصلبة، مؤكدا أنه من غير الوارد أن تصبح مجموعة مسلحة قوة موازية للجيش السوداني، مهما حدث.

وحســب ما قال احمللل السياســي احلاج حمد لـ “القــدس العربي»، فــإن العالقة بني اجليش السوداني واســرائيل جاءت مع التنسيق األمني بني اخملابــرا­ت األمريكية فيما عــرف بـ«احلرب علــى اإلرهاب». وزاد: «معلوم أن كل من ينســق مع الســي أي إيه، ينســق مع إســرائيل لوجود استراتيجية أمنية بينهما».

وأضــاف: «كذلك معلوم أن املوســاد جنح في السيطرة على احلركة الشعبية، خاصة بعد تولي ســلفا كير قيادتها، بعد وفاة زعيمها جون قرنق فــي ،»2005 معتبــرا االنفصال أهــم إجناز لهذه الشراكة، حسبما قال.

وتابع: «يبــدو أن إســرائيل بعدمــا ضمنت مشاركة حلفائها من احلركات املسلحة في اتفاقية الســالم املوقعة فــي 2020 وســيطرة اخملابرات األمريكية حليفها االســترات­يجي على الســاحة السياســية املدنية في الســودان، وفــي الوقت نفســه وجود حالة من الــود املفقود بني اجليش وحميدتي، فإن السياســة األمنيــة الصهيونية تتجه دوما لتوسيع قاعدة حلفائها»

ورأى أن «حميدتــي وميليشــيا­ته هما العصا الغليظة لإلمارات في اليمن وليبيا».

 ?? ?? من تظاهرات أمس في السودان
من تظاهرات أمس في السودان

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom