Al-Quds Al-Arabi

انتخابات الطالب في مصر: اختبار لنوايا السلطة ومخاوف من التجاوزات

- من تامر هنداوي:

تعد انتخابات احتادات طــالب اجلامعات في مصر، التي من املقرر أن تنظم في الرابع من شــهر ديســمبر/ كانون األول اجلاري، مؤشــرا على ما إذا كانت البالد ستشــهد انفراجة كما يتردد خالل الفترة األخيرة، أم ستتكرر التجارب نفسها التي شهدتها اجلامعات خالل السنوات املاضية.

وكشــف تقرير للجنة العليا املشرفة على هذه االنتخابات، عن ارتفاع أعداد الطالب للترشح في االنتخابات الطالبية في اجلامعات واملعاهد خالل العام الدراسي احلالي.

28 ألف مرشح

ووفقا للتقرير ستشــهد االنتخابات مشــاركة كبيرة من جانــب الطالب، حيث ترشــح 14813 طالبــا 13397و طالبــة بإجمالــي 28210 طالب وطالبات، في72 جامعة حكومية و61 جامعة أهلية وخاصة وتكنولوجية و58 معهدًا.

ولفت إلى أن العام الدراســي 2022/2021 شهد ترشــح 26793 طالبا وطالبة، أما العام الدراسي 2021/2020 فقد شــهد تقدم 25178 طالبا وطالبة، بينما شهد العام الدراسي 2020/2019 تقدم 24864 طالبا وطالبة، لتعد مشــاركة الطالب خالل العام الدراســي احلالي أكبر املشــاركا­ت للطالب خالل السنوات األخيرة. مؤشر لسياسات احلكم وتعتبــر املعارضة املصريــة انتخابات احتاد الطالب أول اختبار حقيقي للحوار الوطني الذي دعا له الرئيس املصري عبد الفتاح السيســي في أبريل/ نيســان املاضي، وأن ما ستشهده سيكون مؤشــرا على حقيقة االنفراجة السياســية التي تتحــدث عنها الســلطة في مصــر، والتي متثلت باإلضافة إلى جلســات احلوار، في إعادة تشكيل جلنة العفو الرئاسي ملراجعة ملفات سجناء الرأي متهيدا لإلفراج عنهم، وإطالق استراتيجية وطنية حلقوق اإلنسان.

رئيس حزب التحالف الشــعبي االشــتراك­ي، مدحت الزاهد، عبر عن أمله في أن تكون انتخابات الطالب تعبيــرًا حقيقيًا عن انفراجــة تفتح باب األمل في أحقية التمثيل والتنظيم.

وأضــاف: «نأمل أن جتري هذه االنتخابات في أجواء تتســم بالنزاهة واحلياديــ­ة وعدم تدخل اإلدارة في العملية االنتخابية ســواء باالستبعاد أو الشطب أو التدخل لصالح قائمة من القوائم».

وتابــع: «االنتخابات هي حافز مهــم لقراءاة سياسيات احلكم حول أهمية وجود انفراجة تفتح باب األمل والتمثيل احلقيقي لألشكال التنظيمية املعبــرة عنهم، مبا ميكــن من تفكيــك اخلناق أو احلصار املفروض على احلركة السياسية مبختلف أطيافها والتي أحد أجنحتها احتاد الطلبة».

لكن الزاهد عــاد وربــط أي انفراجة في ملف الطالب بتغيير اللوائح الطالبية لتسمح مبمارسة النشاط الثقافي والسياسي في اجلامعات طاملا مت االلتزام باألطر القانونية واستئناف نشاط األسر وكل أشكال التعبير الطالبي.

وزاد: «أثبتت احلركة الطالبيــة أنها كانت في الصدارة في الدفاع عن الوطن، وال ميكن أن ينسى لها تاريخها اجمليد فــي أربعينيات القرن املاضي، ثم في الفتــرة التي تلت هزميــة يونيو/ حزيران 1967 وخــالل عقــد الســبعيني­ات، ومطالبتهــ­ا املســتمرة بتحرير األراضي املصرية من االحتالل الصهيوني».

ولفت إلــى أن «أمانة العمــل اجلماهيري في حزب التحالف الشــعبي االشــتراك­ي ستبحث ضمــن جــدول أعمالهــا متابعــة االنتخابات الطالبية وإمكانية التنسيق والتعاون مع القوى املدنية األخرى من أجل ذلك».

محمد أنور الســادات، رئيس حزب اإلصالح والتنميــة، اعتبــر أن انتخابــات االحتــادا­ت الطالبيــة املزمع إجراوها مبثابة «مؤشــر لثمار ومخرجات احلــوار الوطني الذي يجرى حاليا، إذا مــا متت بالشــكل املناســب الذي يســمح بتأسيس كيانات طالبية فاعلة ومؤثرة».

إتاحة الفرصة للشباب

وأكد، في بيــان، أن «انتخابــات االحتادات الطالبيــة ســوف جترى فــي أجــوار احلوار الوطني، وال بد وأن تبرهن على أننا أمام مرحلة جديدة وتعكس لنا تطبيقــا عمليا للدميقراطي­ة وإتاحة الفرصة للشباب».

وقال إن االنتخابات «ال بد أن جتري بعيدا عما كان يحدث من جتاوزات في الترشح والتصويت وفرض قائمة واحدة وأجواء التدخالت اإلدارية واألمنية وغيرها ممــا كان يجعلها مجرد عملية شكلية ال طائل من ورائها».

وطرح عدة تســاؤالت حول االنتخابات «هل طالب يخضعون للتفتيش عند باب جامعة القاهرة

سوف نرى انتخابات طالبية ليست بالضرورة مثالية، وإمنا حقيقية تسمح للجميع باملنافسة؟ هل ســوف نســمع عن إحجــام عن املشــاركة والتصويــت وعــزوف للطــالب؟ هل ســوف تتكرر صرخات واســتغاثة الطالب من التجاوز واإلقصاء والقائمة الواحدة؟».

ومتنــى «أال يتكــرر ذلــك، وأن نــرى هــذه االنتخابات بشــكل جديد يليق باحلوار الوطني واجلمهورية اجلديدة».

ورغــم الزخــم الــذي شــهدته االنتخابات الطالبيــة بعد ثــورة 25 يناير/كانــون الثاني ،2011 التــي أطاحت بالرئيــس املصري محمد حســني مبارك، فإن الســلطة فــي مصر عمدت بعــد عــام ،2013 إلــى تضييق اخلنــاق على احلركات الطالبيــة، فعطلت االنتخابات لعامني متتاليني. كما حاولت خالل تلك الفترة، التمهيد إلجراء انتخابات مضمونــة النتائج، من خالل إدخال تعديالت على الالئحــة املالية واإلدارية لالحتادات، تهدف بشكل واضح إلى التحكم في االنتخابــ­ات. وكان على رأس تلــك التعديالت، إضافــة بعض الشــروط الواجــب توافرها في املرشحني النتخابات االحتادات الطالبية والتي كان أهمهــا: عدم انتماء املرشــح إلــى «جماعة إرهابيــة» ووجوب أن يكون للمرشــح نشــاط طالبي سابق.

وفــي 19 أغســطس/ آب ،2017 أعلن اجمللس األعلــى للجامعات، اعتمــاده الالئحة الطالبية اجلديــدة، القائمة حتــى اآلن، وألغت الالئحة احتــاد الطالب على املســتوى القومــي متاما، واكتفت باحتــادات الكليــات واجلامعات على غرار الئحة 1979 واملعدلة في عام .2007

واشــتملت شــروط الترشــح فــي الالئحة اجلديدة على بنود مــن بينها «أن يكون الطالب مســتجًدا في فرقته، وأن يكون له نشاط طالبي موثق، أن يكون محمود السيرة حسن السمعة، وأَّلا يكون قد وقع عليه جزاء تأديبي، وأَّلا يكون قد حكم عليه في عقوبة جنائية مخلة بالشــرف واألمانة، ما لــم يكن قد رد إليه اعتبــاره، و ألا يكــون منتميا إلى أي تنظيــم أو كيان أو جماعة إرهابية مؤسسة على خالف القانون».

هذه الشروط، حســب تقرير سابق ملؤسسة حرية «الفكر والتعبير»، تتســم بـ «التعســف والعمومية وسهولة التأويل واستحالة التطبيق العــادل، حيث ميكن إلدارة اجلامعــة أن تكيفها كما تشاء، وبالتالي تســتطيع شطب أي طالب قد يكون متبني ًا خ ًّطا سياس ّيا معارض ًا أو مستق ًّلا على أقل تقدير».

وعليــه «الدولــة اســتهدفت مــن الالئحة اجلديدة»، أمرين رئيســيني: أولهمــا أن «تلغي مســتوى احتاد طالب مصــر، وبالتالي جتتنب متاما إمكانية فوز طالب معارضني أو حتى طالب يتمتعون بقدر من االســتقال­لية في كيان يعتبر املمثل الشرعي لطالب مصر».

األمر الثاني، وفق املنظمة هو «التشــدد فيما يتعلق بشــروط الترشــح، وبالتالي تســهيل املنع من املنبع ألي طالــب قد تبدو عليه عالمات املعارضة أو االستقالل».

وخلصت إلى أن اجلامعات في مصر «انتقلت من بداية عقد شــهد زخما في اجملال العام، كانت احتادات الطــالب، في القلب منــه، بانتخابات حــرة تتنافس فيها قــوى متنوعــة ومختلفة، إضافــة إلى الطالب املســتقلن­ي فــي ،2011 إلى احتادات طالب يتم تعيــني الكثير من أعضائها، وفوز آخرين بالتزكية».

 ?? ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom