Al-Quds Al-Arabi

«إندبندنت»: حتقيق استقصائي يكشف تورط الشرطة اإلسبانية في وفاة مهاجرين في مليلية

-

لندن - «القدس العربي» من إبراهيم درويش:

نشــرت صحيفة "إندبندنــت" نتائج حتقيق أعدته بياتريس رامالو دا ســيلفا، كشــفت عن تورط قوات أمن احلدود اإلســباني­ة في مقتل 23 طالب جلــوء أفريقيا حاولــوا اختراق احلدود إلى إســبانيا. وكشــف التحقيــق القائم على أشــرطة فيديو وشــهادات الدور الــذي لعبته الشرطة اإلســباني­ة. وقالت إن مئات من طالبي اللجوء بدأوا بالســير فــي 24 حزيران/يونيو نحو الســياج الفاصل املغرب عن مليلية املنطقة التي تسيطر عليها إســبانيا في شمال أفريقيا، وكان من بني الزاحفني نحو الســياح علي وعدد من الســوداني­ني طالبي اللجوء السياســي من أمثاله. ولم تكن هــذه أول محاولة لعلي للعبور إلــى أوروبا، فقد قضى في املاضي أربعة أشــهر محتجزا في ليبيا بعدما غــادر بلده في دارفور والبحث عن قارب ينقله عبر البحر املتوسط إلى ليبيا. وكان يأمل هــذه املرة بالعبور واحلصول على طلب جلوء في إسبانيا.

«األكثر دموية»

وقال علي: "قررنــا التحرك مبكــرا، ألنه لو حــدث أمر ســيئ فســيراه كل العالــم". ولكن األحداث التي تلت احملاولة ظهرت وكأنها األكثر دموية في تاريخ احلدود األوروبية، في الذاكرة القريبــة. وقتل علــى األقل 23 الجئــا وال يزال هناك 77 مجهولي املصيــر. ويعتقد أن الطريقة الوحشية التي تصرفت بها الشرطة واستخدام الغاز املســيل للدموع املفرط رمبا كانت ســببا في زيادة أعداد املوتــى واجلرحى. ولم يحصل اجلرحى على مســاعدة طبية في الساعات التي تلت احلادث.

وحاولت إسبانيا التحلل من مسؤولية القتل. وأكد وزير الداخلية فرناندو غراندي مارلســكا أن أيــا من عمليــات القتل حدثت علــى التراب اإلسباني.

لكن اللقطات التي لم تنشر من قبل وصورتها

غرف التحقيق االســتقصا­ئي فــي اليت هاوس ريبورتــس بشــراكة مــع صحيفــة إلبايــس اإلســباني­ة ودير شــبيغل األملانيــ­ة ولوموند الفرنســية تظهر كيف وجد الذين وصلوا موقع املراقبة احلدودي باريو تشينو وبعد دقائق من وصولهم أنفسهم وسط تدافع قاتل حصل داخل األراضي اإلســباني­ة. وأخبر مســؤول بارز في الشرطة اإلسبانية طلب عدم الكشف عن هويته أن هنــاك احتماًال كبيــرًا من أن "النــاس ماتوا في إســبانيا"، وهذه أول مرة يقدم فيها ضابط شرطة إسباني اعترافا كهذا.

شهادات

وقام تقريــر اليتهاوس ريبورتــس بإعادة بناء حتقيق اســتقصائي متقــدم لألحداث على احلــدود، وقــام مبقاربة عــدد من الشــهادات والتحليل لصــور الفيديــو ومقابلــة عدد من املســؤولن­ي البارزين في الشــرطة اإلســباني­ة وعدد من الناجني. ويكشف التحقيق كيف قامت الشرطة اإلســباني­ة واملغربية بتنسيق عمليات دفع 470 مــن طالبي اللجوء مــن املناطق التي تسيطر عليها الســلطات اإلسبانية إلى املناطق املغربية، حيث ماتت أعداد مــن طالبي اللجوء بعد ذلك.

وتكشــف ســاعات التســجيل أن القــوات اإلسبانية كانت واعية بالعنف الذي يحدث على احلدود ولكنها دفعت الالجئني إلى اخملاطر. وفي كل عام يتجمــع املهاجرون ومعظمهم من أفريقيا في بلدة ندور من أجل القفز على الســياج الذي يفصل بني البلدين. وقال عبــدول - 22 عاما - إنه حاول فــي 22 حزيران/يونيو عبور املنطقة احلدودية التي تفصل بــني البلدين، لكنه وجد نفســه وســط أمواج املهاجرين، وقال إن قوات األمن املغربية منعتهم من اخلروج عندما وضعت نفســها خلفهم ومنعتهم من اخلــروج. وتظهر أشــرطة الفيديو كيــف قامت القــوات املغربية بإطالق 20 عبوة من الغاز املســيل للدموع على الالجئني في املنطقة املغلقة وعلى مدى 8 دقائق.

وقبــل حلظات مــن اللقطــات التــي حللها اليتهــاوس لغرض هــذا التحقيق، كشــف عن

إطالق القوات اإلســباني­ة الغاز املسيل للدموع. ويعتبــر اســتخدام الغــاز املســيل للدمــوع وبطريقة مفرطة ممنوًعا حسب القانون الدولي ومبســاحات ضيقة ومغلقة. وعندما فتح الباب حتركــت القــوات املغربية باجتــاه املهاجرين وعندها بــدأ التدافع. وقال عبدول "عندما وقعنا على األرض لم نســتطع الوقــوف وكانت قوات احلكومة فوقنــا وكانوا يضربــون الناس بكل أنواع األشياء. وتعرض الكثيرون لألذى، ومن هذه اللحظة لم أســتطع املشــي". وفــي فيديو ظهــر في اليوم نفســه، شــوهد عبــدول حتت مجموعة من األجساد املتراكمة فوقه. واستطاع 500 شــخص تقريبــا فتح الســياج على باريو تشــينو ودخلوا مليلية. وحســب الصور التي التقطها الصحافيون فقد كان الضباط اإلســبان يواجهون مجموعة من األشخاص يقفون خلف سياج احلراس ودخلت الشرطة املغربية مليلية وكانوا يضربون املهاجرين بالهراوات. ويتذكر سام، الذي كان في السادســة عشرة من عمره كيف احترقــت عيناه من الغاز املســيل للدموع الذي أطلقته قوات احلرس املدنية اإلســباني­ة. وكانــت شــرطة البلدين تصيح وتطلــق الغاز املســيل للدموع. وحاول ســام التفكير بإخوته في الســودان. وماتــت والدته عندمــا كان في ليبيا، حيث اعتقل لفتــرة قصيرة بعد محاولته الوصــول إلى أوروبــا عبر البحــر. وكان يأمل بالوصــول إلى إســبانيا، لكن ما حــدث بعد ال يزال يالحقه، فقد قيدت الشرطة اإلسبانية يديه وسلمته للشرطة املغربية. و"مت جر الكثيرين منا من األراضي اإلسبانية للجانب املغربي".

صور مروعة

ويضيف ســام "عندمــا أجبرت علــى العودة، شاهدت الكثير من األشــخاص املوتى على األرض. ورميت فوق اجلثــث وجروني ورمونــي على هذه اجلثــث بعد ضربي بقســوة". وتعاونت الشــرطة املغربيــة واإلســبان­ية على دفع حوالــي 470 الجئا ومت ترحيلهم فورا ومنعــوا من تقدمي طلبات جلوء. ومت إطــالق حوالي 65 طلقة من اجلانب اإلســباني حســب مصادر احلرس املدني، وهي قوة الشــرطة

مهاجرون ينتظرون في طابور للحصول على إقامات مؤقتة أمام مركز لالجئني خارج مركز للشرطة في جيب مليلية اإلسباني

الوطنية. ومن بني الصور املروعة التي انتشرت بعد ذلك على اإلنترنت صورة رجل شــرطة مغربي وهو يقوم بجس نبض شــخص كشــف عن هويته بأنه عبد العزيز يعقوب، واملعروف لعائلته باســم أنور، وتوصل إلى أنه ميت، وشــوهدت جثــة أنور داخل األراضي اإلسبانية.

وقال إبراهيم، 27 عاما الرجل السوداني وصديق أنور إنه شــاهده ميوت أمام عينيــه. وكان يتحدث من الرباط بعد أيام من مداهمة الشــرطة املنزل الذي كان يقيم فيه كجزء من حملة تخويف. وقال إبراهيم إنه رأى الشــرطة املغربية وهي تضرب صديقه بعد معاناتــه من آثار الغاز املســيل للدموع. وقالت ابنة شــقيق أنور إنها علمت وهي في السودان عن وفاة عمها بعدما نشــرت جمعية حقوق اإلنسان املغربية

صورة له على فيســبوك. وأقامــت العائلة عزاء له ولكنها لم تســتلم بعد جثته. و "نريد العدالة ونريد محاسبة املسؤولني ونريد دفن األشخاص سريعا". وقالت السلطات املغربية إن حادثة حزيران/يونيو قتل فيها 23 شــخصا، لكن الناشــطني يعتقدون أن العدد أعلى إلى جانب 70 شخصا ال يعرف مصيرهم. ورغم األعــداد التي كانت موجودة فــي ذلك اليوم فلم يتم حشــد اخلدمات الطبية ملســاعدة اجلرحى من اجلانب اإلســباني واملغربي. وفي مليلة، لم تكن هناك سوى سيارة إسعاف وقفت 100 متر بعيدا عن املنطقة ولم تقترب ألســباب أمنيــة، أما في اجلانب املغربي فقد كانت ســيارات إســعاف خصصت فقط لنقل املوتى.

وبعد إجبــار الالجئني على العــودة إلى املغرب

ظلوا ولســاعات حتت الشــمس في وقــت واصلت فيه الشــرطة املغربية ضربهــم. وفي ضوء ما حدث لم ترد الســلطات املغربية على طلــب للتعليق قبل نشــر التحقيق، أما وزارة الداخلية اإلسبانية، فقد وصفت ما حدث بأنها "واحدة من األحداث املأساوية التي حدثت فــي 24 حزيران/يونيــو على األراضي اإلســباني­ة" و"في ضــوء التصرفــات املتطرفة من املهاجرين، تعامل العمالء اإلسبان بطريقة مناسبة".

ورفضت الوزارة مزاعم ضرب الشرطة املهاجرين وقالت إنها متثيل سيئ وصارخ غير صحيح ملا فعله اإلســبان، وإن الشرطة املدنية ســاعدت املهاجرين عندما وصلوا ووفرت لهم املساعدة املطلوبة، مضيفة أن معاملــة املهاجرين على احلدود اإلســباني­ة متت بناء على القانون اإلسباني.

 ?? ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom