Al-Quds Al-Arabi

«إيكونوميست»: اإليرانيون فقراء وال يتحملون اإلضرابات والنظام في مأمن حاليًا

-

علقت مجلة "إيكونوميسـ­ـت" علــى انتفاضة إيرانيــني الذيــن وصفتهــم بالفقــراء لدرجة ال تعطيهم القدرة على تنظيــم اإلضرابات. وقالت إن النظــام اإلســالمي يســتخدم التهديــدا­ت واالعتقــا­الت وزيادة الرواتب فــي عملية تهدف إلسكات العمال.

وجــاء فــي التقريــر أن منصــات التواصل االجتماعــ­ي حافلة بالدعــوات إلضرابات عامة، وهي إشــارة للتاريــخ عندما قرر عمــال النفط اإلضراب فــي عام 1978 حيــث انخفض اإلنتاج بنســبة الثلثني وكافح نظام الشــاه من أجل دفع الفواتير املســتحقة عليه. وفي وقت الحق شــل اإلضراب العام البالد عن احلركة. وبعد عام أطاح اإليرانيون بنظام الشاه.

ويأمــل اإليرانيون بتحفيز حركــة كهذه هذا العام، ويتــم من خاللها اإلطاحــة بنظام املاللي الذي حل محل الشــاه وطوال هذه السنني. وفي تشــرين األول/أكتوبر انتشــرت االحتجاجات املضــادة للحكومة وغــادر العمــال واملوظفون مكاتبهــم في عــدد من محطــات الغــاز والنفط وأحرقوا إطارات السيارات في الشوارع.

إال أن التظاهرات تالشــت بعد أسابيع، وعاد العمال إلى وظائفهم ولــم تتوقف عجلة تصدير النفط. وكانت تلــك احلادثة تذكيــرا باملعوقات التي تقف فــي وجه احلركة العماليــة في إيران وكــذا املعارضة العامــة للنظــام. والتظاهرات هي في شــهرها الثالث، حيــث انطلقت بعد مقتل الشــابة مهســا أميني،22 عاما، التي ماتت بعدما اعتقلتها شــرطة األخــالق التــي اتهمتها بعدم ارتداء احلجاب بطريقة مناسبة، ولكنها حتولت اآلن إلى ما يشــبه لعبــة الفأر والقــط مع قوات األمن اإليرانية. وهي اآلن عبارة عن احتجاجات صغيرة في شوارع املدن أو حرم اجلامعات والتي يتم أحيانا قمعها بشراسة.

مقتل 300 محتج

وقتل أكثر من 300 محتــج، من بينهم 40 طفال منذ بداية االنتفاضة. وترى منظمة حقوق إنسان نرويجية أن عدد الضحايــا قريب من .400 إال أن االضطرابات أضافت حلس االضطرابات، وبعيدا عن توقــف العمل فــي قطــاع البتروكيما­ويات،

ففي أســبوع واحد من تشــرين الثاني/نوفمبر ترك العمال أعمالهم في شــركة ديــزل قريبة من العاصمة، طهــران. وفعلوا األمر نفســه مبصنع أملنيوم في اجلنوب. وقرر عمال اإلطفاء اإلضراب في مدينة مشهد، شرق البالد.

وأغلقــت الكثير مــن احملــالت التجارية في بازار طهــران أبوابها ولعدة أيام. ونظم املعلمون وســائقو الشــاحنات إضراباتهــ­م. ورغم تعدد اإلضرابــا­ت إال أن أعــدا ًدا قليلــة مــن العمــال واملوظفني شاركوا فيها لكي متثل تهديًدا للنظام. وبعد ســنوات من العقوبــات االقتصادية باتت حياة معظم اإليرانيني صعبة.

واعتــرف اإلعــالم الرســمي بــأن نســبة اإليرانيني الذين يعيشــون علــى 3 دوالرات في اليوم تضاعفت إلى .%31 وشــهد العقد املاضي انخفاضا في القدرة الشــرائية ألصحاب البيوت مــن الطبقــة املتوســطة بنســبة .%15 وحتى لــو كانوا متعاطفــني مع احملتجني فال يســتطيع اإليرانيــ­ون اإلضراب. وكما في عــام 1978 يظل النفط والغاز ضروريا لنجاة النظام.

ورغم العقوبات األمريكية، اســتطاعت إيران تصديــر 800.000 برميل نفط يوميا في تشــرين األول/أكتوبــر، ومعظمه إلى الصــني. ورغم أنه يباع بأسعار مخفضة إال أن التصدير يظل مصدرا مهما للعملــة الصعبة في بلد ال ميلــك الكثير من املصادر املدرة للمال.

تهديدات وقمع

ولم تســتمر اإلضرابات، فقد قامت الشــرطة باعتقال أعداد مــن املنظمني وهــددت املضربني مبزيد من القمع. وطلب من مدراء الشــركات أمر عمالهم بالعــودة للعمل وإال ســجنوا هم أيضا. وال يعــد التهديد والتخويف ســببني رئيســيني في جتنب العمال اإلضرابــا­ت، بل ووضع نصف عمال النفــط وعددهــم 205 آالف موظف الذين استخدمتهم احلكومة بناء على عقود مقيدة، ولو فصلوا من أعمالهم فسيصعب عليهم العثور على عمل جديد.

وتعتبر نقابــات العمال قوة مهمــة في إيران وقامت بتنظيم سلسلة من اإلضرابات كل أسبوع في منتصف 2018 والتي أســهمت في احتجاجات عام ،2019 حيث تظاهر الناس في تشرين الثاني/ نوفمبر بعدمــا رفعت احلكومة أســعار الوقود.

ولهذا قامت احلكومة بتخويــف واعتقال القادة النقابيني وحظــرت العديد من املواقــع التابعة للنقابات على اإلنترنت. وعانت النقابات بسبب التغيرات االقتصادية طويلة األمد، فالشــركات اململوكــة مــن الدولــة والقطاع اخلــاص تقوم باستئجار متعهدين وال تعني موظفني دائمني كما في العقود املاضية.

إنهاء عمل موظفني

وبات مــن الســهل إنهاء خدمــات املوظفني. لكل هــذا تراجعت عضوية النقابــات، حيث قدر الباحثون فــي جامعة طهران عــام 2020 وجود نســبة ما بني %50-40 من قوة العمل تعمل في القطاع الرسمي بدون نقابات لتنظمهم. وبسبب ضعــف النقابات والســوق الرمــادي الضخم، فقد اســتطاع النظام التأكد من انقســام العمال. وأعلن في بداية العام عن زيــادة رواتب القطاع العام واجلنود واجملندين، مع أن الزيادة ابتلعها التضخم الــذي وصــل اآلن إلى نســبة ،%50 ولكن احلكومة عرضت الحقا زيادة أخرى لعمال اخلدمة املدنية واملتقاعدي­ن. وهي حتركات كافية لكي متنع إضرابات واسعة شلت نظام الشاه في املاضي. ويقترح املعارضــو­ن للنظام في الداخل واخلارج إنشاء صندوق لتعويض العمال الذين يطردون من عملهم، لكن النظام سيعقد من كيفية حصولهم على املال.

ورمبا لعب الشتات اإليراني، دورا في حتويل األمــوال للعمــال، إال أن هذا يعني قيــام أمريكا بتخفيــف عقوبات كتلــك التي فصلــت البنوك اإليرانية عــن النظام املالي العاملــي، وهذا ليس محتمال. وفي الوقــت احلالي ميكن للنظام جتنب اإلضرابــا­ت العمالية من خالل شــراء مؤيديه، لكنه ال يســتطيع طباعة النقود بشــكل مســتمر والتي ستزيد من التضخم وتفقد العملة اإليرانية املزيد من قيمتها.

ورغم ارتفاع أسعار النفط والضرائب العالية، إال أن امليزانية اإليرانيــ­ة تعاني هذا العام عجزا. وفي تشرين األول/أكتوبر قالت اللجنة املالية في البرملان إن آية الله خامنئي، مرشــد اجلمهورية وافق على استخدام الصندوق السيادي للحد من العجز في امليزانية. وطاملا عجز النظام عن تقدمي أجوبة جيدة للمتظاهرين في الشــوارع والعمال في املصانع فسيظل يواجه أزمة تهدد مصيره.

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom