Al-Quds Al-Arabi

في املونديال: حمالت مسعورة من بعض الدول املشاركة وفلسطني حاضرة في وجدان الشبان العرب!

مرمي

-

منــذ بداية املونديــا­ل وقطر في مواجهة حمــات كبيرة من التشــويه والتشــكيك. حمات حتاول جهدها لتنال من قدرة الدوحة كبلد عربي على استضافة حدث رياضي عاملي ككأس بطولة العالم في مباريات كرة القدم.

جيوش الكترونية مسيســة ووســائل إعام عديدة شــنت حمات شرســة محاولة الطعن بإمكانات البلد املســتضيف، وفــرض قيمها، وعاداتهــا وأفكارهــا. لكن دولة قطــر، ورغم كل هذا التشــويه أبهــرت العالم من خال مــا قدمته في حفل االفتتاح الذي يعكس روح الثقافة العربية واإلسامية.

إن الرياضة ليست فقط ميدانا للتنافس بني الفرق املشاركة فحســب، ولكنها أيضــا فرصة تلتقــي فيها ثقافــات متنوعة وأحيانًا متناقضة. إذًا هي مناسبة ملعرفة اآلخر والتعرف على عاداته وتقاليده وتقبله كمــا هو. من دون أن يفرض بلد معني ثقافتــه ووجوده على بلد آخر، محاوال تغيير عاداته وقوانينه وقيمه أو جترميه ألنه ال يتقبل ما ينادي به الطرف اآلخر.

لطاملا دافع اجملتمع األوروبي عن حقوق املثليني ألنه نابع من قناعات بعض شعوبهم، ويتناســب ومعتقداتهم ومفاهيمهم حلقوق اإلنسان. لكن ما يرونه مناســبًا وما يرونه طبيعيًا قد ال يتماشى في ظل اختاف القيم واألعراف في باد أخرى لها ثقافتها اخلاصة، وقوانينها املستنبطة من طبيعة مجتمعها.

لقد شــبه يومــا بوريــس جونســن رئيــس وزراء بريطانيا السابق النســاء املنقبات بصناديق الرسائل، ولم يفكر يومها في مشــاعر مايني النســاء املســلمات في أنحــاء العالم. وال نذكــر حينها أن الشــعوب العربيــة وال حتــى أنظمتها طالبت مبقاطعة بريطانيا.

دولة قطر لم متنع أحدا من القدوم إلى كأس العالم، بل على العكــس حرصت علــى دعوة اجلميع وكل مــا طلبته منذ بداية املونديال هو إظهار االحترام للثقافة والقوانني والدين.

وهذا مــا تدعو لــه كل دول العالم مبا فيهــا بريطانيا، التي قرر عمــدة عاصمتها مؤخــرًا إزالة كل اإلعانــات ذات الصلة باحلــدث الكبير الذي تعيشــه الدوحة هذه األيــام، دفاعا عن مجتمع امليم.

وأكدت صحيفة «الفايننشــ­ال تاميز» البريطانية أن شركة «تــي أف أل» حظرت هذا األســبوع كل اإلعانات القطرية في محطاتها، وعلى القطارات واحلافات وسيارات األجرة، وكل ذلك بسبب موقف قطر من رفع علم املثلية اجلنسية!

لكــن يبدو أن عمدة لندن لم يفكر في تداعيات قراره الذي قد يضع اململكة في مزيد من التحديــات االقتصادية، فقطر متلك اســتثمارا­ت وصندوقــ ًا ســيادي ًا ضخم ًا فــي بريطانيا. وبعد ســحب إعاناتها من داخل محطات املتــرو والقطارات، بدأت بالتهديد مبراجعة تلك االســتثما­رات في البــاد. وصرح أحد املسؤولني املكلفني باملراجعة للصحيفة قائا: «إن قطر ستقوم مبراجعة االســتثما­رات القطرية احلالية واملستقبلي­ة أيضا في بريطانيا».

وهكذا، بدل أن تكون الرياضة نافذة للتقارب بني الشــعوب واجلمــع بينهــا على احملبة والســام، جــاء املونديــا­ل ليثبت لنــا أن بعــض دول العالم تفتقــر الكثير من القيــم، ومن بينها احتــرام اآلخــر وتقبله على اختــاف دينــه ومعتقداته. املزيد من التصعيد لن يجلب ســوى املزيد من املشاكل والتصدعات واحلساسيات بني بلدان العالم. وال حل يجمعنا سوى احلوار وقليل من احملبة.

فلسطني حاضرة في املونديال

ومــن التجاذبــا­ت االنكليزيـ­ـة - القطرية، إلى صــراع دائم وفتوح بني البلدان العربية واسرائيل.

لقد أكدت الشعوب العربية، كما تبني واضحا في املونديال، رفضها التام للكيان الصهيوني اإلســرائي­لي، رغم تطبيع أربع دول عربية لها، هكذا أظهر الشــبان العــرب كل الدعم واحملبة لفلســطني، مؤكدين أن ال وجود ملا يسمى إســرائيل. مما أثار اســتياء اإلعام اإلســرائي­لي. فانتشــرت مقاطع فيديو كثيرة تعكس رفض العرب التام للتحدث أو االقتراب من مراسليهم. وقــال أحــد املراســلن­ي بعــد أن صــدم بــردة فعل املشــجعني العرب:»نحن محاطون بالكراهية. غير مرحب بنا. املشــجعون ال يردوننا».

حتى أن بعض املراســلن­ي حاولوا إخفاء هوياتهم ليكسبوا ولو حــوارًا واحدًا، مع أي من املشــجعني، ولكن دون جدوى. فتارة ادعوا أنهم من أملانيا وأخرى أنهم من االكوادور!

وقــد وصل بهم احلال إلخفاء شــعار القناة. ورغم كل هذا لم يتمكنوا من اقناع أحد الشــبان العــرب بالوقوف والتحدث معهــم، إال واحــدا على وجــه التحديد. هكذا وقــف إلى جانب املراسل اإلســرائي­لي وهو يبتسم، فاعتقد املراســل أنه أخيرًا وجــد من يحادثه. وما أن أعطاه امليكروفون للتكلم حتى صرخ املشــجع املصري وبأعلــى صوته «فيفا بالســتاين»، أي حتيا فلسطني».

وقد انتشــر أيضا فيديو آخر لســائق قطري يقود ســيارته فيمــا يجلــس فــي اخللــف صحافــي. وقد شــك الســائق أن الراكب قد يكون مواطنا إســرائيلي­ا، فســأله وبشــكل مباشر: هل أنت اســرائيلي؟ أجابه الراكب: ال ولكن إن كنت اسرائيليا ماذا تفعل؟ رد الســائق وبصراحة مطلقة: لو كنت إســرائيلي­ا ألنزلتك من سيارتي!

وبعــد فــوز املغرب علــى بلجيــكا اجتمع اجلمهــور املغربي لينشــد وبــكل حمــاس لفلســطني، حاملــني رســالة محبــة موحدة:»يا حبيبة يا فلسطني.. أه يا زينة البلدان.. قاومي ربي يحميك.»

أهازيــج ارتفعــت حتى وصل صداهــا إلى أعلــى نقطة في السماء.

كل هــذه املواقــف، التي صــدرت عن الشــبان العرب خال املونديال تؤكد وبصــورة واضحة أن الشــعوب العربية كلها في واد وحكوماتها في واد آخر.

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom