Al-Quds Al-Arabi

خبز الباغيت الفرنسي يغذي التراث الثقافي غير املادي للبشرية

-

باريــس - أ ف ب: أدرجــت منظمــة اليونســكو األربعاء خبز الباغيت الشهير الــذي َيــِزن 250« غرامــًا مــن الســحر والكمــال» علــى قائمتها للتــراث الثقافي غير املادي للبشــرية، نظرًا إلى كونه رمزًا معبــرا عن الثقافة الفرنســية فــي العالم، وعنصــرا أساســيا فــي احليــاة اليومية للفرنسيني.

ويش ّكل هذا التصنيف تقدير ًا للمهارات احلرفيــة فــي إعــداد الباغيــت وللثقافة احمليطــة بهــذا العنصــر الــذي ال تكتمــل املائــدة الفرنســية مــن دونــه، إذ تهدف املنظمــة الدوليــة مــن قائمتهــا هــذه إلى التعبير عــن أهمية التقاليــد وعن ضرورة احلفاظ عليها ال على املنتجات نفسها.

وهــذا اخلبــز ذو القشــرة املقرمشــة والداخل الطــري، والذي ظهــر في مطلع القرن العشــرين في باريــس، يعتبر اليوم أكثر نوع خبز يستهلك في فرنسا.

اخملبز

ويشــكل الذهــاب إلــى اخملبــز للتــزود بالباغيــت، كمــا يفعــل 12 مليــون مســتهلك فرنســي يوميًا، عنصــرًا متجذرًا فــي اجملتمع الفرنســي، وواحدة من العادات املتأصلة في يوميات الفرنسيني. ويصل عدد قطع الباغيت التي تباع سنويا إلى ستة مليارات.

ورأى رئيــس االحتاد الوطنــي للمخبوزات واحللويات الفرنســية دومينيــك أنراكت في بيــان أن إدراج الباغيت في قائمة اليونســكو «خبــر كبيــر للخبازين، وهــو مبثابــة تقدير». وقــال لوكالة فرانس برس مــن الرباط، حيث أعلنــت نتائــج تصنيــف اليونســكو، أن هــذا اإلدراج قد يدفع «الشــباب إلى امتهان صناعة اخلبــز، وقد يحفــز األجانب على اكتشــاف» الباغيت.

واعتبــرت اخلبــازة الباريســي­ة بريســيا

هايرتــز أن اإلدراج «هــو بالفعــل نــوع مــن التكريــس». وقالت «إنه منتج أساســي يعني كل الفئــات االجتماعيـ­ـة والثقافيــ­ة، فاجلميع يأكلــون الباغيــت، ســواء أكانــوا أغنيــاء أو فقــراء». وقالت وزيرة الثقافة الفرنســية رميا عبــد امللــك «إنه تقديــر كبيــر حلرفييننا وهذه األماكن اجلامعة التي هي مخابزنا!».

أما املديرة العامة لليونسكو أودري أزوالي فاحظــت أن املنظمــة التابعــة لــأمم املتحدة تؤكــد بإدراجهــا الباغيــت فــي قائمتهــا أن «العــادات الغذائيــة ميكن أن تشــكل تراثا في ذاتها».

وكان الرئيــس إميانويل ماكرون دعم ملف الترشــيح الــذي تقــرر عــام 2021 مــن خال وصفــه رغيــف الباغيت الفرنســي بأنه عبارة عن 250« غراما من السحر والكمال».

وتكمــن أهميــة إدراج الباغيــت فــي قائمة اليونســكو في كونها تعيد إبراز أهمية إنتاجه حرفي ًا في وقت يش ّكل اإلنتاج الصناعي خطر ًا على اخلبازين احلرفيني الذي يعانون انحسار عدد مخابزهم وخصوصا في املناطق الريفية. ففــي عام ،1970 كان عــدد اخملابز احلرفية 55 ألفا (مبعدل مخبز لكل 790 نســمة)، أما اليوم فبــات عددهــا 35 ألفــا (اي واحدا لــكل ألفي نســمة)، اي أن 400 مخبز تتوقــف عن العمل سنويا في األعوام اخلمسني األخيرة.

وفي ظل التطور املســتمر لصناعة الرغيف، فرض «مرسوم اخلبز» في العام 1993 تسمية «الباغيــت التقليدي الفرنســي» بهدف حماية اخلبازين احلرفيني وفي الوقت نفســه فرض شــروط صارمة للغاية حتظر استخدام املواد املضافة.

كذلك تقام مسابقات وطنية لصناعة اخلبز، يقســم فيهــا املرشــحون إلــى فئات للســماح

ويتطلــب صنــع هــذا اخلبــز العجــن البطــيء والتخمــر الطويــل والتشــكيل اليدوي واخلبز في فــرن املوقد، وكل هذا يحتاج إلــى إملام ومهارات على ما يشــرح املتخصصــو­ن. وقــال لويك بيانــازي من املعهد األوروبي لتاريخ األغذية وثقافاتها، وهو أحد أعضــاء اللجنة العلميــة التي أعدت امللــف املقــدم إلــى اليونســكو «ظهــرت كلمة (باغيت) في مطلع القرن العشرين وأصبحت شائعة بني احلربني العامليتني».

وأضــاف «فــي البدايــة، كان يعتبــر اخلبز الفرنســي منتجــا فاخــرا إذ كانــت الطبقات الشــعبية تــأكل اخلبــز الريفــي الــذي يخزن بشــكل أفضــل. والحقــا أصبــح اســتهاكه شــائعا بني كل الطبقــات االجتماعية ووصل إلــى األرياف فــي ســتينات القرن العشــرين وسبعيناته».

أمــا اليــوم، فيشــهد اســتهاك الباغيــت الفرنســي تراجعــا وخصوصا فــي صفوف أثرياء املدن الذيــن يختارون اخلبز باخلميرة، نظرا إلى اتصافــه مبزايا غذائية أكبر، وفقا ملا قاله بيانازي.

 ?? ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom