إسرائيل ومونديال قطر... شارع عربي حاقد ووجه مغاير لـ«التطبيع الرسمي»
بعــد أكثر من أســبوع من افتتــاح املونديال في قطــر، يبــدو أن الصور التي ســتعلق فــي الذاكرة اجلمعيــة اإلســرائيلية منه هي صــور اإلزعاجات املتواصلــة للصحافيــني اإلســرائيليني من جانب املشــجعني ممــن يلوحــون بأعــام فلســطني أو الســياح من الدول العربيــة أو املواطنني القطريني الذين ميتنعون بنفور ظاهر في اللحظة التي يتبني لهم بأنهم يتحدثون مع إسرائيليني.
أحــداث كهــذه تصدح فــي اخلطــاب العام في إســرائيل أكثر من املسائل التي تقلق معظم العالم في قطــر (موت جموع مــن العمــال األجانب قبل املونديال، معاملة املثليني، القيود على بيع الكحول وغيرها)، وتقف بخاف حاد مع الريح التي هبت فــي إســرائيل عشــية املباريــات، ومبوجبها إذن وصول السياح إلى قطر يعكس تشققا لسور قدمي آخر بيننا وبني العالم العربي.
أحــداث قطر تضــع مرآة ســاطعة عــن صورة التطبيــع. فاملونديال يجعل اإلســرائيليني يلتقون الشــارع العربــي – ليس فقــط القطــري – ويوفر نظرة ليست مرشحة عبر خطابات زعماء منفعلني واحتفــاالت مبهــرة، ويعكــس املوقــف األصيــل
للجماهيــر العربيــة جتاه إســرائيل والفجوة بينه وبني نهج احلكومات في املنطقة.
عشــرات الســنوات مــن الســام مــع مصــر واألردن متثل حقيقة الصــورة الواعية بخصوص العاقة مع إســرائيل. فاألنظمــة يعزون لها أهمية اســتراتيجية تزداد باســتمرار، بينمــا اجلماهير وكذلك املثقفون املركزيون، ينفرون منها ومينعون دخول إسرائيل إلى اجملال الثقافي أو االجتماعي. فــي دول اخلليــج التي قــادت اتفاقــات إبراهيم، وإن كان مــدى العداء اجلماهيري جتاه إســرائيل أدنى، لكن ثمة فجوة أساسية تنطوي على انعدام التوازن بــني جموع الســياح اإلســرائيليني الذين يصلون إلى تلك الدول، وبني التنقيط الهزيل الذي يشق طريقه إلى إسرائيل.
املونديــال احلالــي يوفــر لإلســرائيليني فهما واعيا للســقف الزجاجي الســميك الذي يقف في وجه جهد إلقامة شــرق أوســط جديــد في حبله الســري تطبيع واســع مع العالــم العربــي: يدور احلديــث – ال يــزال – عــن اتفاقــات بــني النخب وليس عن حوار بني اجملتمعات. صحيح أن املسألة الفلســطينية تقف عائق ًا مركزي ًا في هذا الســياق، لكــن ال ينبغي التعلــل بالوهم بأن فجــوات العداء القدمية جتاه إســرائيل ســتذوب في اللحظة التي تبدأ فيها مفاوضات سياسية، ناهيك عن التوصل
إلى تســوية بني إســرائيل والفلســطينيني. وهذه متجــذرة عميقا في الثقافات التي حولنا، وســيمر وقت طويل إلى أن تهتز، إذا ما اهتزت أصا.
يبقى إلســرائيل أن تواســي نفســها بالقســم امللــيء مــن الــكأس، وحتــاول حفظــه وتنميتــه. فالعاقة االســتراتيجية الوثيقة التي تشكلت في الســنوات األخيرة مع دول اخلليج وكذا مع مصر واألردن واملغــرب عظيمــة األهمية، رغــم أنها كما أســلفنا ال تنتقل إلى تنمية عاقات مع اجملتمعات، وتنبع في أساســها من الظروف السياســية التي نشــأت فــي الســنوات األخيــرة، وفــي مركزهــا صعــود قوة إيــران التي تشــكل تهديدًا مشــتركًا إلسرائيل والعالم العربي السني.
لقد دفعت بعــض الدول العربية لهــذه العاقة قدما في ظل التركيــز على مصاحلها الذاتية وفي ظــل جتاوز احملظــور التقليــدي الــذي مبوجبه لن تقــوم عاقات مــع إســرائيل قبــل أن يتحقق حل للمشــكلة الفلســطينية. عمليــا، ال تــزال منظومة العاقات هذه حساسة جدا ملا يجري في الساحة الفلســطينية، وبخاصة في كل ما يتعلق باحلرم، وهــذه تؤثر على اجلماهير احملليــة، وبالتالي تثير تخوف األنظمة من اضطرابات داخلية.
يديعوت أحرونوت 2022/11/30