Al-Quds Al-Arabi

املونديال في قطر واردوغان وخامنئي يسددان ضرباتهما باجتاه األكراد

-

قبل ســاعات من صافرة بدء املباراة األولى في املونديال، قصفت ُمســيرات تركيا مدنًا ســورية وعراقيــة، وقتلت عشــرات األشــخاص. عيون العالــم تتطلــع نحو قطــر، واردوغان يســتغل انشــغال االهتمام الدولي بأحداث املونديال كي يضــرب أكبر معاقــل األكراد على طــول احلدود اجلنوبية.

تصر أنقرة علــى أن عملها هذا جــاء ردا على عملية إســطنبول، لكن األكراد ينفــون أي صلة بالتفجير، ويعتقدون أنها ذريعة حلملة واســعة خطط لها اجليش التركي منذ زمن.

بعد أربعة أيام من الهجمات اجلوية الواســعة في إطار حملــة القصف، أعلنت تركيا أن في نيتها االنتقال إلى حملة برية ضد التنظيمات الســرية الكردية. وحــذر اردوغان مــن أن الهجوم الذي ضرب عشــرات األهداف كان «مجــرد البداية». فضال عن ذلك، اعترفت وزارة اخلارجية األمريكية بأن الهجمات هددت قوات أمريكية تعمل مع قوات سوريا الدميقراطي­ة املنظمة التي تتضمن عنصرا مهما من املقاتلني األكراد.

الهجمة احلالية هي استمرار للحملة العسكرية التركية السابقة في شمال سوريا عام .2016 وقد انتهى ذاك االجتيــاح باحتالل آالف الكيلومترا­ت املربعــة على طــول احلــدود. اآلن، تعتقد قوات ســوريا الدميقراطي­ة أن هــدف اردوغان احتالل املدينة الكردية كوباني التي في لواء حلب.

التقدير هو أن اردوغان شخص فرصة لتوسيع ســيطرته في ســوريا مســتغال ضعــف النفوذ الروســي في الســاحة عقب احلرب في أوكرانيا. يبدو أن طموحه هو العمل ضــد الوجود الكردي فــي اجلارة اجلنوبيــة من خالل احتــالل مدينة كوباني وخلق تواصــل إقليمي بني اجليوب التي سبق أن احتلها في شمال سوريا.

هديــة الردوغــان ظاهــرا، ستشــكل املنطقة «منطقة فصــل بني الدولتــني». أما عمليــا فرمبا يحاول اردوغان أن يسكن فيها قسما من الالجئني الســوريني في تركيا (نحو 3 مليون نسمة)، ممن يتهمهم بأنهم يشكلون عبئًا اقتصاديًا على تركيا.

وبالفعل، هي مصلحــة مركزية تتعلق باألزمة االقتصاديـ­ـة في الدولة. فمع مــرور األيام يقترب اردوغان مــن االنتخابات للرئاســة في حزيران 2023 دون إجنــاز ذي مغزى. وبالتالي، يســعى لعرض نفســه كــدرع تركيا إن لم يكن كـ «ســيد اقتصاد».

باملناســب­ة، قطر جتندت ملســاعدته؛ فحسب تقرير في «رويترز» تدير الدوحة وأنقرة اتصاالت متقدمة لتحويل مســاعدة قطريــة تصل حتى 10 مليارات دوالر إلى تركيا – 3 مليار منها ســتحول حتى نهاية .2022

بطبيعة األحــوال، إيران هــي األخرى تدس يدها في الصحن. فمنذ نشوب احتجاج احلجاب، شدد احلرس الثوري هجماته في اإلقليم الكردي شــمالي العراق. بزعم طهران، هــذه هجمة على امليليشيات التي تســاعد الثوار، أما احلقيقة فهي أن طهران تخاف من األقلية الكردية، التي قســم كبير منهــا موجود في غربــي الدولة وأصبح من محركات االحتجاج. ومع ذلك، فإن مهســا أميني التي أشــعل موتها املظاهرات، كانت هي نفســها شابة كردية.

علــى هذه اخللفية، فإن التهديد الذي يشــكله األكراد على وحدة إيــران اإلقليمية جعلهم كبش فداء «كامــل األوصــاف» بنظام آيــة الله: جهة خارجية ميكن اتهامهــا بـ «االضطرابات» وبتلقي املساعدة من الدول الغربية.

باملقابل، تتخــوف الواليات املتحدة من ضربة شــديدة لألكراد تؤثر على الصراع ضد «داعش». عندما تكون اجلهة األهم التي عملت ضده ستدحر إلــى الهوامش وتضعف، فــإن التنظيم اإلرهابي الدولي قد يعود ويرفع رأسه من جديد. وبالفعل، فرضــت وزارة املالية األمريكيــ­ة مؤخرا عقوبات على مسؤولني كبار في إيران عقب قمع االحتجاج في املناطق الكردية.

املعركة ضد األكراد في زمن مونديال قطر تذكر كم هو ســهل حتريك األضواء في جدول األعمال العاملي من جهة إلى أخرى، مثل كرة القدم.

متامــا كمــا أن زعمــاء العالــم ال يهمهم موت آالف العمال في أثناء بنــاء املالعب في قطر، فإن اهتمامهم اآلن موجه نحو الدراما التي جتري على امللعب – وليس على الهجمات التي على األكراد.

إسرائيل اليوم 2022/11/3

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom