اتفاق جتارة حرة مع اليابان... ما نتائجه على االقتصاد اإلسرائيلي إذا جنحت املفاوضات؟
أعلنــت وزارتــا اخلارجيــة واالقتصاد في األيــام األخيــرة عــن أن إســرائيل واليابان ستشــرعان في مفاوضات علــى التوقيع على اتفاق التجــارة احلرة بينهما. وستســتغرق املفاوضات، كما ميكن االفتراض، بضع سنوات. إذا ما انتهت بنجاح، فسيكون بوسع البضائع اإلســرائيلية واليابانية أن تنتقل بني الدولتني بدون جمارك. كما أن املطالب النظامية اإلدارية األخرى التي تنطبق على البضائع املستوردة – مبا فيها مطالب املواصفات واملطالب الصحية – ستخف. االتفاقات التجارية إلسرائيل تتضمن أيضا تســهيالت فــي موضوع فتــح األعمال التجارية وتقدمي اخلدمــات املالية وغيرها في الدول التي يتم التوصل معها إلى اتفاق.
حتى الســنوات األخيرة، وقعت إســرائيل على اتفاقات جتارية مع دول الغرب باألساس: كان إلســرائيل منــذ الســتينيات مــن القرن العشــرين اتفاق جتاري مع السوق األوروبية املشــتركة، واتفاق جتارة حرة مــع الواليات املتحدة منــذ الثمانينيات. وفي التســعينيات والعقــد األول مــن القرن الواحد والعشــرين اتســعت اتفاقات التجارة اإلســرائيلية؛ فقد وقعت اتفاقات مع كندا واملكســيك، ومع تركيا، بل ومع دول عديدة في جنوب أمريكا. في العام 2000 رفع مستوى االتفاق التجاري اإلسرائيلي
مع االحتاد األوروبي. وشــذ عــن ذلك التوجه غربا حيث اتفاق التجارة احلارة إلسرائيل مع األردن، الذي وقع كجزء من اتفاق الســالم مع األردن.
في الســنوات األخيرة، اجتهت دبلوماسية التجــارة اإلســرائيلية شــرقا. وفي الســنة األخيــرة، وقعت اتفاقات جتارة حرة شــاملة مع اإلمارات وجنوب كوريا – اتفاقات ستدخل حيز التنفيذ في األســابيع القريبة القادمة. كما جتري إسرائيل مفاوضات نحو اتفاقات جتارة حرة مع الصني والهند وفيتنام، وكما أسلفنا مع اليابان اآلن أيضا.
لهذا التوجه إلى الشرق – األوسط واألقصى –عــدة تفســيرات: األول، يعد امليــل الدولي الواضح لألســواق على حجم واسع من ناحية إسرائيل محاولة للوصول إلى أكبر عدد ممكن من اتفاقات التجارة احلــرة، انطالقا من الفهم بأن الســوق احلــرة للبضائع ستســاهم في االقتصاد. بعد أن توصلت إسرائيل إلى اتفاقات مع شــركاء جتاريني مركزيني في الغرب، تتجه اآلن إلى الشــراكة التجاريــة الكبرى في قارة آســيا. الثانــي، التطور الهائل لدول الشــرق في العقــود األخيرة جعل هذه الدول أســواقا محتملــة كبيــرة للمصدريــن اإلســرائيليني الســاعني الســتغالل املزايــا التكنولوجيــة اإلسرائيلية والبيع ألســواق جديدة. وأخيرا ولعله األهم، يبدو أن الســبب املركزي للتطلع اإلســرائيلي للوصــول إلى اتفاقــات جتارة
بالــذات في الســنوات األخيرة، هــو الضغط الداخلي في إســرائيل لتخفيض غالء املعيشة املرتفع.
ينبع غالء املعيشــة في إسرائيل من سلسلة عوامــل؛ وأحد العوامــل املركزية هــو القيود املفروضــة علــى االســتيراد في إســرائيل. مواصفــات إســرائيلية خاصــة، وأســواق يسيطر عليها منتجون ومستوردون خاصون وحصريون، جمــارك وقيود فنيــة مختلفة – تصعــب االســتيراد احلر إلســرائيل وتقلص املنافســة وترفــع األســعار. أمــا التوجه إلى الشــرق فينبغي النظر إليه على خلفية جهود حكومات إسرائيل في السنوات األخيرة إلزالة هذه القيود عن االستيراد. اتفاقات جتارة حرة مع أســواق جتارة كبرى في الشــرق - كوريا اجلنوبية والصني واليابان – كفيلة بأن تؤدي إلى توسيع االستيراد الرخيص إلى إسرائيل، ثم تخفيض األسعار للمستهلك اإلسرائيلي.
وبالتــوازي، فإن التجارة احلــرة مع دول الشــرق ســتحدث تغييرات إضافيــة. ازدياد االســتيراد معناه هبوط في اإلنتــاج احمللي. املنتجون احملليــون لبضائع تنتج في اخلارج، ســيضطرون إلــى منافســة هــذه البضائع زهيدة الثمن. باملقابل، ســتفتح أمام املصدرين اإلســرائيليني أســواق جديــدة مختلفة عن تلــك القائمــة، فتؤثــر بعمق علــى االقتصاد اإلسرائيلي.
معاريف 2022/11/30