Al-Quds Al-Arabi

«العنصر اإلسرائيلي» في «ميزان القوى» السوداني!

-

■ أدلــى محمــد حمــدان دقلــو، نائــب رئيــس اجمللــس الســيادي الســوداني، بعــدة تصريحــات الفتــة مؤخــرا أظهر فيها دعما للتســوية املرتقبة بني القــوى املدنية ممثلة بـ«احلريــة والتغييــر»، واملكّون العســكرّي الذي اســتولى على الســلطة في 25 تشــرين أول/أكتوبر ،2021 وقال فيها إن البالد «لــن تعود إلى الوراء»، وأنه يجــب أن تكون هناك «مســاواة وعدالــة وتنميــة»، وأن مكانه «الطبيعــي حيثما يكون للشــوارع»، وقد وصلت املبالغــة في خطاب حميدتي الــذي ألقاه األحد املاضي إلى حد تصريحه «نقول للشــبان الذين يشتموننا في الشوارع، بشكل واضح»!

حمل اخلطاب األخير أيضا نوعا من التلميح إلى اختالفه عن قــادة الســلطة اآلخرين، واألغلــب طبعا أنــه يعني عبد الفتاح البرهان، رئيس مجلس الســيادة، متسائال عمن قام بفتح اجلسور «جلماعات ســمح لتظاهراتها بالوصول إلى القصــر الرئاســي، بينما ميــوت متظاهرون آخــرون خالل محاولتهم الوصول إليه».

حتمل األقــوال األخيرة نوعا من املزايــدا­ت املتوقعة بني

جناحي السلطة السودانية، املتمثلني باجليش، الذي يقوده البرهان، و«الدعم الســريع»، الذي يقــوده حميدتي، والتي تّدعي االهتمام مبطالب اجلماهير الســوداني­ة، والتقّرب من ممثليها املدنيني، ويتعلق التوقيت، طبعا، بالتأهب حلصول تسويات أو تغييرات سياسية.

غيــر أنه لــم متر ســوى ثالثــة أيــام علــى التصريحات «الثوريــة» لنائــب رئيــس مجلــس الســيادة حتى كشــفت صحيفة «هآرتس» اإلســرائي­لية، في حتقيق اســتقصائي، عن شراء «الدعم الســريع» تقنية مراقبة متطورة، من شبكة يقودها القائد الســابق لوحدة االســتخبا­رات اإلســرائي­لية بتال ديليان.

تقــوم الصحيفة بتوصيف يتجاهل األلقاب واملســميا­ت املفخمــة التي يحوزها حميدتي، حيث تقــول فيه إنه «أثرى رجل فــي الســودان، وصاحب جيش خــاص»، وأنه «قائد صناعــة الذهب فــي الســودان»، كما أنهــا تقــول إن تقنية املراقبة املتطورة تلك، تســتطيع حتويــل الهاتف الذكي إلى أداة جتســس علــى حاملــه، وأن حميدتي بذلــك، قادر على «تغيير ميزان القوى في السودان».

توضــح الصحيفــة أن حميدتــي التقــى باخملابــر­ات اإلســرائي­لية، منــذ حزيران/يونيــو ،2021 مرتــني، وأنــه اســتخدم طائــرة خاصة للموســاد، وأن لديــه عالقات مع مجموعــة فاغنــر املرتزقــة الروســية، وأن قواته شــاركت في عمليات االختفاء القســري للمتظاهرين في الســودان، وإطالق النار العشوائي على املدنيني، مبن فيهم األطفال.

يتعلــق ميزان القوى اآلنف الذكــر بالعالقات بني «الدعم السريع» واجليش، في الدرجة األولى، لكن املراقبة املتطورة لن توفر، لو اســتطاعت، السياســين­ي املدنيني واإلعالمين­ي، وهو ما يعني أن قوة «الدعم السريع»، مضافا إليها «صناعة الذهــب»، و«املراقبة املتط ّورة»، عناصر شــديدة األه ّمية في تركيز عناصــر القوة لدى حميدتي، التي تســتخدم، بداية، للحفــاظ على كل مصاحلــه الكبيرة ضمن هــذه التوازنات، وملنع تفوق البرهان، واجليش السوداني، في ذلك التوازن، ورمبــا الســتخدام تلك العناصــر في أي صــراع الحق على االستحكام الشامل بالقوة السياســية، وحكم البالد حتت

سلطة قائد واحد.

الظاهــر للعيان، ضمن خلفيــة التوازنــا­ت املذكورة، أن البرهان، كان املبادر األول في إعالن العالقة مع إســرائيل، عبر اجتماعه ســيئ الصيــت، في 3 شــباط/فبراير ،2020 ببنيامــني نتنياهو، فــي مــكان ذي أهمية رمزيــة لألخير، ألنه كان املكان الــذي وقعت فيه عملية عنتيبي، عام ،1976 والتي قتــل فيها العقيد يونتــان نتنياهو، الشــقيق األكبر لنتنياهو.

انفضاح العملية األخيرة حلميدتي، يشير إلى أن قائدي جناحي املكون االنقالبي في الســودان يخوضان ســباقا في مجال العالقات مع إسرائيل، باعتبارها، كما يعتقدان، مركز قّوة إقليميــا ودولّيا وازنا، ميكن أن يســاعدهما في الصــراع على الســلطة، واحلفاظ عليهــا، وتذليل العقبات الدولية الناجمة عن تداعيات القمع، واالنتهاكا­ت اخلطيرة بحق املتظاهرين الســلميني، وأن «كالم الليل» الذي يتقرب للقوى السياســية واملدنيــة واجلماهير التــي تتظاهر، قد «ميحوه نهار» الفضائح التي تربط اجلناحني بإسرائيل!

 ?? ??
 ?? ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom