«لوبوان»: عقوبة اإلعدام تقّسم الرأي العام اجلزائري

قالت مجلة "لوبوان" الفرنســية في تقرير لها، إن عقوبــة اإلعدام ما تزال تثير انقســام الــرأي العــام اجلزائري بعد ثالثــني عاما من جتميــد تنفيذ أحكام اإلعــدام التي عاد اجلدل حولها، بعد حكم محكمة جزائرية يوم اخلميس املاضــي بإعدام 49 شــخصا إلدانتهــم بتهمة إحراق مواطــن والتنكيل بجثتــه في منطقة القبائل العام املاضي.

وأشــارت اجمللة إلى أن أحكام اإلعدام هذه أثارت ردود فعــل كثيرة في وســائل اإلعالم وشــبكات التواصل االجتماعي، وســط تأييد قسم من الرأي العام لتطبيق عقوبة اإلعدام في هذه القضية التي أحدثت موجة صدمة عاطفية قوية للغاية في البالد. وهو موقف تشترك فيه

بعض األحــزاب اإلســالمية واحملافظة، التي تطالب في كل نقاش حول هذه املسألة بأسبقية القانون اإللهي: تطبيق القصاص، كما توضح "لوبوان".

عودة اجلدل

يعــود اجلدل حــول هذا املوضــوع في كل مرة يجــد فيها الرأي العام اجلزائري نفســه في مواجهــة قضايا مروعة، مثــل جرائم قتل األطفال. في حني أن اجلزائر حتافظ على وضع حســاس: مت منذ عــام 1993 تعليــق عمليات اإلعــدام بالرصــاص، ولكن العدالــة تواصل النطــق بعقوبــة اإلعــدام وفقــا إلحصاءات املنظمات غير احلكومية. وتعود آخر إعدامات إلــى 31 أغســطس/ آب 1993 بحــق ســبعة

إسالميني اتهموا بارتكاب تفجير مطار اجلزائر العاصمة عام ،1992 والذي خّلف تسعة قتلى.

وتابعــت "لوبوان" التوضيــح أنه منذ عام ،1993 تعتبــر اجلزائــر "دولة ألغــت عقوبة اإلعدام بحكم الواقــع" كما أنها الدولة العربية األولى التي صوتت في األمم املتحدة عام 2008 على قرار"وقف تنفيذ عقوبة اإلعدام"، كما يذكر الباحث بلقاسم بنزينني في دراسته.

وحتت ضغــط املنظمــات غيــر احلكومية والــرأي العــام الدولــي، اتخــذت الدولــة اجلزائريــة خطــوة بتعليــق تنفيــذ عقوبة اإلعــدام. ومنذ بدايــة العقــد األول من القرن احلادي والعشرين، ألغيت عقوبة اإلعدام فيما يتعلق بجرائم غسل األموال ومتويل اإلرهاب واالجتار باخملدرات على وجه اخلصوص. ومع ذلك، يقول الباحث بلقاسم بنزينني، إن اجلزائر

لم توقع على البروتوكــول االختياري الثاني للمعاهــدة الدولية اخلاصــة باحلقوق املدنية والسياسية، الهادفة إلى إلغاء عقوبة اإلعدام". ردًا على اقتراح املعارضة قانونًا في عام 2008 إللغــاء عقوبة اإلعدام، قدمــت احلكومة ثالث حجج: "مواصلة مكافحة اإلرهاب، التي جتعل من الضروري اإلبقــاء على عقوبة اإلعدام. في الوقت الذي تلتزم فيه اجلزائر أيضا مبكافحة جميع أشــكال اجلرمية املنظمة، وميكن تفسير هذا اإللغاء على أنه نقص في احلزم واعتراف السلطات العامة بالعجز".

وفــي عــام ،2020 أعرب الفــرع اجلزائري ملنظمة العفو الدولية، عن أســفه ألن مراجعة الدســتور لم تســمح بإلغاء "هــذه العقوبة القاســية والظاملة وغير الفعالــة والتمييزية" بشــكل نهائــي، على الرغــم مــن أن القانون األساســي ينص في مادتــه 38 على أن "احلق في احليــاة متأصل فــي اإلنســان ويجب أن يحميه القانــون". وتضيف "لوبوان" أنه يبدو أن الســلطات اجلزائريــة تفضل عــدم اتخاذ قــرار في مواجهة رأي عــام أصيب بصدمة من التغطية اإلعالمية للجرائم البشعة التي تؤثر بشــكل خاص على األطفال، أو الشرائح األكثر محافظة.

«نقاش

عقيم»

وتابعت "لوبوان" أنه من خالل اإلصرار على فئة األطفال ضحايا اجلرائــم املروعة، أصبح النقاش حــول عقوبة اإلعــدام عقيما وبدون تأثير مفيــد، على األقل بالنســبة للنشــطاء الذيــن يعارضونها. يقودنا هــذا املوقف أيضا

إلى التســاؤل عن الغياب ذاته لهذا اجلدل في عــام 1993 عندما، في خضــم موجة الهجمات اإلرهابية ضــد املدنيني -ومــن بينهم العديد من الضحايا األطفال- أصدرت احلكومة قرارا بوقف عقوبــة اإلعدام، كمت تنقــل اجمللة عن الباحث بلقاسم بنزينني.

وتشــير اجمللة الفرنســية إلى دعــوة زير العدل اجلزائري األســبوع املاضــي، أعضاء مجلس الشيوخ إلى "فتح نقاش وطني يشارك فيــه متخصصون مــن أجل تقرير مــا إذا كان ســيتم اإلبقاء على هذه العقوبة أم ال". واعتبر الوزيــر أن "اجلــدل الذي أثير على املســتوى الدولي حول فائدة عقوبة اإلعدام في مكافحة اجلرمية، قد تبدد في الســنوات األخيرة، بعد رفض العديد من الدول لهذه العقوبة، باعتبار أنها اعتداء على حقوق اإلنسان".