Al-Quds Al-Arabi

نهج بن غفير: فليفعل اجليش ما يشاء... دون محاسبة

داعيًا لتركيز الهجوم على غانتس... ومعتبرا الـ 10 أيام لضارب اليساري «عقوبة شديدة»

-

اخلليل منذ تلك احلادثة والى األبد. احلادثة التي حدثت فــي املدينة اجلمعة املاضي تواصل تصــدر عناوين وســائل اإلعالم منذ أســبوع تقريبا. أمس، بعد أن ســمح لهذه األجواء بأن تســخن طوال األيام األخيرة، تذكــر بنيامني نتنياهــو التدخــل في القضية. فــي تصريحه القصير الذي نشــره، دعا نتنياهو من سيشكل احلكومة القادمة «اجلميع، من اليمني واليسار، إلى إبقاء اجليش خارج أي نقاش سياســي». عندما يريــد نتنياهو أن يصدم من شــيء ما، يعرف كيفية فعل ذلك. ولكــن ليس هذه املرة: الصيغــة اخملففــة واحلذرة التــي خرجت من مكتبه أبقت القراء يتوقعون ما الذي يقصده.

كان هذا خيارًا متعمــدًا وذكيًا بالطبع. فمنذ اللحظــة التي ثارت فيهــا العاصفة حول صور جنــود «جفعاتي» في اخلليل، التــي ظهر فيها جندي وهو يضرب ناشــطًا يســاريًا وأن «بن غفير ســيحل النظام هنا»، اســتغلت احلادثة أيضا ألغراض نتنياهو أمام املستوى العسكري واألمنــي. بعد عام ونصف مــن وجوده خارج احلكم، يبدو أنه جــرت محاولة إلعادة تدجني اجلهاز املارق، جهاز األمن. إذا شــعر رؤســاء اجلهاز بأن الشــارع السياسي ميسك بأعناقهم عن طريق شــبكة متشعبة من اجملانني، وأبواق وســائل اإلعــالم علــى كل املنصــات املمكنة، فســيفكرون مرتني قبل أن يشــنوا حربا علنية أخرى من أجل قيم القتال للجيش اإلسرائيلي.

منذ فترة غير بعيــدة اعترف أحد املتحدثني بلســان نتنياهو بأنه تأثر في 2016 من موقف الرأي العام عندما وقف لصالح اجلندي اليئور ازاريا. أمور مشــابهة حدثت األسبوع املاضي؛ دعوة نتنياهــو الضبابية لالنضبــاط اآلن ال تشــمل تفاصيــل، وال تتطرق للشــتائم التي وجهها جنلــه لرئيــس األركان افيف كوخافي على خلفية حادثة اخلليل.

في القضيــة احلالية العب آخر، باســتثناء نتنياهــو وكوخافــي، وهو عضو الكنيســت ايتمار بــن غفير الذي تعهــد نتنياهو بتعيينه وزيــرا لألمن القومــي. كان بن غفيــر أول من الحظ اإلمكانية الكامنة، حســب رأيه، في هذه احلادثة. الســبت، طلب من رئيــس االأكان أن يقدم له تفســيرات حول تصريحاته، رغم أنه ال توجد لنب غفير حتى اآلن أي مكانة رسمية.

أمس، بعد أن نشــر بأن اجلنــدي الثرثار، يئيــر ليفي، حكم عليــه قائد كتيبته بعشــرة أيام سجنا، ســارع بن غفير إلى التقاط صورة مــع والد اجلنــدي لالحتجاج معه على شــدة العقوبة. ووالدة اجلنــدي الذي ضرب، أجرت مقابلة مع وســائل اإلعالم (في هذه القضية ما زال هناك حتقيق للشــرطة العسكرية الذي لم ينته بعــد). تتصاعد هنا موجات من القضيتني األخيرتــن­ي اللتــني أججتا اجلمهــور حول ما يحدث في «املناطــق» [الضفة الغربية]: إطالق النار الــذي قام بــه ازاريا، ثــم احلادثة التي قتل فيها قناص حرس احلــدود برئيل حداريا

شموئيلي، بنار حماس على حدود قطاع غزة.

في احلاالت السابقة كان آباء اجلنود في واجهة اخلالفات، مع تشجيع نشط من اليمني. هذا توجه للتآكل في مكانــة القيادة العليا في اجليش بواسطة دق إسفني بينها وبني اجلنود في امليدان. في قضية ازاريا، كانت محاولة ملنع اجليش من حتديد قيمــه القتالية، وطبقا لذلك أن يطبق على جنوده تعليمات أوامر فتح النار. في قضية شــموئيلي كان القصــد أن يتم إمالء سياســة عنيفة علــى اجليش، التي تســتبعد مســبقا اخملاطرة بحياة اجلنود في املواجهات مع املدنيني (عضو حماس الذي أطلق النار على القناص من مســافة صفر، عمل خالل مظاهرة مدنية فلســطينية علــى طول اجلــدار). اآلن هناك تدخل في سياســة العقاب. الرسالة هي أنه مسموح للجنود كل شــيء، حتى االعتداء على املدنيني، شــريطة أن يتعلق األمر بنشطاء من اليسار، واإلعالن عن موقف سياسي. يجب على القادة الصمت وعدم التدخل.

ما حدث هنا هــو محاولة للقيــام بنوع من ثورة عســكرية صغيرة، التي حتدث من أسفل إلــى أعلــى وتعتمد علــى قوى سياســية من اخلارج. هدف بــن غفير وأمثالــه هو حتويل وحــدات اجليش فــي «املناطق» إلــى قطعان مليشــيات، التي ال يتجاوز ســلوكها أي نظام شــرطي خارجي. لذلــك، مثــل الهجمات على رئيس األركان، ثم التوبيخ العلني الذي جرى أمس لقائد كتيبــة من «جفعاتي»، املقدم افيران الفاســي، بعيد أن يكــون أمرًا صدفيــًا. إذا لم يفهم الفاسي ما وراء تلك الشتائم والتهديدات التي تعرض لها في الشــبكات االجتماعية وفي الهواتــف احملمولة لــه وألبنــاء عائلته، فإن أصدقاء قائد الكتيبة سيفهمون. كل زوجة قائد ســتعرف بأن «هذا ما ينتظر من ســيتدخل من أجل تقييد سلوك أعزائنا اجلنود».

ودعا بــن غفير أمس إلى تركيــز النار على وزيــر الدفاع بنــي غانتس، وليــس على قائد الكتيبــة. وفي نهاية احلملة، جــاء الرد املضاد واملتوارع كالعادة: ما الــذي تريدونه من قائد الكتيبة؟ قيل. في نهاية املطاف، املقدم الفاســي بطل مع وســام شــجاعة من عمليــة «اجلرف الصامد»، وحتى من القضيــة املؤملة الختطاف جثة ضابط «جفعاتي» هدار غولدن (وكأن قائد كتيبة لم يحصل على وسام الشجاعة، يستحق معاملة مهينة جدا). وقد هب آخرون للتوضيح بأنه «واحــد منا»، أي أنه ترعــرع في دميونا،

و»معــروف كيمينــي». من حســن حــظ قائد الكتيبة، كما يبدو، أنه لم يترعرع في كيبوتس.

فــي هيئــة األركان يقلقون مــن االدعاءات حول عدم تأييــد اجلنود. وهذه مســألة يجد اجليش صعوبة في توضيحها ألشخاص خارج صفوفــه، وبالتأكيد الذين لــم يخدموا قط في اجليش االســرائي­لي. وعقوبة عدم الســماح باخلروج مــن القاعدة، وحتى اعتقال قصير، ال يعتبر أمرًا اســتثنائيًا، خصوصًا في املنظومة القتالية. أرســال جندي إلى السجن العسكري لبضعــة أيام، ومــن املرجح أن هــذه العقوبة ستخفف بعد ذلك، ال يعني أن اجليش قد تخلى عــن جندي. ميكــن معاقبة ضابــط أو جندي، وبعد ذلك يعاد إلى التلم. «جزء من املشكلة هو أن أجواء احلملــة االنتخابية لم تنته بعد، ألن هناك أشخاصا لم يجلسوا بعد على الكرسي»، قال ضابــط كبير للصحيفة. «وندما يتالشــى التنمر ســيبقى لنا اجليش واملهمات التي يجب تنفيذها».

كوخافي، الذي يعــرف تداعيات العاصفة، نشــر مؤخرا سلســلة تصريحات اســتهدفت إعادة ترسيخ مسؤولية سلسلة القيادة، ورمبا محاولة إعادة املارد إلــى القمقم. ما دام اليمني املتطرف والشبكات االجتماعية ينقضون على رئيــس األركان، فمن الواضــح أن يتخذ اخلط املطلوب، لكن ال ميكن جتاهــل املفارقة املرافقة لهذا األمر، هذا هو كوخافي نفســه الذي اعتقد في بداية واليته أنه من األفضل لرئيس األركان أن يبتعد عــن قضايا اجليــش واجملتمع، ومت حمله على موجة اإلعجاب والتقدير من اليمني بعــد أن عرض خطتــه لتعزيز قــدرة اجليش االسرائيلي على القتل.

هآرتس 2022/12/1

 ?? ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom