Al-Quds Al-Arabi

إسرائيل بعد مرور 45 عامًا على زيارة السادات: «سالم الزعماء»... ماذا عن الشعوب؟

-

مرت 45 ســنة على زيارة تاريخيــة للرئيس املصــري أنــور الســادات إلــى إســرائيل. مع صعود السادات إلى احلكم بعد وفاة األيقونة جمال عبد الناصر، ساد إحساس بأنه وبسبب شخصيته الداكنة وضعفه، لن يبقى السادات في احلكــم ألكثر من بضعة أشــهر، لكنه فاجأ إســرائيل وهزها مرتن: األولى في حرب يوم الغفران. بخــالف التقديرات، جنح الســادات فــي دفع إســرائيل إلى الــوراء عن ضفــة قناة الســويس ونال لقب «بطــل العبــور». وكانت الهزة الثانية مع مجيئه إلى عاصمة إســرائيل، القدس، بخالف رأي كل الدول العربية.

لم ننتعــش بعد مــن الهزتن. فرغــم النصر العســكري الالمــع للجيــش اإلســرائي­لي فــي حرب يوم الغفران، كان الســادات هو املنتصر فــي اجملــال السياســي. فقــد حــرك مســيرة معقــدة وحقق كل مســعاه، األمر الــذي انتهى

باتفاق ســالم. وهكــذا أضيف له لقــب جديد أال وهو «بطل الســالم». في نظر الســادات، لم يقف اتفاق الســالم مع إســرائيل على ســاقه بحــد ذاته، كان االتفاق جزءا من رزمة تســمى «اتفاقات كامب ديفيد» التي تقف على ســاقن ترتبطان كجبلــة واحدة. إحدى الســاقن هي التسوية مع إسرائيل، أما الساق األخرى فهي حل املسألة الفلسطينية.

حتــى بعــد 45 ســنة من مجــيء الســادات إلينا، ترى مصر نفسها ملتزمة فقط وحصريا بكامــب ديفيد. هذا يشــرح الكثير مــن األمور، ويشرح ســبب عدم تغلغل السالم إلى الشعب نحــو األســفل، ويشــرح ملــاذا تشــترط مصر التطبيــع بالتقــدم فــي املســألة الفلســطين­ية، ويشرح ملاذا تؤيد القاهرة بشكل كامل موقف الفلســطين­ين مــن التســوية الدائمــة. أقــوال الســادات في الكنيســت في زيارته الشجاعة عندنا، تلزم احلكم املصري اليوم أيضا.

ينتــج عــن هــذا أنــه إذا مــا حلــت املســألة الفلســطين­ية كما اتفــق عليه في كامــب ديفيد علــى حد فهم مصر، حينئذ مــن املعقول للغاية أن نرى الســالم بن الشــعوب وليس فقط بن الزعماء.

اليــوم، يحتفــل املصريون ويبــرزون مصر 6 تشــرين األول، أال وهــو حرب يــوم الغفران عندنا. أما نحن فال نزال نبحث ونحلل ما الذي حصل في تلك احلرب الرهيبة. بالنسبة جمليء الســادات إلى القــدس، نفرح ونســعد باتفاق الســالم، بينما تشــعر مصــر مــن ناحيتها أن إسرائيل لم تنفذ ما اتفق عليه في كامب ديفيد.

معروف اليوم أن إلسرائيل اتفاقات مشابهة مــع املغــرب والســودان واألردن واإلمــارا­ت والبحرين. الســؤال الذي يطرح نفسه هو: بعد نحــو يوبيل من الســنن على زيارة الســادات الصادمة، هل ســنواصل الوضع احلالي الذي نستمر فيه في خلق العالقات مع الزعماء فقط أم أننــا ســنغير املعادلة كــي يتغلغل هــذا إلى الشعب أيضا؟

معاريف 2022/12/1

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom