«فرحة» لألردني واحتجاج إسرائيلي ... والسؤال احملرج: ملاذا لم تغضب إنكلترا؟
لقد ســبق لشكســبير أن كتب في مســرحية «هاملت»: «السيدة حتتج أكثر مما ينبغي».
بقدر ما ننفي، يتضح أن الذنب فينا. وهذا، كما يخيل إلي، هو الســبب األكثر وجاهة لترك الفيلم األردني «فرحة» حلاله، الذي يثير انفعال الطبقة العليا والسياسة في األيام األخيرة.
أبدأ باالعتــراف بأن كل املتذمرين منه نســوا أن يقولوا: لم أشــاهده. فمما ســمعته من آخرين شــاهدوه، يبدو املشــهد موضع احلديث – الذي يعرض فيه جنود اجليش اإلســرائيلي في حرب االســتقالل وهم يعدمون عائلة فلسطينية كاملة، مبا فيها من رضيع عدمي الوسيلة – بالفعل صادما وعنيف ًا ومقزز ًا.
لكنه فيلم، بحبكة روائيــة. وال أذكر أن وزارة الدفــاع أو املاليــة األمريكيتني تصرخــان عندما يشهر باجلنود األمريكيني حني صدر فيلم «اآلخرة اآلن» إلى البث.
أجتهد كــي أجد رد فعل احلكومــة في إجنلترا على أفالم إســرائيلية عن أيــام االنتداب، والتي عرضت أفالمــا غيــر أخالقية في هــذا الضابط البريطاني أو ذاك، كالســلب والنهب واالغتصاب والتعذيب، لكنني ال أجنح. وكل هذا ملاذا؟ احلجة الشــاملة والدميقراطية بسيطة: من حق كل فنان أو فنانة أن يتخيل في قلبه شــخصيات محبوبة إلى هذا احلد أو ذاك.
لكن الســبب الوجيه هو الوقفــة احلقيقية من خلف اجليش اإلســرائيلي وأجهزتــه. يخيل إلي أننا ســنتفق على أن ليس كل اجملندات واجملندين أخيار ًا. عناوين الصحف تبشــر أحيان ًا مبغتصب أو خائن.
هم أنــاس ككل الناس، مبعنــى أن فيهم أيضا حفنة ناجحة أقل. لكن من املهم التشديد على أنها حفنة.
أؤمن، عن حق، بأن معظم جنودنا ومجنداتنا أناس مــع عمود فقري أخالقــي، ال يطلقون النار بخفة عقل، وال يصّفون رضعًا بدم بارد. صرخات النجــدة عن التشــهير والكذب فــي فيلم خيالي جتعل فــي نظــري الفعلة املعاكســة ممــا قصد الشعراء املعارضون.
فهــي جتتــذب االنتبــاه والنار إلــى األفعال اإلشكالية للجيش اإلسرائيلي. إلى األقلية.
لنضع جانبًا حقيقة أن فيلمــًا أردنيًا ليس هو محطم صناديق التذاكر مع مستقبل جتاري المع، أما اآلن فسيرغب كل من سمع بن غفير، وليبرمان وتروبر، برؤية سبب اجللبة. فيلم هامشي، ثالثة طالب ســينما في نيويورك كانوا سيشاهدونه، أصبح حدثًا إلزاميًا. لكن املشــكلة األكبر واملثيرة لإلحســاس أن املتحدثني ال يؤمنون بأن اجليش اإلســرائيلي هو جيــش أخالقــي. إذا كنا نؤمن بعدالــة الطريق وبضــرورة العمــل بحقيقة أن كل مهمــة تفحص وتدرس – وأؤمــن بأن هذا هو الوضع، فعلينا القبول بوجود مشاكل وأخطاء.
فيلم يتهم سرية كاملة بأفعال إجرامية ال يشهد على اجليش اإلســرائيلي في شيء مهما كان، هو يشــهد على منتجه، قبل أن يخطط حقنة عالقات عامة بال كلفــة. صرخات النجدة متــس بنا أكثر بكثير مما متس بالفيلم.
الروايــة ال تعجبكــم؟ ألغــوا االشــتراك مع «نتفليكــس»، ال تصوتــوا لها في األوســكار، ال تذهبــوا إلى البث في هــذه القاعــة أو تلك. لكن تذكروا بأننــا عندمــا نحتج بصــوت أعلى مما ينبغي، فثمة ما نخفيه.
إسرائيل اليوم 2022/12/1