Al-Quds Al-Arabi

مصدر في وزارة الداخلية العراقية: التغييرات في املناصب بعيدة عن احملاصصة

بعد إثارتها جملة تساؤالت حول الدوافع وراءها

- من مشرق ريسان:

لم تختلف اآللية ا ُمل ّتبعة في تشــكيل احلكومة العراقيــة اجلديــدة، برئاســة محمــد شــياع الســوداني، عن ســابقاتها فــي اعتمــاد مبدأ «احملاصصــة» في توزيــع احلقائــب الوزارية واملناصــب الرفيعة في الدولة العراقية، ك ُســ ّنة ُمّتبعة في هذا البلد، منذ عام ،2003 غير إنها هذه املــرة جاءت باتفاق جميع األحزاب السياســية املشــاركة في انتخابات أكتوبر/ تشــرين األول ،2021 باستثناء التيار الصدري، بزعامة مقتدى الصدر، املنسحب من العملية السياسية.

وعقب حســم وزارتــي اإلعمار واإلســكان، لصالح احلزب الدميقراطي الكردستاني، ووزارة البيئة لغرميه االحتاد الوطني الكردستاني، أول أمس، اكتمل توزيع احلقائب الوزارية على الكتل املنضوية في إطار حتالف «إدارة الدولة».

وقبــل نحو أســبوع من تّســلم الســوداني دفــة احلكــم فــي البــاد، قــرر «اإلطــار التنسيقي»الشــيعي، إطــاق يد مرشــحه، في اختيار الــوزارات واملناصــب األمنية (وزارتي الدفاع والداخلية) وترشيح «شخصيات مدنية أو عســكرية، مبا يضمن حتقيــق حكومة خدمة فاعلة تتفق مع البرنامج الوزاري» حســب بيان صحافي أصــدره قادة اإلطار عقب اجتماع جرى في منزل رئيس هيئة «احلشــد الشــعبي» فالح الفياض، في 21 تشرين األول/ أكتوبر املاضي.

جملة تغيرات

وفور تولي السوداني املنصب، سارع بإجراء جملة تغييرات طالت مسؤولني في مكتب رئيس الــوزراء الســابق، مصطفى الكاظمــي، فضا عن مســؤولني أمنيني في وكالة االســتخبا­رات

والشــرطة وقيادة حرس احلــدود ومديريات شــرطة الطاقة ومكافحة اخملــدرات، التي تتبع إداريا الوزارات األمنية والعسكرية.

وتناقلت وسائل إعام محلية، وثيقة صادرة عن وزارة الداخلية، مطلع كانون األول/ ديسمبر اجلاري، ُتظهر قرار الوزير، عبد األمير الشّمري، نقــل 719 ضابطا يحملون رتبــة عميد فما دون، فضا عن 30 ألف منتســب مــن مديرية حماية الشخصيات، إلى وحدات قتالية ومراكز شرطة.

وأثــارت الوثيقــة جملة تســاؤالت بشــأن الدوافــع وراء تلك التغييــرا­ت، وفيما إذا كانت حتمــل صبغــة «طائفيــة» أو «محاصصاتية» تنتهجها احلكومة اجلديدة.

مصدر أمني رفيــع، برتبة عميــد، في وزارة الداخليــة االحتادية، قال لـ«القــدس العربي» إن التغييرات «تســتند إلى زج دماء جديدة في مفاصل الوزارة، بعيدا عن احملاصصة السياسية أو الطائفية».

ووفق ًا للمصدر، الذي ف ّضل عدم اإلشــارة إلى اســمه، فإن «هناك العديد من الــوكاء واملدراء العامني فــي وزارة الداخلية، هــم من األكراد أو من املكون الســني، وينحدرون من شمال وغرب العراق» الفتــا في الوقت عينه إلى أن «أي تغيير في املناصب هو خاضع أيضا إلجراءات التقييم. ومن املمكن تغيير أي مسؤول جديد إذا لم يحقق إجنازا».

«حلقات زائدة»

وحســب، اخلبير األمنــي واالســترا­تيجي العراقي، فاضل أبو رغيف، جملة التغييرات التي أجراها رئيس الــوزراء ووزير الداخلية «مهمة» كاشــفا في الوقــت عينه عن وجــود ما وصفها «حلقــات زائدة» فــي مفاصــل وزارة الداخلية االحتادية.

وقال لـ«القدس العربــي» إن «هذه التغيرات مهمة والزمة جــدا جلملة اعتبــارات، من بينها

وجــود حلقات زائــدة متت هيكلتهــا في بعض مفاصــل وزارة الداخليــة. على ســبيل املثال، مديريــة حماية املنشــآت التي تضــم أكثر من 50 ألف منتســب وأكثر من ألفــني 500و ضابط يتدرجون من رتبة عميد إلى رتبة مازم، جميعهم يتكّدسون في أماكن ال متس حياة املواطن بشكٍل مباشــر، األمر الذي استدعى من وزير الداخلية، هيكلة هذه املديرية وتوزيع الضباط واملنتسبني على الدوائر اخلدميــة التابعة للوزارة، كدوائر املرور واجلنسية ومراكز الشرطة وغيرها».

ورأى أن وجود هذه الكوادر في هذه الدوائر ميكنها مــن «تقــدمي اخلدمات بطريقــة منتجة تامس حاجة املواطن» الفتا في الوقت عينه إلى أن «هناك وحدات قتالية في شمال وغرب الباد قد متّر في حالة نقص في العّدة والعدد، ولذلك، فإن رفدهم بهذه األعداد، يسهم في رفع املستوى القتالي في قواطع املسؤولية».

«تقصير في الواجب»

وتأتي التغيرات األخيرة في وزارة الداخلية، على وقع قــرار (فــي األول من كانــون األول/ ديســمبر اجلاري) مماثل للوزير، يقضي بإقالة مدير مكافحة اخملــدرات في البصرة من منصبه، وإعفاء مدير تســجيل املركبات في مديرية مرور البصرة أيض ًا.

وطبقا لبيان أورده مكتب الوزير فإن أسباب اإلقالة جــاءت لـ«تقصيــره فــي أداء الواجب واملهام املوكلة إليه».

وبشأن أســباب التغيير في «مديرية مكافحة اخملدرات» أفاد أبو رغيف بأن «املديرية السابقة كانت شــبه ميتة ومعطلة، وعــدم رضا القضاء العراقــي بعمل هــذه املديرية التــي متثل عصا الضبط القضائي في ماحقــة وتفكيك اجلرمية املنّضمة، وخصوصًا االجتــار باخملدرات، لذلك فإن التغيير جاء بضابط لديه خبرة ســابقة في مكافحة اإلرهــاب واجلرميــة املنضمة، لغرض تنشــيط املديرية وإعــادة إحيائهــا، تزامنا مع تصدر العراق الدول باالجتار وتعاطي اخملدرات، فبعد أن كان ممرا غير مستهلك للمخدرات، أصبح تاجرا ومروجــ ًا ومســتهلك ًا، ومنتج ًا في بعض األحيان لها».

وفــي وقت ســابق مــن األســبوع املاضي، ذكرت وزارة الداخلية فــي بيان صحافي، بأن، «بناء علــى املنهاج احلكومي الــذي تبناه دولة رئيس الــوزراء القائد العام للقوات املســلحة، ورؤية وزيــر الداخلية بضرورة النهوض بواقع املؤسســة األمنية، وتلبيــة ملتطلبــات تطوير األداء، ورفع مســتوى اجلاهزيــة، فقد صدرت أوامر بتغيير عدد من املناصب العليا في مفاصل الوزارة بعد إكمالهم الســقف الزمني إلشــغال املنصب، ولرفد الوزارة بدماء جديدة».

وتقدمت الوزارة بـ«الشــكر والتقدير العالي للجهــود التي بذلهــا الضباط الذين شــملتهم اوامر التغيير الوظيفي فــي تثبيت دعائم االمن واالســتقر­ار طــوال الفترة املاضيــة». ومتنت «للضباط الذين مت تكليفهــم التوفيق والنجاح خلدمة البلد».

وأكــدت حرصها «علــى مواصلة مســيرتها املهنية مبا يعــزز االمن االســتقرا­ر في الباد». وفيما يتعلق بالتغييرات التي شملت مسؤولني فــي احلكومة الســابقة، أوضح أبــو رغيف إن «التغييرات التي أجراها السوداني أمر طبيعي. أي رئيــس وزراء يجري تغيــرات ليتناغم مع فريقه اجلديد، ســواء كان على مســتوى وكاء وزراء أو مــدراء عامني أو املكتــب القريب منه، ليتمكن مــن النهوض باألعباء» مبينــا إنه «أمر طبيعي».

وفي 28 تشرين األول/ أكتوبر، اجللسة األولى جمللــس الوزراء اجلديد برئاســة الســوداني، وجه األخير وزراءه، باالبتعــا­د عن «القرارات املتسرعة» في إجراء التغييرات والتعديات.

ووفقا ملا ذكره الســوداني في تلك اجللســة، فإنه وجه جميــع الوزراء بضــرورة «االبتعاد

عن اتخــاذ القرارات املتســرعة، وإصدار اوامر وتغييرات وتعديات في الوزارة، كذلك االبتعاد عن ممارســات اإللغاء واإلقصاء، واألخذ بعني االعتبــار أن كل املوجوديــ­ن هــم موظفون في الدولة العراقية، وأكد بأن لدينــا رؤية للتقييم وســيكون اجلميــع مشــمولني بهــذه الرؤية، ويخضعون للتقييم».

كما وجه بــأن يجري اختيار مــدراء مكاتب

الوزراء «مــن كوادر الــوزارة حصــرا» وعدم االســتعان­ة بـ«مدير مكتب من أي جهة سياسية، فالوزارات تزخــر باملوظفني مــن ذوي اخلبرة والنزاهة، املؤهلني لتولي هذه املهام» معتبرا أن هذه اخلطوة «ســتكون مبثابة رسالة اطمئنان للــوزارة نفســها وملوظفيها بــأن الوزير مهني ويبحث عن األكثر جدارة وخبرة واالكفأ لتكليفه بتولي هذا املوقع».

 ?? ?? عبد األمير الشمري وزير الداخلية في العراق
عبد األمير الشمري وزير الداخلية في العراق

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom