مصر: احلركة املدنية الدميقراطية تربط استمرارها في احلوار الوطني بإطالق املعتقلني
دعت إللغاء احملاكم االستثنائية ورفع القيود عن الصحف وتعديل تشريعات احلبس االحتياطي
عقدت أحــزاب احلركة املدنيــة الدميقراطية املصرية، مؤمتــرا صحافيا حتت عنوان «احلوار سبيل - واملواطن هدف» مســاء أمس السبت، إلطالع الــرأي العام على مشــروعها لإلصالح السياســي واالقتصــادي املزمــع تقدميــه في «احلــوار الوطنــي» الــذي دعا إليــه الرئيس املصري عبد الفتاح السيسي، رابطة استمرارها في احلوار بإطالق سراح املعتقلني.
وأعلنت احلركة، التي تضم 12 حزبا سياسيا وعددا من الشــخصيات العامة، أنها «تستهدف عملية شــاملة لإلصالح السياسي والتشريعي ينطلــق باجملتمع قدما بــإرادة قوية على طريق بناء الدولة املدنيــة الدميقراطية احلديثة التي جتســد احلرية والكرامــة اإلنســانية والعدل واملســاواة، ويضمن التعددية السياسية التي تؤدي إلى التداول السلمي للسلطة، ويقوم على احترام كافة احلقوق في الفكر والتنظيم والتعبير عن الرأي، مع وجود مؤسسات سياسية فعالة، على رأســها املؤسسات التشــريعية املنتخبة، والقضــاء املســتقل، واحلكومــة اخلاضعــة للمســاءلة الدستورية والشــعبية، واألحزاب السياســية املدنية مبختلــف تنوعاتها الفكرية واأليديولوجية».
دولة مدنية حديثة
وحســب ما جاء في املشــروع فــإن «الدولة املدنيــة الدميقراطيــة احلديثة هــي التي تكفل احلريات والتعبيــر بكافة صورها وأشــكالها، وفي مقدمتها حرية الصحافة ووســائل اإلعالم السمعية والبصرية واإللكترونية». كما «يعتمد على االنتخابات احلرة لضمان تداول الســلطة وحكم الشــعب، ويحقق أقصى قــدر ممكن من الالمركزيــة التي تتيــح للمجتمعــات احمللية التعبير عن نفســها وإطــالق طاقاتها اإلبداعية التي تسهم في حتقيق التقدم اإلنساني في جميع اجملاالت».
ويقترن ذلك، وفق املشروع «بتحقيق أقصى قدر من الشــفافية في احلياة العامة، مبا يشمل مكافحــة الفســاد، واحلكم الرشــيد، واحترام حقوق اإلنســان ومنهــا حقوق املــرأة والطفل واألقليــات، ويضمــن حــق التقاضــي جلميع املواطنــني والضمانات األساســية للمحاكمات العادلة، ويلزم باملعاملة اإلنسانية والكرمية في كافة أشــكال ومجاالت تعامل سلطات الدولة مع املواطنني».
ويشترط ذلك «النظام السياسي الدميقراطي، وجود مؤسســات قوية يفصل بينهــا القانون ويحمي استقاللها وفقا ملا قرره الدستور، متمثلة في ســلطة تنفيذية وسلطة تشــريعية وسلطة قضائية، وممارســة كل منها لدورها، فضال عن الصحافة واإلعالم ومؤسســات اجملتمع املدني، في إطار من الدميقراطية والشــفافية وســيادة القانون».
القائمة النسبية
واقترحــت احلركة عــددا مــن اإلصالحات التشريعية، منها «تبني نظام انتخابي بالقائمة النســبية يضمــن التنــوع للقــوى واألوزان السياســية اخملتلفــة فــي اجملتمــع ويحميــه تشــريعيا، مع توفير شــروط إقامة انتخابات حرة ونزيهة تضمن التعبير عن إرادة الناخبني واختياراتهم وتصون املمارســة الدميقراطية، وتقطــع الطريــق على احتــكار الســلطة، مع التشــديد على أن أي أعمال من شأنها تزوير أو جتاهــل إرادة الناخبني، تعد جرائم ال تســقط بالتقــادم ويعاقب عليهــا القانــون بعقوبات مشددة».
كمــا طالبت احلركــة بـ«تعديل كافــة املواد التشــريعية املتعلقة مبدة احلبــس االحتياطي والعــودة ليكون حدها األقصى ســتة أشــهر، وضمان أال يجوز متديدها بأي صورة من الصور حتــى ال يتحول احلبس االحتياطي إلى ســيف مســلط علي رقاب املواطنني، ويصبح عقوبة في حد ذاته».
إطالق سراح املعتقلني
ودعت إلــى «وقــف احلبس بســبب الرأي وإطالق سراح ســجناء الرأي الذين لم يقدموا إلى محاكمات أو لم تصدر ضدهم أحكام قضائية، وإصــدار عفو رئاســي عام عن ســجناء الرأي الذين لم تتلوث أيديهم بدماء الشعب املصري أو تتورط في العنف بأي صورة من الصور».
وأكدت على «تعديــل وضبط كافة النصوص التشــريعية في مختلف القوانــني التي تتعلق بتوقيــف املواطنــني والتحفــظ علــى أموالهم ومنعهم من الســفر والتحرك مبا يضمن احلفاظ على حقوق املواطنــني وحرياتهم التي يصونها
الدستور ويتســق مع املواثيق الدولية حلقوق اإلنســان التي وقعــت عليها مصــر، ومراجعة التشــريعات والقوانــني مبا يحقــق دعم قيم املواطنة الكاملــة وعدم التمييز، ونشــر ثقافة التســامح واحترام مبادئ التنوع وقبول اآلخر وحرية الفكر واالعتقــاد واالبداع، وهي حقوق أصيلة وأساســية لإلنســان تقوم عليها نهضة األمم ورقيها وحتقق رفاهية مواطنيها».
إلغاء القوانني االستثنائية
كما تضمــن مشــروع احلركــة «إصالحات سياســية ودميقراطيــة، منها إلغــاء القوانني االســتثنائية واحملاكم االســتثنائية، وتطبيق القوانني العادية ملواجهة كافة أشــكال اجلرائم في اجملتمع كجزء من عملية اإلصالح التشريعي والدميقراطــي، وبلــورة ضمانــات تكفل عدم االعتــداء علــى احلريــات العامــة واحلقوق السياســية» وأيضا «تعديل قوانــني األحزاب السياســية ومباشــرة احلقوق السياسية مبا يضمــن حرية تشــكيل األحــزاب السياســية باألخطــار وفــي إطــار الدســتور والقانــون وممارسة عملها ودورها في التوعية السياسية واحلقــوق السياســية ومفهــوم الدميقراطية وتشــجيع املواطنني على املشــاركة فــي العمل السياسي واالنتخابات».
وأكــدت احلركــة علــى «ضــرورة حتريــر
الصحافة ووسائل اإلعالم من القيود املفروضة عليها، كأحد دعائم النظام الدميقراطي، وأدوات حريــة التعبيــر، وتطويــر القوانــني املنظمة إلصدار الصحف وإنشــاء اإلذاعات والقنوات التليفزيونيــة، مبــا يضمــن اســتقالل امللكية واإلدارة، والشفافية في التمويل، ويحقق قدرة اإلعالميــني على تنظيــم مهنتهم وممارســتها، وتعديــل القوانني املتعلقــة بتكوين اجلمعيات والنقابــات واالحتــادات التطوعية، مبا يضمن حرية تشــكيل مؤسسات اجملتمع املدني وتفعيل سبل مشاركتها بشكل فاعل في احلياة العامة».
وشــكل ملف ســجناء الرأي نقطــة خالف جوهرية بــني النظام وأحــزاب احلركة املدنية الدميقراطية، حســب حمدين صباحي املرشــح الرئاسي األسبق، والقيادي في حزب «الكرامة» إذ قــال في كلمته فــي املؤمتــر الصحافي «إننا في احلركــة املدنية الدميقراطيــة قبلنا الدخول في احلوار الوطني بشــروط وهــي اإلفراج عن ســجناء الرأي جميعا وإذا لم يتحقق لن ندخل احلوار».
وأضــاف: «نحــن فــي احلركــة املدنيــة الدميقراطيــة نريد هــذا احلــوار الوطني بكل بجدية ومسؤوليتنا أمام شعبنا أننا نقدم بدائل للخروج من األزمة الراهنة».
وزاد: «صغنا فــي احلركة املدنية رؤية للخط الذي نتبناه في اجلانب السياسي واالقتصادي وندخل وســنناضل في احلوار الوطني من أجل حتقيقها». وتابع: «سواء دخلنا احلوار الوطني باستيفاء شــروطنا أو لم ندخل ومت منعنا منه بعدم اإليفاء بشــروطنا سنواصل النضال أيضا من أجل كلمتنا وحتقيق حلمنا».
وزاد: «الباب مفتوح للجميع وكل من يختلف معنــا بدعوتهم للتوحد ونناشــدكم أن تضعوا أيديكم معنا من أجــل اخلروج من األزمة حتى ال ينفجر الوضع، واحلركة املدنية ال تريد انفجارا وال انقالبا تريد تغييرا سلميا للوضع الراهن».
إجراءات اقتصادية خطيرة
مدحــت الزاهــد، رئيــس حــزب «التحالف الشعبي االشــتراكي» قال إن «احملور السياسي ضــرورة ألي محــور آخــر فــي ظــل فاعليته وتأثيراته».
وأضاف: «احلوار الوطنــي هدفه فتح اجملال العام، وقبلنا به مبدئيا، ألنه حوار بني الســلطة واملعارضة بهدف جوهــري وهو تطبيع احلياة السياسية واحلزبية بعد ســنوات من احلصار والقيود الشديدة .«
وتابــع أن «احلــوار الوطني لم يبــدأ بعد، وكانت هنــاك حتفظات حول املؤمتر االقتصادي األخير الذي عقدته الســلطة». وواصل: «هدفنا حوار متوازن ومفتوح ومتكافئ يتضمن اإلفراج عن ســجناء الرأي، ورفضنا أن نكــون أداة أو غطاء على إجراءات اقتصادية خطيرة، رفضنا ذلك، وأصدرنا بيانات رافضة فورا».
وعن ســجناء الــرأي، قــال: «هدفنا إطالق ســراح ســجناء الرأي وكل من مت القبض عليه كإجراء احتــرازي، كما نطالب بتعديل مجموعة من التشــريعات، وخاصــة املرتبطــة باجملال السياسي، وعدم تهميش األصوات املعارضة».
اآللة األمنية
وقال جورج إســحاق، عضو اجمللس القومي حلقوق اإلنســان، إنه «ال يصلح أبدا أننا نتكلم عن حوار وطنــي وما زالت اآللــة األمنية تعمل ضد أصحــاب اآلراء واخملتلفني مع الســلطة». وتابع: «يجب أن نكــون قوة فاعلة فيما نتمناه، وال يصلح اننــا نتكلم في حوار ومــا زال هناك أصحاب رأي في السجون.
يجب اإلفراج عن كل سجناء الرأي والتوقف عن مالحقة املواطنني».
أمــا، فريد زهــران، رئيس احلــزب املصري الدميقراطــي االجتماعــي، فقــال إن احلركــة املدنية تضم 12 حزبا سياســيا وعددا كبيرا من الشــخصيات العامة واملســتقلة تعتبر نفسها جزءا من الدولة املصرية ونظامها السياسي.
وأضــاف: «وضــع املعارضــة السياســية فــي مواجهة الدولــة مغالطة كبيــرة وال بد من تصحيحها، ونحن ننتهــج في عملنا في احلركة املدنية أساليب علمية وسياسية وقانونية».
وأضاف أن «احلركة املدنية هي جزء رئيسي من املعارضة في مصر ولعبت دورا في معارضة سياســات النظام احلاكم، وكانــت تدعو على الدوام للحــوار الوطني فيما بني أطراف اجملتمع اخملتلفــة وذلــك هو مطلبهــا الرئيســي، لذلك اســتقبلنا دعــوة الرئيس باإليجــاب ودخلنا احلــوار الوطنــي». وتابع أن «احلركــة املدنية جنحت في إعداد رؤى موحــدة وهذا إجناز في ظل املناخ الذي كان موجودا، ونؤكد أن اخلروج من األزمة الراهنة هو عدم إنكارها واالســتماع للبدائل ومراجعة السياسات القائمة».
اإلصالح هو املدخل
صــالح عدلــي رئيس احلــزب الشــيوعي املصــري، قــال إن «أحــزاب احلركــة املدنيــة تؤمن جميعــا بالتغيير، واإلصالح السياســي واالقتصادي هو املدخل».
وأضاف أن «احلركة تتبنى مشروعا واضحا لإلصالح السياســي واالقتصادي وتقدم بدائل حقيقية للسياسات التي تعارضها».
وتابــع أنه «منــذ الدعوة للحــوار الوطني، وأحزاب احلركة املدنية اتخــذت موقفا إيجابيا بشأن احلوار املطروح ونحن مع العمل السلمي والقانونــي وال نســتهدف اآلن إال اإلصــالح السياســي واقتصــادي واخلروج مــن األزمة الطاحنة».
وكان السيسي دعا في أبريل/ نيسان املاضي، إلى عقد حوار وطني وأعاد تشــكيل جلنة العفو الرئاســي ملراجعة ملفات السجناء السياسيني، ما أسفر عن صدور قرارات بالعفو الرئاسي عن عدد ممن صدرت ضدهم أحكام نهائية بالسجن بينهم البرملاني السابق زياد العليمي، وقرارات من النيابة بإخالء ســبيل املئات حسب بيانات اللجنــة، إال أن أحــزاب املعارضــة ومنظمــات اجملتمع املدني، تنتقد ما تصفه بالبطء في إصدار قرارات اإلفراج عن السجناء، وتواصل عمليات القبض على أصحاب الرأي.