Al-Quds Al-Arabi

املغرب: برملاني معارض ينتقد الناطق الرسمي باسم احلكومة وقيادي إسالمي يرد على تصريحات وزير العدل بشأن زواج القاصرات

-

ما زال اجلــدل متواصال حول انســحاب عدد من نواب املعارضة من جلســة األســبوع املاضي للغرفة األولى للبرملان املغربي، فبعدما قــال الوزير الناطق الرسمي باســم احلكومة إنه جرى منعه «بالصراخ» من احلديث خالل تلك اجللســة العامة ومورس عليه نوع من التعســف، اعتبر النائب رشــيد حموني عن حزب «التقــدم واالشــترا­كية» املعــارض أن بعض الوزراء يرفضون اإلجابة عن أسئلة البرملانين.

وكتــب تدوينــة فــي صفحتــه الرســمية على «فيســبوك» أوضح فيها أن الوزير مصطفى بايتاس، الناطق باســم احلكومة، قدم روايــة مخالفة للواقع حول انســحاب البرملانين، كما ســاق تأويال مخالفا للقانون، وقام بتهجم ُمتغّول على املعارضة.

وقــال البرملاني نفســه إن «احتجاجنا كمعارضة وطنية دميقراطية وبناءة ومســؤولة في اجللســة املذكــورة، يعود إلــى أ ّن قطاع ًا وزاريــ ًا كان حاضر ًا ورفض كل اقتراحات مواضيعنــا، كفريق نيابي، من أجل إدراج ســؤال شــفوي من بن كل تلك املستوفية للشــروط واآلجال القانونية، والتــي يمكننا إطالع الرأي العــام الوطني عليهــا بالدليــل والبرهان». ووصف ما قام به الناطق الرســمي باســم احلكومة بإهانة للبرملانين وللمؤسســة التشريعية من خالل «إعطــاء االنطبــاع، زورًا وبهتانــًا، بــأن النائبات والنــواب البرملانين يريــدون برمجة أســئلة غير مستوفية للشروط واآلجال القانونية».

والحظ أن «ســلوك عدد من الوزراء في احلكومة منهج التعنت ورفــض اجلواب على أســئلة نائبات ونواب األمــة، أو العجز عن ذلك، ليــس أمر ًا جديد ًا، وتوجد عليه أدلة قاطعة، حيث توجد مئات األســئلة الكتابيــة مثال مــن دون جواب، رغم مــرور اآلجال الدستورية» وتســاءل: «هل هذا مؤشر على التعاون والتكامل الذي حتدث عنه الوزير مصطفى بايتاس!؟

أم إنه مؤشر على الكفاءة السياسية للوزراء؟ أم إنه مؤشــر على احترام احلكومة للبرملان؟ أم إنه مؤشر على الفعالية؟!».

وتابع قائال: «لقد تقمص الســيد الناطق الرسمي باســم احلكومة دور الفقيه الدســتوري في شــرح وتفســير وتأويل النظام الداخلي جمللــس النواب، ُمحاو ًال إعطــاء االنطباع بأ ّن البرملــان لم يعد فضاًء للحــوار والنقاش. وهــذا أمر خطيــر ينطوي على اســتصغار غيــر مقبــول نهائيــا ملكانة املؤسســة التشــريعي­ة، كفضــاء للتعبير احلــر والدميقراط­ي. واحلقيقــة التي غابت عن الســيد الوزيــر، أو غيبها قصدا، هي أن النظام الداخلــي جمللس النواب يؤطر وينظم تناول الكلمة، بالنسبة للجميع، بدقة وتفصيل متناهيــن. وليس هناك أبدا مجــال للتالعب في هذا األمــر أو االلتفاف عليه، أو التحايــل عليه، حتت أي مبرر كان، ومن أي كان».

علــى صعيــد آخــر، أثــارت تصريحــات وزير العدل املغربــي، عبد اللطيف وهبــي، حول «جترمي زواج القاصــرات» ردود فعــل رافضــة، ال ســيما لــدى حــزب «العدالــة والتنمية» املعــارض، حيث قال رضــا بوكمازي، عضــو األمانــة العامة للحزب اإلســالمي، إن «هــذا التصريــح يعكــس وجهــة نظــر تهدف إلــى املزيد مــن تفكيك بنيــات ولبنات اجملتمــع، والتي تعد األســرة محورهــا ومركزها». وكان الوزير وهبي أعلن عن مساندته لألصوات التي تنادي بتجرمي زواج الفتيات أقل من 18 سنة، في إطار النقاشــات حول تعديل قانون األسرة املغربي. وقال خالل جلسة برملانية: «أنا مع جترمي زواج القاصرات ومع إلغاء اإلذن الــذي يعطى من طرف القاضي، ألن القاصــر يجب أال تتــزوج إال بعد بلوغها 18 ســنة»، مشيرا إلى أنه في سنة 2017 مت تزويج 26 ألف قاصر قبل أن تنخفض إلــى 12 ألفا في ســنة ،2020 ليعود العدد إلى 19 ألفا ســنة .»2021 وقــال رضا بوكمازي في تصريح ملوقع حزب «العدالة والتنمية»، إن املشرع املغربي حدد للزواج الســن األدنى في 18 سنة وجعل االســتثنا­ء مق َّيد ًا ومحط مراقبة قضائيــة ق ْبلية، من خالل إذن خاص يصدره قاضي األسرة بعد أن تتوفر فــي احلالة املعروضــة عليه عدد من الشــروط التي استلزمها املشرع.

وأوضــح أن زواج الفتيــات أو الفتيــان أقل من 18 ســنة قد يطرح بعض اإلشــكاال­ت والصعوبات، اســتحضارا لبعض املمارســا­ت هنــا أو هناك، لكن املشــ ّرع املغربي من خالل مدونة األســرة كان حكيم ًا حينما قيد هذا النوع من الزيجات.

ومــا يؤكــد أهميــة هــذا االســتثنا­ء القانوني والقضائي، يضيف بوكمازي، هــو املطلب اجملتمعي املتزايد علــى هذا النوع من الزيجــات حيث يتجاوز عدد الطلبات املقدمة من قبل الفتيات أقل من 18 ســنة بشكل ســنوي 35 ألف طلب، كما تشكل نسبة األذون بالزواج 10 في املئــة من مجموع عقود الزواج املبرمة سنويا.

وأضــاف القيــادي اإلســالمي أن الصيغة التي اعتمدها املغــرب وهي جعــل احلد األدنــى للزواج بالنســبة للفتيــات 18 ســنة، ومتكــن القضاء من حق منح االســتثنا­ء بعد توفر الشــروط املنصوص عليها ضمن مدونة األســرة، ليست خاصية مغربية، باعتبار أن هذه التجربة أخــذت بها مختلف األنظمة التشريعية مبا فيها عدد كبير من التشريعات الغربية (في مقدمتها الواليــات املتحدة االمريكية، روســيا أملانيا…)، مبا فيهــا املنظومات القيميــة واملرجعية التي يعتبر وزير العدل، نفســه وفيــا لها وينهل منها مرجعيته احلداثية.

وتســاءل رضا بوكمازي عن املنطــق الذي يحكم عبــد اللطيف وهبي في تعاطيه مــع موضوع احلرية الشــخصية، حيث إن املالحظ أنه كلمــا تعلق األمر بقضايــا تتوافــق ومنظومــة قيم الدولــة واجملتمع ورغباته، إال وصرح أنه يجب معاكســتها مبقتضيات تشريعية جديدة حتد من احلق في االختيار.

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom