Al-Quds Al-Arabi

بن غفير في السفارة... «حسن سلوك» أم «مصيدة عسل» إماراتية؟

-

البروتوكول لم يلزم ســفارة اإلمارات في إســرائيل بدعــوة ايتمــار بن غفيــر حلضور مراســيم االحتفال باليــوم الوطني الـ .51 بن غفيــر ليس وزيــرا ولم يؤد اليمــن حتى اآلن لتســلم منصبــه. وحســب مصدر سياســي أردني، فإن «دعوة بن غفير هي مبثابة اتخاذ موقف واضــح، يجب فهمه كرغبــة اإلمارات فــي التأثيــر على خطــوات حكومــة نتنياهو القادمة، وذلك لتقدمي بادرة حســن نية جتاه املمثــل األكثــر تطرفا فيهــا كوســيلة جلذبه إلى مصيدة العســل. من الواضــح لنا جميعا أن لــدى احلكومة اجلديدة عــدة تهديدات قد تشــعل الضفــة والقــدس واملنطقــة برمتها. ولكن أبو ظبي تســلك «دبلوماسية إيجابية» بدال مــن التحذيــر والتهديد. فهل ستســاعد هــذه الطريقــة إذا اتخــذ بــن غفيــر خطوات لتهويد للحرم؟ سننتظر ونرى».

فــي هــذا الســياق، ذكــر مصــدر مــا بأن اإلمارات ربطت التوقيع على اتفاقات إبراهيم بتراجــع نتنياهــو عــن النيــة احلقيقيــة، أو الوهميــة، لضم «املناطق». في حينه، ســجل ولــي عهد اإلمــارات، محمــد بن زايــد (الذي عن الحق ًا حاكمـ ًـا للدولة) إجناز ًا مهم ًا، وهو شــرعنة اتفاقــات إبراهيــم، وخلــق ارتباطا حتى لو كان شــكليا بن القضية الفلسطينية والسالم مع إسرائيل.

يبدو أن النيــة مشــابهة اآلن، وهي تذكير نتنياهو بحجر األســاس الــذي وضعت عليه اتفاقــات الســالم مــع اإلمــارات وربــط بــن غفير بالتزامــا­ت نتنياهو. إضافــة إلى ذلك، اإلمارات هي الدولة العربية األولى التي متنح «الشــرعنة» لنب غفيــر، وهي بذلــك ال تعطي إشــارات لــدول عربية أخــرى حول املســار املطلوب فــي هذه األثنــاء فقط، بــل وحتقق مكاســب سياســية بأنهــا ســتكون الدولــة األساســية ذات التأثير على سلوك احلكومة اجلديدة.

األردن ومصر واملغــرب والبحرين حتافظ على هــدوء نســبي في هــذه األثنــاء. امتنع الزعمــاء فــي هــذه الدول عــن إبــداء موقف علنــي مــن احلكومــة اجلديــدة بشــكل عام

وأمام بن غفير بشــكل خاص. وفي وســائل اإلعالم، ال ســيما فــي مصر، يبــدو أن اخلط الذي يتم إمــالؤه يتطلب عرض هــذا التهديد بصورة محســوبة، بحيث يبــرز اخلطر الذي يواجــه الفلســطين­ين، لكــن بــدون أن يدعو إلــى ردود للجماهيــر فــي الــدول العربيــة. نشــر فــي األســبوع املاضــي مقــال مطــول فــي صحيفــة «األهــرام» املصريــة ومت فيــه تفصيــل ســيرة حيــاة بــن غفير السياســية والشــخصية بأســلوب جاف تقريبــا. وفي نهايــة املقال ظهرت الفقــرة: «اخلوف من بن

غفير ال يوجد فقط في أوســاط الفلسطينين والعــرب في إســرائيل، بــل ميتد أيضــا إلى املواطــن اإلســرائي­لي الذي يخــاف من ثورة دينيــة ميينية ســتحدثها نتائــج االنتخابات ومن طريقة ســتؤثر فيها علــى حياة املواطن العادي». لم تتطرق الكلمة إلى تأثير احلكومة اجلديدة على العالقات بن إسرائيل ومصر، ولم تدع النظام املصري «التخاذ موقف».

االنتقــاد الشــديد والنبــوءا­ت التهديديــ­ة ميكــن قراءتها وســماعها في وســائل إعالم عربيــة تصــدر خــارج الشــرق األوســط أو فــي دول ليســت لهــا عالقات مع إســرائيل. «الصهيونية القاتلة تقف في وسط املسرح»؛ «الكيــان الصهيونــي يكشــف عــن وجهــه احلقيقــي بــدون جتميــل أو إخفــاء»؛ «على الدول العربية االســتيقا­ظ ووقف طموحات احلكومــة الصهيونيــ­ة»؛ هــذه مجــرد أمثلة قليلة من التصريحات التي كتبت في مقاالت الرأي.

باحث كبير في مركز األبحاث السياســية فــي صحيفة «األهــرام» املصريــة اقترح عدم التأثر في هذه األثناء بهذه التصريحات التي «ســمعنا مثلها أيضــا في واليــات حكومات نتنياهو السابقة». في محادثة مع «هآرتس»، قدر هذا الباحث بأن زعماء الدول التي وقعت علــى اتفاقات الســالم مع إســرائيل يتبنون مقاربــة براغماتيــ­ة حســب مصالــح دولهم. «ملصــر مصلحــة فــي اإلبقــاء علــى منظومة التعاون الوثيق مع إســرائيل، سواء من أجل وقــف التطــورات العنيفــة في قطــاع غزة أو من تســويق الغاز للــدول األوروبية. القضية الفلسطينية مهمة جدًا، لكن مصر تدرك أيضًا بأنه ال فائدة فــي هذه األثناء من التحدث عن حل الدولتن، وأنــه من األفضل التركيز على احلفاظ على الوضع الســائد في قطاع غزة»، قال الباحث.

«التقديــر هــو أنــه وفــي ظــل احلكومــة اجلديدة، ســيتم احلفاظ على هــذه املصلحة املشــتركة لعدم وجــود أي مصلحة لنب غفير في إطــالق الصواريخ من غــزة. من الواضح أن مصالــح مصــر ال تشــبه مصالــح األردن أو اإلمــارات، لكنهــا ال تنفصــل عنهــا»، قال الباحث.

وجــه الباحث أقواله للخطر الذي يتربص، ســواء مبصر أو اإلمارات، بســبب التطورات املتوقعة فــي الضفة الغربيــة أو في القدس، التي قد حتدث اســتيقاظًا عامــًا واحتجاجًا جماهيريــا فــي شــوارع القاهرة وعمــان أو الرباط. «نعيش في منظومة آنية مســتطرقة، ما زال للفلســطين­ين فيها بــؤرة قوة واحدة، وهــي التأثيــر علــى الــرأي العــام العربــي وإزعــاج األنظمــة»، قال باحث فــي صحيفة أردنيــة رســمية، وهــو فلســطيني األصــل. «لســُت شــخصًا ســاذجًا. مع مرور السنن تآكلت قدرة الفلســطين­ين في «املناطق» على حتريــك الرأي العــام العربي. املــكان الوحيد الــذي ميكــن احلصول منــه علــى االحتجاج هو احلرم، لكنــه املكان الذي يســعى إليه بن غفير وأمثالــه في اليمن املتطــرف. هذه هي نقطة ضعــف األردن، وعندمــا تكون العالقة بــن نتنياهو وامللك بعيدة عن أن تكون ودية، ســيضطر امللك إلى االستناد إلى زعماء عرب آخرين وعلى الواليات املتحدة من أجل تهدئة حكومة إسرائيل».

قــد يكــون دور الواليــات املتحــدة ككابح محتمل لـ «أعمال الشغب» حلكومة نتنياهو، حاســما، لكنه ليس ركيزة آمنة. التصريحات التي وصلــت مؤخرا من شــخصيات رفيعة، مــن بينهــا الرئيــس األمريكي وأعضــاء في الكونغــرس ورؤســاء اجلاليــة اليهوديــة بخصوص تشــكيلة احلكومة في إســرائيل، وال ســيما ضــم بــن غفيــر وســموتريت­ش وإعطائهــم مناصب رفيعة، تــدل على القلق، لكنهــا ال تــدل علــى سياســة حتــى اآلن. «أعــرف أن اإلدارة األمريكيــ­ة متــر في عملية فعــل حملاولة تقييــد الضرر املتوقــع من ضم هــذه اجلهات املتطرفــة في احلكومــة»، قال الســناتور الدميقراطي كريس فان هولن في مؤمتر ملنتدى السادات في جامعة ميريالند. املتحدث بلســان وزارة اخلارجيــة األمريكية نيــد برايس، أطلــق على وجود بــن غفير في احتفال الذكرى مبئير كهانا بأنه «أمر مقرف، ال كلمة أخــرى لوصف ذلك»؛ فــي حن حذر السناتور بوب ميناندز، نتنياهو مباشرة من ضم سموتريتش وبن غفير للحكومة.

«محاوالتنا تدل علــى أن الواليات املتحدة جنحت فــي تغييــر سياســة إســرائيل فقط في مواضيــع تكتيكية، وليس اســتراتيج­ية. شــاهدنا موقــف إســرائيل فيمــا يتعلــق باملفاوضــ­ات حــول االتفاق النــووي عندما وقفت بشكل استفزازي ضد جهود أمريكا»، قــال الباحــث مــن معهــد «األهــرام». «يبدو أن هنــاك نشــاط ًا أمريكيًا ناجعــًا أكثر، وهو نشــاط يفضــل أن يســتعرض قوتــه قبل أن يضطر زعماء الدول العربية التي وقعت على اتفاقات الســالم إلى اتخاذ سياسة ستملى عليهم بضغط جماهيري».

هآرتس 2022/12/4

 ?? ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom