حني يصبح نتنياهو املعقل األخير ملنع قيام دولة األبرتهايد
انظر كيف تدور العجلة. كبار ممن يكرهون نتنياهو بــدأوا ينظرون إليه؛ علــى أنه األمل األخيــر. كيف تدور العجلة: مــا كان في األمس ميين ًا متطرف ًا في إسرائيل يع ّد اآلن ميين ًا معتد ًال. إضافة إلى اليمــن البيبي في احلكومة القادمة، هناك مين على ميينه، وهو (هكذا يعترف حتى من كانوا يصرخون «فقط ليس بيبي»)، خطير حتــى أكثر من بيبي. كان هــذا فص ًال قصير ًا في النظرية النسبية لليمن في إسرائيل.
في الواقع اجلديــد، الذي يبدو أنه أخطر مما ســبقه، بات نتنياهو األمل األخيــر. صحيح، نتنياهو من األرواح واجلن. هل ســيفاجئنا أم يخيــب أملنا. اجلواب عنده. ســيحكم التاريخ هل أراد هذه احلكومة، التي في معظمها مناقضة ملواقفه، أم دفع إليها بسبب املقاطعة التي فرضها عليه املعســكر املنــاوئ. هذا املعســكر انتقد، والنتيجــة أن االنتخابات أوضحــت أنه «فقط بيبي».
من الســهل توقع خضوع نتنياهو لكل األمور اجملنونة إلنقاذ نفســه من احملاكمــة، فهذه في نهايــة املطــاف هــي أم االفتراضــات كلها كما تصورها وســائل اإلعالم الرئيسية، واجلميع يعرفون ذلك. ســيقوم نتنياهو حتى ببيع أمه، وال نريد التحدث عن االعتقادات التي ال ميلكها كي ال يصل إلى السجن. هذا أمر أساسي، لكن ال
ميكن جتاهل اخليار اآلخر.
عند قــراءة كتاب ســيرته الذاتيــة، البليغ واملمتــع، «بيبي، قصة حية»، نؤمن ولو بالقليل بوجــود بيبي آخــر. وإذا كان األمــر هكذا، فيا ليت يظهر على الفور. إذا كان نتنياهو هو نفس نتنياهو املوجود فــي الكتــاب، فعندها يكون اختبــاره قد بــدأ اآلن، وهو وقــف االجنراف، وعليــه أن يوقفــه بجســده ويبقــي بقايــا الدميقراطيــة العلمانية لليهود كمــا هم. أما إذا تبن أن نتنياهو املوجود في الكتاب مجرد وهم فعندها سنقابل واقعًا جديدًا فيه؛ فـ «هآرتس» مثال، ال ميكن أن تبقى «هآرتس».
في نهاية األســبوع، حن أعلن نتنياهو بأن مســيرة الفخار ستســير في القــدس بصورة قاطعة، مت إشــعال ضوء صغيــر ألمل كهذا. من يقولون «فقط ليس بيبي» سيقولون بأن كلمته لم تكن كلمــة يوما ما، وأنه كذاب ابن كذاب. هل سيقول أمورا حقيقية هذه املرة؟ نتنياهو يعرف جيدا الشــيء املوضــوع على كفــة امليزان في الوقت احلالي. رغم نظرية الكراهية الســائدة ضــده هناك بضعة أمور في رأســه باســتثناء احملاكمة والقضــاء. هكذا، ميكن االفتراض بأنه يعرف كبر املســؤولية امللقاة عليه، وأنها أثقل مما كان في أي حكومة أخرى ترأسها.
نتنياهو هو احلاجز األخيــر، املعقل األخير، بن األصوليــة اليهودية العنصريــة واملثيرة لالشــمئزاز وبن مجــرد دولــة األبرتهايد. إذا أراد، فسنواصل تنفيذ ما يؤيده شعب الهايتيك
واحلواجز، الذي ال يؤمن بالتسوية، وفي نفس الوقت ال يؤمن بســفك الدماء الزائد، بل بقوته فقط.
هذا سيئ جدا، لكن في حالة فشله فسيتطور شــيء أســوأ هنــا: اجلمهوريــة اليهوديــة اإلســرائيلية. عكــس اجلمهورية اإلســالمية. نتنياهو هــو الوحيد الذي ميكنــه وقف أعمال ذبح الفلســطينين، هذه املذابح انطلقت؛ هدم قرى وطرد ســكانها، وهي خطط أصبحت على الــورق؛ حياة عــار للمثليــن، ووصايا دينية للعلمانيــن؛ منع توجيــه االنتقــاد للجنود، وأصبحت القوانن في الطريق؛ ومنع معارضة االحتالل. ال أحد غير نتنياهو ميكنه منع حتويل تل أبيب إلى مزيج من إسبارطة وطهران.
من السخرية أن الوسط – يسار بحاجة اآلن إلى نتنياهو قوي. بعد قليل، ســيصعد املعسكر فــوق اجلســور وســيرفع أعالمــه اجلديدة. ســيرفرف علم «تعال»! بدال من «ارحل». زعيم اجلمهــور اجلديد، غــادي آيزنكــوت، ميكنه دعوة مليون إسرائيلي للخروج إلى الشوارع. مشكوك فيه أن يخرج عشرة آالف شخص.
ليس نتنياهو هو الوحيــد الذي يجب عليه أن يجمع القوة والشجاعة، بل على معسكر من يكرهونه أن يدركوا بأن الوضع قد يكون أسوأ، وأن نتنياهــو ليس هو الشــيطان املوجود في القصص، بل هو أيضا سياسي ميكن تعليق أمل أخير عليه، ضعيف ولكنه غير معدوم.
هآرتس 2022/12/4