Al-Quds Al-Arabi

ماذا لو طلبت «الهاي» تفسير «املعنى القانوني» الستمرار إسرائيل في احتاللها للضفة الغربية؟

-

لم يســبق أن كانت مكانة إســرائيل اإلقليمية والدولية أفضل. فقوتها العســكرية واالقتصادي­ة جعلتها دولة يسعى اجلميع إلى التقرب منها ونيل مساعدتها.

وساهمت في ذلك احلرب في أوكرانيا، التهديد اإليراني املتعاظــم، األمران اللذان ســاعدا على تثبيت وتعزيــز العالقات بن إســرائيل ومعظم الدول العربية، ومــع دول أوروبا التي كانت تعد من أكبر منتقدينا.

ألولئــك اإلســرائي­لين الذين قطعوا شــوطا طويــال إلى قطر للبحث عن أصدقــاء ولم يكتفوا مبشاهدة املونديال، تبن أن الشارع العربي وإن كان ال يبــدي العطف الذي يبديــه حكامه جتاه إســرائيل، إال أنه هو أيضا يقبل ويســلم بحقيقة وجود إســرائيل، وعمليا بحقيقــة انتصارها في الصراع التاريخي الذي أداره العرب ضدها طول القرن املاضي.

لكن رئيــس حكومة إســرائيل األول دافيد بن غوريون، هــو الذي عــاد وادعى بأن مســتقبل إســرائيل متعلق ليس بقوتها وبعظمتها فقط، بل وبعدالــة طريقها. مبعنــى، باعترافنا وباعتراف العالم، املتنور والدميقراط­ي على األقل بشــرعية إسرائيل وشرعية سياستها وخطواتها.

هذه الشــرعية تعيش منذ سنن حتت هجوم الفلســطين­ين ومؤيديهم، غير أن أمواجه تتحطم في الغالــب على احلائط احلديدي اإلســرائي­لي. وهكذا فــال معنى حلمالت املقاطعــة والتحريض والقــرارا­ت التــي تتخذها املؤسســات الدولية التي ضمن للفلســطين­ين أغلبيــة تلقائية فيها. لكن من اخلطأ االســتخفا­ف بحملة نزع الشرعية اجلارية ضد إســرائيل؛ فبعد كل شيء، وقبل أقل من عقد، اضطر زعماء وضباط كبار من إســرائيل إلى الفرار كســراقن من دول في الغرب زاروها، خشــية اعتقالهم ورفع لوائح اتهــام ضدهم على خرق القانــون الدولي في «يهودا والســامرة». هذا املوضع ســوي، وفي بعض دول أوروبا، مثل بريطانيــا، مت تغيير القانون الذي ســمح جلهاز القضــاء بضغط رشــيق على الزنــاد. ومع ذلك، تقررت السابقة وقد تتكرر.

فــي كانــون األول ،2016 في اختطــاف أخير إلدارة أوباما، اتخذ مجلــس األمن قرارا مبوجبه ُتعّد املستوطنات اإلســرائي­لية في «املناطق» غير شرعية، ودعا إسرائيل لوقفها. الواليات املتحدة التي بادرت على ما يبدو إلى القرار، امتنعت لكن ســمحت باتخاذه عمليا بذلك. لم يتضمن القرار تطرقا للمادة الســابعة من ميثاق األمم املتحدة، التي تقضي أن بوسع مجلس األمن فرض عقوبات اقتصادية أو أن يأمر باستخدام القوة العسكرية في حالة خرق القانون الدولي. ومع ذلك، ال شــك أن هذا ســيف وضع على رقبة إسرائيل، وفيه ما يقيد حرية عملها في «املناطق».

أضيف إلى ذلــك القرار الــذي اتخذته إحدى جلان األمم املتحدة األســبوع املاضي، ومبوجبه طلــب من احملكمــة الدولية في الهــاي أن تعطي رأيها في «املعنى القانوني لالحتالل اإلســرائي­لي املتواصــل» في «املناطق» [الضفــة الغربية] وأن تقــرر إذا كان هذا خرقا للقانون الدولي أو جرمية حرب. ســبق للمحكمة أن قضت قبل أكثر من عقد بأن إقامة إســرائيل جلدار الفصل ليست قانونية ألنه يخرج عن أراضي دولة إسرائيل التي حددتها احملكمة باخلط األخضر للرابع من حزيران .1967

ثمة قــرار محتمل مــن احملكمة بــأن الوجود اإلســرائي­لي في «املناطق» هو جرميــة قد تكون لها آثار بعيدة املدى على مكانة إســرائيل الدولة، إذ إن بوســعها أن تشكل أساســا التخاذ قرارات حــادة وصعبة، كتبنــي عقوبات ضد إســرائيل كالتي فرضت على روســيا. فهل ميكــن التعويل على الواليــات املتحدة في منع مثــل هذا القرار؟ رمبا. لكن مثلما سبق أن رأينا، رمبا يؤدي التوتر في العالقات مع الواليات املتحدة إلى االمتناع أو حتى إلى تأييد أمريكي للقرار.

إن خطــوة التوجه إلى «الهــاي» كان ينبغي إيقافها قبــل األوان. أمــا اآلن، فقد تــرك القطار احملطة، وســيكون الصراع ضــده أصعب وأكثر تركيبا.

إسرائيل اليوم 2022/12/4

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom