Al-Quds Al-Arabi

ﻣﻦ ﻛﺎﻓﻜﺎ إﻟﻰ ﻣﺎرﻛﻴﺰ... اﳌﻮﺗﻰ ﻳﻌﻮدون ﺛﺎﻧﻴًﺔ!

- ■ ﺑﺮوﻳﻦ ﺣﺒﻴﺐ * ٭ ﺷﺎﻋﺮة وإﻋﻼﻣﻴﺔ ﻣﻦ اﻟﺒﺤﺮﻳﻦ

»ﻫﻨــﺎ ـ ﻋﺰﻳﺰي ﻣﺎﻛﺲ ـ رﺟﺎﺋﻲ اﻷﺧﻴﺮ: ﻛّﻞ ﻣــﺎ ﳝﻜﻦ اﻟﻌﺜﻮر ﻋﻠﻴﻪ ﻓﻲ ﻣﺎ أﺗﺮﻛﻪ ﺑﻌﺪي )أي ﻓﻲ ﻣﻜﺘﺒﺘﻲ، أو ﻓﻲ ﺧﺰاﻧﺘﻲ، أو ﻟﺪى ﺳــﻜﺮﺗﻴﺮﺗﻲ، ﻓﻲ اﳌﻨﺰل أو ﻓﻲ اﳌﻜﺘﺐ أو ﻓﻲ أي ﻣﻜﺎن(... ﻣﻦ دﻓﺎﺗﺮ وﻣﺨﻄﻮﻃﺎت ورﺳــﺎﺋﻞ ﺷﺨﺼﻴﺔ أو ﻏﻴﺮﻫﺎ. ﻳﺠﺐ ﺣﺮﻗﻪ دون ﻗﻴﻮد ودون ﻗﺮاءﺗﻪ«. ﻻ ﺗﺰال ﻫﺬه اﻟﻮﺻﻴﺔ ﻣﻦ ﻓﺮاﻧﺰ ﻛﺎﻓﻜﺎ إﻟﻰ ﺻﺪﻳﻘﻪ ﻣﺎﻛﺲ ﺑﺮود ﻗﺒﻞ 123 ﺳﻨﺔ ُﺗﺴﻴﻞ ﺣﺒﺮا ﻛﺜﻴﺮا، ﻓﻘﺪ ُأ ّﻟﻔﺖ ﺣﻮﻟﻬﺎ ﻛﺘﺐ وُﻧﺸــﺮت ﻣﻘﺎﻻت ﻻ ﲢﺼﻰ ﻛﻠﻬﺎ ﲢﺎول اﻹﺟﺎﺑﺔ ﻋﻠﻰ ﺳﺆال إﺷﻜﺎﻟﻲ: ﻫﻞ ﻳﺤــﻖ ﻟﻠﻮﺻّﻲ أن ﻳﺨﺎﻟﻒ رﻏﺒﺔ اﳌﻮﺻﻲ ﺑﻌﺪ وﻓﺎﺗﻪ إذا ارﺗﺄى أﺳــﺒﺎﺑﺎ ﻣﻮﺟﺒﺔ ﻟﺬﻟــﻚ؟ وﺑﻌﻴﺪا ﻋﻦ ﻫﺬه اﻟﺼﻴﺎﻏﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻴﺔ اﳉﺎﻓﺔ ﻟﻠﺴــﺆال ﳝﻜﻦ ﻃﺮﺣﻪ ﻓﻲ ﻣﻮﺿﻮع ﻛﺎﻓﻜﺎ ﺑﺎﻟﺸــﻜﻞ اﻟﺘﺎﻟﻲ: ﻫﻞ ﻛﺎن ﻣﺎﻛﺲ ﺑﺮود ﻣﺤﻘﺎ ﻓﻲ ﻧﺸﺮ ﻛﺘﺐ ﻛﺎﻓﻜﺎ وﻳﻮﻣﻴﺎﺗﻪ رﻏﻢ وﺻﻴﺘﻪ ﺑﺤﺮﻗﻬﺎ؟

رﻏﻢ اﻻﻋﺘﺒﺎرات اﻷﺧﻼﻗﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺘﺒﺮ ﻧﺸــﺮ ﻣﺎﻛﺲ ﺑﺮود ﻟﻜﺘﺐ ﻛﺎﻓﻜﺎ، ﻓﻌﻞ ﺧﻴﺎﻧﺔ وﻣﺨﺎﻟﻔــﺔ ﻟﺮﻏﺒﺔ ﻣﻜﺘﻮﺑﺔ وﻣﻮﺛﻘﺔ ﻣﻦ ﺻﺎﺣﺒﻪ، ﻏﻴــﺮ أن اﻟﻘﻴﻤﺔ اﻷدﺑﻴﺔ اﻟﻌﺎﻟﻴﺔ ﻟﺮواﻳﺎت »اﶈﺎﻛﻤــﺔ« و»اﻟﻘﻠﻌﺔ« و»أﻣﺮﻳﻜﺎ« - اﻟﺘﻲ دوﻧﻬﺎ ﻧﺴﺘﺸــﻌﺮ ﻧﻘﺼﺎ ﻛﺒﻴﺮا ﻓﻲ ﻓﻬﻢ اﳌﺸﺮوع اﻟﻜﺎﻓﻜﻮي اﻷدﺑﻲ - ﺟﻌﻠﺖ ﻛﺜﻴﺮا ﻣﻦ ﻗﺮاء ﻛﺘﺎﺑﺎت ﻛﺎﻓــﻜﺎ واﻟﻨﻘﺎد ﻳﻐﻀﻮن اﻟﻨﻈﺮ ﻋﻦ ذﻟﻚ، ﻣﻠﺘﻤﺴــﲔ أﻋﺬارا ﻛﺜﻴــﺮة ﻟﺒﺮود ﻓﻬﻮ ﺻﺪﻳﻖ ﻛﺎﻓﻜﺎ اﳌﻘﺮب، وأﻋﻠﻢ اﻟﻨــﺎس إن ﻛﺎن ﻳﻮم أوﺻﻰ ﺑﺤﺮق ﻛﺘﺒﻪ ﻓﻲ ﻣﺰاج ﺳﻠﻴﻢ ﻳﺆﻫﻠﻪ ﻟﻘﺮار ﻛﻬﺬا، ﺛﻢ إن ﺑﺮود ﻧﻔﺴﻪ ﻛﺎﺗﺐ ﻧﺎﺟﺢ ﻏﺰﻳﺮ اﻹﻧﺘﺎج، ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﺗﻘﺪﻳــﺮ اﻟﻘﻴﻤﺔ اﻟﻔﻨﻴﺔ ﻟﻄﻮﻃﺎت ﻛﺎﻓﻜﺎ اﻟﺘﻲ ﺑﲔ ﻳﺪﻳﻪ، وﻛﻮﻧﻬﺎ ﺗﺸــﻜﻞ إﺿﺎﻓﺔ إﺑﺪاﻋﻴﺔ ﻷدﺑﻪ، ﻛﻤﺎ ﺑّﻴﻨﺘﻪ ﺑﺘّﻮﺳــﻊ ﺑﺪﻳﻌﺔ أﻣﲔ ﻓــﻲ ﻛﺘﺎﺑﻬﺎ »ﻫﻞ ﻳﻨﺒﻐﻲ إﺣﺮاق ﻛﺎﻓــﻜﺎ؟« وﻳﻜﻔﻲ أن ﻧﺬﻛﺮ ﺟﻤﻠﺔ ﺷــﻬﻴﺮة ﳌﻴﻼن ﻛﺎﻧﺪﻳﺮا ﻓــﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ »اﻟﻮﺻﺎﻳﺎ اﳌﻐــﺪورة« ﻳﺜﻤﻦ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﺎ ﻓﻌﻠــﻪ ﻣﺎﻛﺲ ﺑﺮود، وإن ﻛﺎن ﻳﻌﻴــﺐ ﻋﻠﻴﻪ ﺗﺄوﻳﻼﺗﻪ ﻟﻠﻨﺼﻮص اﻟﻜﺎﻓﻜﻮﻳﺔ »ﻟﻮﻻ ﺑﺮود، ﳌﺎ ﻛّﻨﺎ ﻧﻌﺮف اﻟﻴﻮم ﺣّﺘﻰ اﺳﻢ ﻛﺎﻓﻜﺎ«.

وﻫﺬا اﳉﺪل اﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻲ واﻹﻧﺴــﺎﻧﻲ واﻷدﺑﻲ ﻳﻄﻔﻮ ﻋﻠﻰ اﻟﺴــﻄﺢ ﻛﻠﻤﺎ ﺻﺪر ﻛﺘﺎب ﺟﺪﻳــﺪ ﻟﻜﺎﺗﺐ ﻣﺘﻮﻓﻰ ﺑﲔ ﻣﺆﻳــﺪ وراﻓﺾ وﻣﻨﻜﺮ أن ﻳﻨﺴــﺐ اﻟﻌﻤﻞ إﻟﻰ اﻟﻜﺎﺗﺐ اﳌﻴﺖ، وﻫﺬا اﳌﻌﻨﻰ ﳒــﺪه ﺣﺘﻰ ﻓﻲ اﳌﺼﻄﻠﺢ اﻟﻐﺮﺑﻲ اﻟﺬي ﻳﺼﻒ ﻫﺬه اﳊﺎﻟﺔ، ﻓﻠﻔﻈــﺔ (posthumous) اﻹﻧﻜﻠﻴﺰﻳﺔ ذات اﻷﺻــﻞ اﻟﻼﺗﻴﻨﻲ ﺗﻌﻨﻲ اﻟﻜﺘــﺎب اﻟﺬي ﺻﺪر ﺑﻌﺪ وﻓﺎة ﻣﺆﻟﻔﻪ، ﻛﻤﺎ ﺗﻌﻨﻲ ﻓﻲ أﺻﻠﻬﺎ اﻟﻄﻔﻞ اﻟﺬي وﻟﺪ ﺑﻌﺪ وﻓﺎة أﺑﻴﻪ، وﻛﻢ ﻣﻦ ﺣﺎﻟﺔ ﺷــﻜﻚ ﻓﻴﻬﺎ اﻵﺧﺮون ﻓﻲ ﺻﺤﺔ ﻧﺴــﺐ اﻟﻮﻟﺪ، ﻣﺜﻠﻤﺎ ﻫﻮ اﻟﻮﺿﻊ ﲤﺎﻣﺎ ﻓــﻲ ﻣﺠﺎل اﻟﻜﺘﺐ. وإذا ﻛﻨﺎ ﳒﺪ ﺑﻌﺾ اﻟﻌﺬر ﻓﻲ ﻧﺸــﺮ ﻛﺘﺐ ﻛﺎﻓﻜﺎ ﺑﻌﺪ أﻣﺮه ﺑﺤﺮﻗﻬــﺎ ﻓﻸﻧﻬﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻜﺘﻤﻠﺔ، وﻗﺪ أﻧﻬﺎﻫــﺎ ﻛﺎﺗﺒﻬﺎ ﻗﺒﻞ وﻓﺎﺗﻪ، ﻟﻜﻦ اﻹﺷــﻜﺎل ﻳﻜﺒﺮ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﻄﻮﻃﺎت ﻏﻴﺮ اﳌﻜﺘﻤﻠﺔ، وﻣﺴــﻮدات اﻟﻜﺎﺗﺐ، ﻓﻤﻦ ﺳــﻨﺔ 1977 ﻣﺜﻼ إﻟﻰ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺛﻼﺛﲔ ﺳــﻨﺔ ﺑﻌﺪ ﻫﺬا اﻟﺘﺎرﻳﺦ، ﻛﺎن ﻋﺸﺎق اﻷدب ﻋﺎﻣﺔ ورواﻳﺎت ﺻﺎﺣﺐ »ﻟﻮﻟﻴﺘﺎ« اﻟﺮواﺋﻲ اﻟﺮوﺳــﻲ ﻓﻼدﳝﻴﺮ ﻧﺎﺑﻮﻛﻮف ﺧﺎﺻﺔ، ﺑﲔ ﻣــﺪ وﺟﺰر ﺣﻮل رواﻳﺔ ﺗﺮﻛﻬﺎ ﻏﻴﺮ ﻣﻜﺘﻤﻠﺔ ﻓﻲ ﺑﻄﺎﻗﺎت ﻣﻜﺘﻮﺑﺔ ﺑﻘﻠﻢ اﻟﺮﺻﺎص، وﻛﺎن ﻗﺪ أﻣﺮ ﺑﺤﺮﻗﻬﺎ ﻫــﻮ أﻳﻀﺎ، ﻟﻜﻦ أرﻣﻠﺘﻪ ﻓﻴﺮا ﻟﻢ ﻳﻄﺎوﻋﻬﺎ ﻗﻠﺒﻬﺎ ﺗﻨﻔﻴﺬ وﺻﻴﺔ زوﺟﻬﺎ، ﻓﺘﺮﻛﺖ اﻟﺒﻄﺎﻗﺎت ﻓﻲ ﻋﻠﺒﺔ ﺣﺘﻰ وﻓﺎﺗﻬﺎ ﺳﻨﺔ ،1991 وﺣﲔ ورث اﺑﻨﻪ دﳝﺘﺮي أﺻﻮل ﻫﺬه اﻟﺮواﻳﺔ ﻏﻴــﺮ اﳌﻜﺘﻤﻠﺔ وﻋﻨﻮاﻧﻬﺎ »أﺻﻮل ﻟﻮرا« أودﻋﻬﺎ ﻓﻲ ﻗﺒﻮ ﺑﻨﻚ وﻋﺎش ﺻﺮاﻋﺎ ﻛﺒﻴﺮا ﺑﲔ أن ﻳﺤﺮﻗﻬﺎ، ﺧﺎﺻﺔ أن ﻫﺬه رﻏﺒﺔ واﻟﺪه وﻗﻨﺎﻋﺘﻪ اﻟﺘﻲ ﻋﺒﺮ ﻋﻨﻬﺎ ﻣﺮة ﻓﻲ رواﻳﺔ »ﺣﻴﺎة ﺳﻴﺒﺎﺳــﺘﻴﺎ­ن اﳊﻘﻴﻘﻴﺔ« أول رواﻳﺔ ﻛﺘﺒﻬﺎ ﺑﺎﻹﻧﻜﻠﻴﺰﻳﺔ ﺣﲔ ﻳﺼﻒ ﺷــﺨﺼﻴﺔ ﻛﺎﺗﺐ ،ﻳﻮﺻﻲ أﺧﺎه أﻳﻀﺎ ﺑﺤﺮق ﻣﺴــﻮدات ﻛﺘﺒﻪ ﻓﻴﻜﺘﺐ ﻧﺎﺑﻮﻛﻮف »ﻫﺬا اﻟﻨﻮع اﻟﻨﺎدر ﻣﻦ اﻟﻜّﺘﺎب اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻌﺮﻓﻮن أﻧﻪ ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻻ ﻳﺒﻘﻰ ﺷــﻲء ﺳﻮى اﻹﳒﺎز اﳌﺜﺎﻟﻲ« وﺑﲔ أن ﻳﻨﺸﺮﻫﺎ وﻫﻮ ﻣﺘﺮﺟُﻢ ﻛﺘِﺐ واﻟﺪه واﻟﻌﺎرف ﺑﻨﻘﺎط ﻗﻮﺗﻬﺎ ﻓﻘﺪ وﺻﻒ اﻟﺮواﻳﺔ ﻏﻴﺮ اﳌﻜﺘﻤﻠﺔ ﻓﻲ أﺣﺪ ﻟﻘﺎءاﺗــﻪ اﻟﺼﺤﺎﻓﻴﺔ ﺑﺄﻧﻬﺎ »اﻟﺘﻘﻄﻴﺮ اﻷﻛﺜﺮ ﺗﺮﻛﻴﺰا ﻹﺑﺪاع واﻟﺪي« وﻓﻲ اﻷﺧﻴﺮ وﺑﻌﺪ ﺗﺸﻮﻳﻖ ﻛﺒﻴﺮ ﺳــﺎﻫﻢ اﻟﺼﺤﺎﻓﻴﻮن ﻓﻲ ﺗﺄﺟﻴﺞ ﻧﺎره ﺑﻌﻨﺎوﻳﻦ ﻣﺜﻞ »ﻫﻞ ﻋﻠﻰ اﺑﻦ ﻧﺎﺑﻮﻛــﻮف أن ﻳﻬﻴﺊ ﻋﻠﺒﺔ اﻟﺜﻘﺎب؟« ﺧﻀــﻊ دﳝﺘﺮي ﻧﺎﺑﻮﻛﻮف ﻟﺸﻬﻮة اﻟﻨﺸﺮ وذﻟﻚ ﻓﻲ ﺳــﻨﺔ ،2009 وﻟﻌﻞ ﻟﻠﻤﺮدود اﳌﺎدي ﻣﻦ ﻣﺴﻮدة رواﻳﺔ ﻛﺘﺒﻬﺎ واﻟﺪه ﻗﺒﻞ اﺛﻨﲔ وﺛﻼﺛﲔ ﺳﻨﺔ دورا ﻓﻲ ذﻟﻚ.

وإذا ﻛﺎﻧﺖ رواﻳﺔ ﻧﺎﺑﻮﻛﻮف ﻧﺸــﺮت ﻛﻤﺎ ﻫﻲ دون رﺗﻮش وﻫﺬا ﻣﻦ أﺳــﺒﺎب ﻋﺪم ﻣﻬﺎﺟﻤﺘﻬــﺎ ﻣﻦ اﻟﻨﻘﺎد ﺑﺎﻋﺘﺒﺎرﻫﺎ رواﻳﺔ ﻏﻴــﺮ ﻣﻜﺘﻤﻠﺔ، ﻓﻤﺎ ﺣﺪث ﻣﻊ رواﻳﺔ ﻓﺮﻧﺴﻮاز ﺳﺎﻏﺎن ﻛﺎن أﺳﻮأ ﺣﻈﺎ ﻣﻦ اﻟﻨﺎﺣﻴﺔ اﻷدﺑﻴﺔ. ﻓﻬﺬه اﻟﻨﺎﺑﻐﺔ اﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ اﺑﻨﺔ اﻟﻄﺒﻘﺔ اﻟﺒﻮرﺟﻮازﻳ­ﺔ، ﻛﺘﺒــﺖ رواﻳﺘﻬﺎ اﻷوﻟﻰ »ﺻﺒﺎح اﳋﻴﺮ أﻳﻬﺎ اﳊﺰن« وﻫﻲ ﻓﻲ اﻟﺜﺎﻣﻨﺔ ﻋﺸــﺮة ﻣﻦ ﻋﻤﺮﻫﺎ، وﻧﺎﻟﺖ ﻣﻦ وراﺋﻬﺎ ﺷــﻬﺮة ﻋﻈﻴﻤﺔ، ورﻏﻢ أﻧﻬﺎ ﻛﺘﺒــﺖ رواﻳﺎت ﻋﺪﻳﺪة ﺑﻌﺪﻫﺎ، وﺑﻌﻀﻬﺎ ﻧﺎﺟــﺢ ﻣﺜﻞ »ﻫﻞ ﲢﺐ ﺑﺮاﻣﺲ؟« ﻏﻴﺮ أﻧﻬﺎ ﺑﻘﻴﺖ أﺳﻴﺮَة رواﻳﺘﻬﺎ اﻷوﻟﻰ، ﻓﻼ ُﺗﻌﺮف إﻻ ﺑﻬﺎ، واﺧﺘﻔﻰ اﺳﻢ ﺳﺎﻏﺎن ﺗﺪرﻳﺠﻴﺎ ﻣﻦ اﻟﺴــﺎﺣﺔ اﻷدﺑﻴﺔ ﻟﻄﺒﻴﻌــﺔ ﺣﻴﺎﺗﻬﺎ اﻟﻨﻮﻧﺔ ﻣﻦ وﻟﻊ ﺑﺎﻟﺴــﻴﺎﻗﺔ اﳌﺘﻬﻮرة، وﺗﻌﺎﻃﻲ اﻟــﺪرات وﻟﻌﺐ اﻟﻘﻤﺎر وإدﻣﺎن اﳋﻤــﻮر، إﻟﻰ أن ﺗﻮﻓﻴﺖ ﺳــﻨﺔ 2004 ﻓﻘﻴﺮة ﺗﺮزح ﲢﺖ َدﻳﻦ ﻛﺒﻴﺮ، وﺑﻌﺪ ﺧﻤﺴــﺔ ﻋﺸﺮ ﻋﺎﻣﺎ ﻣﻦ وﻓﺎﺗﻬﺎ ﻇﻬﺮت ﻟﻬــﺎ رواﻳﺔ ﺟﺪﻳﺪة ﺑﻌﻨﻮان »أرﻛﺎن اﻟﻘﻠﺐ اﻷرﺑﻌﺔ« أﺷــﺮف ﻋﻠﻴﻬﺎ اﺑﻨﻬﺎ وورﻳﺜﻬﺎ دوﻧﻴﺲ ﻓﺴــﺘﻬﻮف، اﻟﺬي ﺳﺒﻖ ﻟﻪ ﻗﺒﻞ ذﻟﻚ ﺑﺴــﻨﻮات أن أﻟﻒ ﻛﺘﺎﺑﺎ ﻋﻦ أﻣﻪ ﺑﻌﻨﻮان »ﺳــﺎﻏﺎن واﻻﺑــﻦ« ورﻏﻢ أن اﻟﺮواﻳﺔ ﻃﺒﻌــﺖ ﻣﻨﻬﺎ 250.000 ﻧﺴــﺨﺔ، وﺻﺪرت ﻣﻨﻬﺎ ﻃﺒﻌــﺔ ﻟﻠﺠﻴﺐ ﻛﺘﺐ اﻟﻨﺎﺷــﺮ ﻋﻠﻰ ﻏﻼﻓﻬــﺎ ﻟﻠﺘﺮوﻳﺞ »ﻧﺘﻌﺮف ﺑﺴﻌﺎدة ﻋﻠﻰ ﻣﺮح )ﺳــﺎﻏﺎن( وﻻ ﻣﺒﺎﻻﺗﻬﺎ وأﻧﺎﻗﺘﻬﺎ وإﳝﺎﻧﻬﺎ اﻟﻘﻠﻴﻞ« ﻏﻴﺮ أن ﻣﺴــﺎر اﻟﺮواﻳﺔ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ وردﻳﺎ ﻛﻠﻪ، ﻓﺪوﻧﻴــﺲ ﻛﺎن ﻗﺪ ﻋﺮض اﻟﻄﻮط ﻋﻠﻰ ﻣﺪﻳﺮ دار ﻧﺸﺮ ﺷــﻬﻴﺮة ﻓﻠﻢ ﻳﻘﺘﻨﻊ ﺑﻪ واﻗﺘﺮح ﻋﻠﻴﻪ إﻋﺎدة ﻛﺘﺎﺑﺘﻪ. وﻃﺒﻖ اﻻﺑﻦ اﻻﻗﺘﺮاح ﻣﻊ دار ﻧﺸﺮ أﺧﺮى، ورﻏﻢ أﻧﻬﻤﺎ )اﻻﺑﻦ واﻟﻨﺎﺷﺮ( ﻫﻮﻧﺎ ﻣﻦ ﺣﺠﻢ اﻟﺘﺪﺧﻞ إﻻ أن ﺻﺤﺎﻓﻴﲔ وﻧﻘﺎدا ﺗﺴــﺎءﻟﻮا: ﻫﻞ ﻧﺤــﻦ ﻓﻌﻼ أﻣﺎم رواﻳﺔ ﺟﺪﻳﺪة ﻟﺴــﺎﻏﺎن؟ أم ﲡﻤﻴﻊ ﻗﻄﻊ »ﻟﻐــﺰ« ﻗﺎم ﺑﻪ اﺑﻨﻬﺎ؟ وﻛﺎﻧﺖ ﻧﺘﻴﺠــﺔ ﻫﺬا اﻟﻌﻤﻞ أن ﻋﺎدت أﻋﻤﺎل اﻟﺮواﺋﻴﺔ اﻟﺸﻘّﻴﺔ إﻟﻰ اﻟﻮاﺟﻬﺔ ﻓﺄﻋﻴﺪ ﻃﺒﻊ ﻛﺘﺒﻬﺎ، وﺳّﺪد اﺑﻨﻬﺎ ﻣﺒﻠﻎ 1.200.000 ﻳﻮرو ﻣﻦ اﻟﺪﻳﻮن اﻟﺘﻲ أورﺛﺘﻬﺎ ﻟﻪ ﺳــﺎﻏﺎن ﻣﻊ ﻋﺎﺋﺪات ﻧﺸﺮ أرﺑﻌﲔ رواﻳﺔ وﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻗﺼﺼﻴﺔ وﻣﺴﺮﺣﻴﺔ ﻟﻬﺎ.

وﻻ أﻋﺘﻘــﺪ أن ﻫﺬا اﻟﻈﻬﻮر اﳌﻔﺎﺟﺊ ﻟﺮواﻳﺎت اﳌﻮﺗــﻰ ـ وأؤﻛﺪ ﻋﻠﻰ اﻟﺮواﻳﺎت ﺑﺎﻋﺘﺒﺎرﻫﺎ ﻋﻤﻼ إﺑﺪاﻋﻴﺎ ﺑﻨﺎﺋﻴﺎ ـ ﺳــﻴﻨﺘﻬﻲ ﻳﻮﻣﺎ، ﻣــﺎ دام اﳌﺒﺪع ﻳﻜﺘﺐ واﻟﻘﺎرئ ﻳﺘﺎﺑﻌﻪ، واﻟﻀﺠﺔ اﻟﺘﻲ أﺣﺪﺛﻬﺎ ﻗﺒﻞ ﺷﻬﺮ ﺻﺪور رواﻳﺔ »ﺣﺘﻰ أﻏﺴﻄﺲ« ﻟﺮاﺋﺪ اﻟﻮاﻗﻌﻴﺔ اﻟﺴــﺤﺮﻳﺔ ﺻﺎﺣﺐ ﻧﻮﺑﻞ ﻏﺎﺑﺮﻳﻴﻞ ﻏﺎرﺳﻴﺎ ﻣﺎرﻛﻴﺰ ﺑﻌﺪ ﻋﺸﺮ ﺳﻨﻮات ﻣﻦ وﻓﺎﺗﻪ، ﺗﺄﻛﻴﺪ ﻋﻠﻰ اﺳــﺘﻤﺮارﻳ­ﺔ ﻫﺬا اﻟﻨﺰاع ﺑﲔ ﻣﺆﻳﺪي اﻟﻨﺸــﺮ وراﻓﻀﻴﻪ، ﺧﺎﺻــﺔ إذا ﻋﺮﻓﻨﺎ أن ﻣﺎرﻛﻴﺰ أﻣﺮ أﻳﻀﺎ ﺑﺈﺗﻼف رواﻳﺘﻪ اﻟﺘﻲ ﺑﺪأ اﻻﺷــﺘﻐﺎل ﺑﻬﺎ ﻣﻨﺬ ﺳــﻨﺔ ،1997 وﻗﺮأ ﻣﻘﺎﻃــﻊ ﻣﻨﻬﺎ ﺑﺼﻮﺗﻪ ﻓﻲ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺟﻮرج واﺷــﻨﻄﻦ ﻓﻲ ذﻟﻚ اﻟﻌﺎم، ﻏﻴﺮ أن اﻧﺸﻐﺎﻟﻪ ﺑﻜﺘﺎﺑﺔ ﺳﻴﺮﺗﻪ اﻟﺬاﺗﻴﺔ ورواﻳﺔ »ذﻛﺮﻳﺎت ﻏﺎﻧﻴﺎﺗﻲ اﳊﺰﻳﻨﺎت« ﺣﺎﻻ دون اﻟﻮﺻﻮل ﺑﺮواﻳﺔ »ﺣﺘﻰ أﻏﺴﻄﺲ« إﻟﻰ ﺻﻴﻐﺔ ﻳﺮﺗﻀﻴﻬﺎ، ﺑﻌــﺪ أن أﻋﺎد ﺻﻴﺎﻏﺘﻬــﺎ ﻋﺪة ﻣﺮات، ﻛﻤﺎ ﺗﺸــﻬﺪ ﺑﺬﻟــﻚ ﻣﺨﻄﻮﻃﺎﺗﻬﺎ اﳋﻤﺲ اﶈﻔﻮﻇﺔ ﻓﻲ ﻣﺮﻛــﺰ »ﻫﺎري راﻧﺴــﻮن« اﻟﺘﺎﺑﻊ ﳉﺎﻣﻌﺔ ﺗﻜﺴــﺎس اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ، اﻟﺘﻲ اﺷــﺘﺮت أرﺷــﻴﻔﻪ اﻟﺸــﺨﺼﻲ اﻟﻜﺎﻣﻞ ﺑﻌﻴﺪ وﻓﺎﺗﻪ. ﻟﻜﻦ وﻟﺪاه رودرﻳﻐﻮ وﻏﻮﻧﺰاﻟﻮ ﻗﺮرا ﻧﺸــﺮﻫﺎ، رﻏﻢ أّﻧﻪ ﻗﺎل ﻻﺑﻨﻪ اﻷﺻﻐﺮ ﻏﻮﻧﺰاﻟﻮ إن اﻷوﻟﻰ ﺑﻬﺬه اﻟﺮواﻳﺔ أن ﺗﺨﺘﻔﻲ، ﻣﺒﺮرﻳﻦ ذﻟﻚ ﺑﺄﻧﻬﻤﺎ ﻋﻠﻰ ﺛﻘﺔ ﺑﺄن أﺑﺎﻫﻤﺎ ﺳﻴﺴﺎﻣﺤﻬﻤﺎ ﺣﲔ ﻳﺴــﺘﻤﺘﻊ ﺑﻬﺎ اﻟﻘﺮاء، ﻛﻤﺎ ﻛﺘﺒﺎ ﻓﻲ ﻣﻘﺪﻣﺔ اﻟﺮواﻳﺔ وأﺿﺎﻓﺎ: »ﻟﻘﺪ ﻓﻜﺮﻧﺎ ﳌّﺪة ﺛﻼث ﺛﻮان ﻫﻞ ﻫﺬه ﺧﻴﺎﻧﺔ ﻟﻮاﻟﺪﻳﻨــﺎ؟ ﻟﺮﻏﺒﺎت أﺑﻴﻨﺎ؟ وﻗّﺮرﻧﺎ: ﻧﻌﻢ ﻫﺬه ﺧﻴﺎﻧﺔ، ﻟﻜﻦ ﻫﺬا ﻣﺎ ﻳﻔﻌﻠﻪ اﻷوﻻد« ﻓﻬﻞ ﻫﺬه اﳊﺠﺞ ﻣﻘﻨﻌﺔ؟ أم إﻧﻬﺎ ﻟﻴﺴــﺖ ﺳﻮى ﻣﺒﺮرات ﺗﻐﻄﻲ ﻣﻦ وراﺋﻬﺎ »ﺟﺸــﻊ اﻟﻮرﺛﺔ« ﻛﻤﺎ ﻛﺘﺐ ﺻﺪﻳﻘــﻲ اﻟﺮواﺋﻲ اﻟﺮاﺣﻞ ﺧﺎﻟﺪ ﺧﻠﻴﻔﺔ، ﻗﺒﻞ ﺳــﻨﺔ ﻋﻦ اﳌﻮﺿﻮع، وﻫﺬا رأي وﺟﻴﻪ، ﺧﺎﺻﺔ إذا ﻋﻠﻤﻨﺎ أﻧﻬﻤﺎ ﺑﺎﻋﺎ ﺣــﻖ اﻻﻗﺘﺒﺎس اﻟﺘﻠﻔﺰﻳﻮﻧﻲ إﻟــﻰ ﻧﺘﻔﻠﻜﺲ ﻟﺘﺤﻮﻳﻞ رواﻳــﺔ واﻟﺪﻫﻤﺎ اﻷﻳﻘﻮﻧﺔ »ﻣﺌﺔ ﻋﺎم ﻣﻦ اﻟﻌﺰﻟﺔ« إﻟﻰ ﻣﺴﻠﺴــﻞ، ﻋﻠﻤﺎ أن ﻣﺎرﻛﻴﺰ ﻛﺎن ﻳﺮﻓﺾ ﻛﻞ اﻟﻌﺮوض اﻟﺘﻲ ﺗﻘﺪم ﻟﻪ ﻟﺘﺤﻮﻳﻠﻬﺎ إﻟﻰ ﻓﻴﻠﻢ ﺳــﻴﻨﻤﺎﺋﻲ، أو ﻣﺴﻠﺴﻞ ﺗﻠﻔﺰﻳﻮﻧﻲ، ﻟﻜﻨﻨﺎ ﺣﲔ ﻧﻌﻠﻢ أن ﻣﻨﺘﺠﻲ اﳌﺴﻠﺴﻞ ﻋﻠﻰ ﻣﻨﺼﺔ ﻧﺘﻔﻠﻜﺲ ﻟﻴﺲ ﺳﻮى اﻷﺧﻮﻳﻦ رودرﻳﻐﻮ وﻏﻮﻧﺰاﻟﻮ ﺗﺘﻀﺢ اﳊﻘﻴﻘﺔ.

وﻣﺎ ﻧﺨﺸــﺎه أن ﻳﺄﺗﻲ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﻳﻮم - وﻣﺎ ذﻟﻚ ﲟﺴــﺘﺒﻌﺪ ـ ﻳﻌﻬﺪ ورﺛﺔ رواﺋﻲ ﻣﺸــﻬﻮر إﻟﻰ ﺗﻄﺒﻴﻖ ﻟﻠــﺬﻛﺎء اﻻﺻﻄﻨﺎﻋﻲ ﻟ ُﻴ ِﺘــ ﱠﻢ رواﻳﺔ ﻏﻴــﺮ ﻣﻜﺘﻤﻠﺔ ﳌﻮ ﱢرﺛﻬﻢ ﺑﺄﺳﻠﻮﺑﻪ، ﻓﺎﳉﺸﻊ ﻳﺮﻳﺪ اﳌﺰﻳﺪ داﺋﻤﺎ.

 ?? ??
 ?? ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom