Al-Quds Al-Arabi

خلاف على النشيد المدرسي يشعل صراع الهوية في تركيا... واردوغان: أنا تركي ولست عنصرياً

العلمانيون والقوميون والمحافظون في مواجهة حادة قبيل الانتخابات المحلية

- إسطنبول ـ «القدس العربي» من إسماعيل جمال:

أشــعل خلاف حاد على النشيد المدرسي صراع الهويــة في تركيا معززاً الخلافــات بيت الأحزاب القومية والعلمانية والمحافظة في البلاد قبل أشهر قليلة من موعد الانتخابات المحلية/البلدية الهامة المقررة في البلاد نهاية آذار/مارس المقبل.

ونهاية الشــهر الماضي أصــدر القضاء التركي قراراً يطلب إعادة العمل بـ«نشــيد الطلاب » وهو نشيد مدرســي طبق في جميع مدارس البلاد منذ عقود طويلة، لكــن حزب العدالة والتنمية الحاكم تمكن في عام 2013 من اســتصدار قــرار قضائي يقضي بوقف العمل فيه، ومنذ ذلك التاريخ توقف عملياً اســتخدام هذا النشــيد في عموم مدارس البلاد. و«نشــيط الطلاب» هو نشــيط تحفيزي يتلوه طلاب المدارس في المرحلة الأساسية بشكل يومي في طابور الصباح وطبق منذ عام 1933 حتى عام 2013، وفيه إشادات هامة لمؤسس الجمهورية التركية مصطفى كمال أتاتورك والقومية التركية.

وبينما يضغــط بقوة حزب الحركــة القومية المعــارض )يمينــي قومــي( وحــزب الشــعب الجمهوري أكبر أحزاب المعارضة )علماني( لإعادة تطبيق النشــيد، يعارض حزب العدالة والتنمية الحاكــم )محافظ( ذلــك بقوة، إلــى جانب حزب الشعوب الديمقراطي الكردي.

وبينما يرى المؤيدون للنشــيد أنــه ارث هام لمؤســس الجمهورية ويعزز الهوية الوطنية لدى الأجيال الجديدة، يرى فيه حزب العدالة والتنمية الحاكم والرئيس رجــب طيب اردوغان أنه يحمل عبــارات «عنصرية» وينتقص من مكانة شــرائح مهمة من الشعب التركي والشعوب الأخرى.

ويحمل النشــيد عبارات «يا أتاتورك العظيم.. أتعهد بالسير دون توقف من الطريق الذي عبدته ونحــو الهدف الذي أشــرت اليه»، لكــن النقطة الخلافية الأبرز تتمحور حول عبارة «ما أسعد أن أقول أنني تركي .»

ويتركــز الخلاف مــا إن كان مصطلــح تركي هنا يحمل معنى مرتبــط بالتركي كمواطن يحمل الجنسية التركية أم التركية كقومية، وما إن كانت العبارة تحمل إشــادة وتحفيــز للمواطن التركي لتعزيز الشــعور القومي الطبيعــي، أم أنها تحمل معانــي عنصريــة تقلل من شــأن عرقيات أخرى يتكون منها المجتمع التركي وتمس شــعوبا أخرى أيضاً.

الرئيــس التركي رجب طيــب اردوغان انتقد بشــدة قرار القضاء التركي المتعلق بإعادة العمل بالنشــيد معتبراً أن المحكمة التــي أصدرت القرار «تجاوزت صلاحياتها»، متعهــداً بالعمل الحثيث من أجل منــع تطبيق القرار الــذي لم يطبق حتى الآن من قبــل وزارة التعليم التي قالــت إن قرار المحكمة لم يصدر بشكله النهائي بعد.

ومــع تصاعــد الجدل حــول الموضــوع، قال اردوغان:«أناتركي )ولســتتركي­اً متعصباً )»وهوالمصطلح­المســتخدم من قبــل القوميين الاتراك المتعصبــن»، وأضاف اردوغــان: «بالنســبة لنا النشــيد الأكبر والأهم والوحيــد هو النشــيد الوطنــي.. لا نعرف ولن نعترف بأي نشــيد غير النشيد الوطني»، وتابع: «العنصرية حُرمت في ديننا.. كل مجموعة يمكنها الافتخــار بقوميتهــا، وإذا كان من حــق التركي أن يفعل ذلك، فســيكون هذا حــق أيضاً لمواطنينا الأكراد والعرب والآذريين وغيرهم».

تصريحات اردوغــان ولدت ردوداً غاضبة من قبل زعيم حزب الحركة القومية دولت بهتشــيلي الذي شدد على أنه سوف يحارب من أجل الإبقاء على هــذا النشــيد وتعزيز الحــس القومي لدى الأجيــال التركية الجديدة، نافيــاً أن يكون حزبه «فاشي أو عنصري .»

وســاعد هــذا الخلاف إلــى جانــب خلافات أخرى حــول قانون العفــو والتقاعــد المبكر في تفجيــر أزمة بين حزب الحركــة القومية والعدالة والتنمية الحاكم أدى لانهيــار مباحثات التحالف بين الحزبين في الانتخابــ­ات المحلية المقبلة، الأمر الــذي يجعل من هــذه الانتخابــ­ات أصعب على الحــزب الحاكم الذي تمكن من خــال تحالفه مع الحركة القومية من الفــوز بالانتخابا­ت البرلمانية والرئاسية الماضية.

ومع خسارة اردوغان لدعم الحركة القومية في الانتخابات المقبلة، يتوقع أن تســاهم هذه الأزمة في حصــده مزيداً من أصــوات المحافظين الأكراد باعتبار أن موقفــه كان دفاعاً بالدرجة الأولى عن حقوق المواطنين من أصول كردية.

وفي تعقيبه علــى هذه الأزمة، قــال الرئيس المشــارك لحزب الشــعوب الديمقراطـ­ـي الكردي ســيزار تملي : «هذه محاولة لممارسة السياسة من خلال اللعب على الوتــر القومي، هل نقص انتماء الطلاب لتركيا في الســنوات الخمــس التي منع فيها هذا النشــيط؟، الطلاب في الصباح يجب أن يشربوا الحليب وليس هذه الأناشيد .»

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom