Al-Quds Al-Arabi

المبدع يوسف إدريس والصحافة اللبنانية

-

ثمة مشــهد لم أنسه.. إنه مشهد الأديب المصري الكبير يوسف إدريس مختبئاً تحت سريره في الفندق لقراءة الصحف اللبنانية )كما قال لنا(.

يومهــا مررنــا، زوجي وأنا، إلــى فندقه في آخر «شــارع بلس» لجهــة البحر، وتأخــر في الهبوط مــن غرفته على غيــر عادته في احتــرام مواعيده مع زوجي ومعي. وحين ركب معنا في الســيارة التي توجهتُ بها نحو مطعم يطل على بحر بيروت قال د. يوسف إدريــس معتذراً وضاحكاً وســاخراً من القمع بــذكاء: ذهبت هذا الصباح الباكر إلى مكتبة )العم سميح( ـ )مكتبة كانت في «شارع بلس» الــذي يقع فيــه المدخــل للجامعــة الأمريكية(، واشــتريت الصحف اللبنانية كلها وذهلــت للحرية في القول التي تتمتع بها والتي لم آلفها، حتى أنني اختبأت تحت ســريري خوفاً لقراءتها، فأنا لم أعتد هذا المقدار من حرية القول!

وانفجرنا ضحكاً، زوجي وأنا )وشــر البليــة ما يضحك(، فقد كان إدريس يشــير إلى مدى حرية القــول التي )كانت( تتمتع بها الصحافة اللبنانية قياساً إلى سواها في عالمنا العربي.

تذكــرت ذلــك كله وتســاءلت: ترى هــل كان المــوت التدريجي للصحافة اللبنانية المطبوعة أمراً )مطلوباً( ولم يعد وطننا العربي اليوم يطيق حرية كهذه في ظل تبدلات إقليمية )عالمية(؟

أم أن مــا يــدور مجرد انعكاس عــادي لتبدل الأمــور مع الزمن واحتضار الصحافة المكتوبة مع جيل الإنترنت؟

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom