Al-Akhbar

«طوبيا» والجنود

- عمرو الديب Adabelakhb­ar55@gmail.com

ذاك الــــتـــ­ـحــــرق شــــــوقـ­ـــــا إلــــى الثأر، واسـتـرداد الكرامة، وذلك الـتـشـوف املتلهف لغسل الـعـار، ونــــيـــ­ـل اخلـــــــ­اص مــــن شـــرنـــق­ـــات الذل واملهانة، عكف قلمه املبدع عـلـى جتـسـيـد هـــذه األحـاسـيـ­س املـتـفـرد­ة، وتخليد تلك املشاعر املــــذهـ­ـــلــــة الـــنـــب­ـــيـــلــ­ـة فـــــى نـــفـــوس الرجال الذين متردوا على هوان الـهـزميـة، فتحولوا إلــى طاقات ملهوفة على عـبـور مستنقعات الذلة إلى مرافئ العزة، وقد برع األديــــب الـكـبـيـر الــــذى رحـــل عن دنــيــانـ­ـا مـــؤخـــر­ا «مـجـيـد طـوبـيـا» فــــى إحــــــدى روائــــعـ­ـــه الــــفـــ­ـذة فـى تخليد تلك اللحظات الفارقة فــــى تــــاريــ­ــخ أمــــــة، وعـــمـــر وطــــن، وكمبضع اجلراح املاهر اخترقت ريشة قلمه اجللد، وغاصت فى صـــــدور هـــــؤالء األبـــطــ­ـال الــذيــن اســتــعــ­ادوا كــرامــة شـعـب بأكمله فى معركة العبور اخلالدة، وعبر صـفـحـات نـصـه األخـــــا­ذ.. «أبـنـاء الصمت» تشبث «طوبيا» بنبض تـلـك األيــــام املــشــرق­ــة، واسـتـطـاع -بــبــراعـ­ـة- أن يجسد لـنـا نبض هـــــؤالء الــــرجــ­ــال الـــقـــا­دمـــن من بــــيــــ­ئــــات مـــتـــبـ­ــايـــنــ­ـة، وخـــلـــف­ـــيـــات مــتــنــو­عــة، ولـــكـــن حــلــم اســـتـــر­داد الكرامة وحـدهـم، وجمع بينهم على اختاف مشاربهم، االنتماء إلى هذا الوطن املعطاء، والوالء لــــهــــ­ذه األرض املــــطــ­ــهــــرة، وألن «طوبيا»- الذى حتل هذه األيام ذكرى األربعن على رحيله - فاق سائر أقرانه فى تخليد ملحمة العبور، وتفوق فى فك رموزها، واســـتـــ­حـــق اســـمـــه اخلــــلــ­ــود، فقد جنــح فــى تفسير املـعـجـزة التى أذهلت الدنيا، فعلى الرغم من تفوق العدو فى الساح والعتاد فـــــإن الـــســـر كـــمـــن فــــى اإلنـــســ­ـان املـــــقـ­ــــاتــــ­ـل، وفـــــــى ذلـــــــك اجلـــيـــ­ش الوطنى اجلسور الـذى هو جزء مـن الشعب األصــيــل، ومقاتلوه هــم أحــفــاد هـــؤالء الــذيــن زرعـــوا هـــذه األرض الـطـيـبـة مــن آالف الــســنــ­ن، لـــذا هــم يــدافــعـ­ـون عن مــــيــــ­راثــــهــ­ــم وأرض أجــــــدا­دهــــــم بــعــيــد­ا عــن املــرتــز­قــة واحملــارب­ــن املــــســ­ــتــــأجـ­ـــريــــن، فـــجـــيـ­ــش مــصــر دائـــمـــ­ا يـتـكـون مــن فــلــذات أكـبـاد املــــصــ­ــريــــن، وال يــــعــــ­رف الـــــوال­ء لــطــائــ­فــة أو لـــــون، لـــذلـــك يظل هـؤالء األبطال البواسل فى كل زمــــان ومـــكـــا­ن هـــم حــمــاة األمـــة، وحـــراس األرض املتأهبن دومــا لــبــذل األرواح واملــهــج كــى تسلم الباد، ويأمن العباد، وهنا يكمن سـر ذلــك اجليش اخلـالـد خلود الــوطــن، وقـــد اسـتـطـاع «طـوبـيـا» -من دون ضجيج- أن يبرز تلك احلقيقة، ويجعلها مرفرفة من خـــال نــص إبـــداعــ­ـى راٍق يخلد اســــمـــ­ـه إلــــــى جــــانـــ­ـب إبــــداعـ­ـــاتــــه املـتـفـرد­ة األخــــرى: «تغريبة بنى حتحوت» و«فوستوك يصل إلى القمر» و«حـكـايـة رمي اجلميلة» و»دوائـر عدم اإلمكان».. وغيرها مـــن الـــنـــص­ـــوص الـــتـــى ستعيش طـــويـــا عــلــى الـــرغـــ­م مـــن غـيـاب صاحبها.

 ?? ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Egypt