Al-Akhbar

متى يحب «مجيد»؟

- ◼ فتحى سليمان

األديب املتميز فتحى سليمان الذى اقترب كثيرا من فقيد األدب العربى «مجيد طوبيا»، والتصق به على مدى أعوام، وظل إلى جواره حتى النفس األخير، خص «األخبار» بهذا املقال الشجن الذى يعبر فيه عن جتربة االقتراب من مبدع فذ. كان الفرق بيننا نحو عشرين عاما، وكنت فى حضرته مثل التلميذ «أدزو» الذى صاحب األب «وليم الفرنسسكان­ي» فى رحلة البحث عن اسم الوردة برائعة «أومبرتو إيكو» اخلالدة.

علمنى اختيار الوقت املناسب للسؤال، والصمت املـالئـم لكمال الـكـالم: «لـن تصير الطبيعة طوع يدك حتى تتعلم أوًال كيف تُطيعها».. ذلك كان أول الــدروس فى ليلة من ليالى مقهى «األمفتريون»، وكان النقاش الساخن حول الفنان املخرج والتشكيلى متعدد املواهب «يوسف فرنسيس»، جاء خبر رحيله فى مدينة الغردقة صاعقة طالت كل أرجاء الوسط الفني، وعندما جاء املساء وجفت الدموع دار احلوار حول يوسف وجمال إبداع يوسف وكيف أن اجلميع لم يشبعوا بعد من يوسف. عندما انتهى اجلميع من احلديث وجاء دور «مجيد» وضع السيجار من يده وصنع بسبابة ووسطى كلتا يديه كادر مشهد!

قال وهو يتنهد: أحببت التصوير وفن تنسيق الديكور والرسم بسبب حبى للوحات «يوسف»، شاهدت فيلم املستحيل أكثر من 20 مرة ولم أشبع منه بعد!

فى السيناريو شايف يوسف، فى التصوير مع الكبير عبدالعزيز فهمى شايف يوسف! حتى فى اإلخــراج شايف يوسف! على احلوائط فى غرفة سناء جميل شايف يوسف.

عندما يتحدث «مجيد» بحب عمن يحب، يأتى هادًرا مثل إعصار، جامًعا مثل أزهر، غزير املعلومات موسوعى املعرفة والقراءة واملشاهدة.

جــاء حـديـث «مـجـيـد» تلك الليلة بــبــادرة أكـاد أجزم بأنها مبثابة مرسوم من جهة سيادية، بشأن استخدام اللوحات التشكيلية للفنانني املتحققني كخلفية املشاهد التى تصور فى ليل داخلي. قال

وهو يبتسم إن «يوسف» وضع لوحاته «راكور» وظل طيلة أيام تصوير الفيلم يحرسها!

وختم ابتسامته باستعادة السيجار مع رشفة بن غامق غير محوج وفرك بإصبعه قائًال: أنا حضرت تصوير بعض مشاهد فيلم «املدمن» ورأيـت كيف أسهم «يوسف فرنسيس» فى ترسيم أحمد زكى راهبا فى قالية السينما.. ينسحب «مجيد» داخل نفسه عندما ينضم للجلسة وجه جديد، حتى يبدأ فى تطبيع العالقة معه، يستمع أوال ثم يبدأ التقييم، واآلخرون ينظرون خلف ابتسامة شقية، هل ستستمر اجللسة أم أن «مجيد» سيقفز هاربا داخل إحدى عربات املترو املتجهة إلى ميدان «ترميف».

 ?? ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Egypt