Al-Akhbar

تجربة «رغيف الشعير» مشجعة.. وتعميمها األنسب للظروف المصرية

نواجه تحديات المناخ بـ 155 ألف نوع من أصناف البذور .. وأنتجنا العدس بـ «الزراعة الذكية» المصريون القدماء أكلوا بذور «الجلبان» وحان أوان إعادتها للمائدة

-

> بداية: أشعر من متابعة بعض التعليقات على مواقع «السوشيال ميديا»، أن هناك عدم تـقـديـر حلـجـم مشكلة «الــتــغــ­يــرات املـنـاخـي­ـة»، حتى أن البعض حصرها فـى حـــرارة مرتفعة نتغلب عليها بتشغيل التكييف.. هـل تتفق معي؟

يضحك قبل أن يــقــول: تأثير التغيرات املناخية بجعل الطقس حـــارا، هـو جــزء من املشكلة، ولكن الفهم العميق يتعدى ذلك بكثير، إلى تأثير تلك التغيرات على املأكل واملشرب واملسكن، ليس فقط على األجيال احلالية، ولكن على األجيال القادمة أيضا.

ورمبا لم يصل هذا الفهم العميق للمواطن البسيط، ألن قضية التغيرات املناخية لم تكن حتظى باإلهتمام الكافى، ألن حجم املشكلة لم يكن معروفا إال عند املتخصصني، ولكن أتصور أن انعكاس املشكلة فى الوقت الراهن على حـيـاة املــواطــ­ن، تـعـدت مسألة شعوره بحرارة الطقس، إلـى أمـور أخــرى، ساعدت على خلق حالة من الوعى باملشكلة.

ودعنى أشير هنا، إلـى إحــداث التغيرات املــنــاخ­ــيــة لــتــعــد­يــات فـــى تــوقــيــ­ت املــواســ­م ومواعيد سقوط األمــطــا­ر، فـجـدول النوات الذى كنا نطالعه فى األجندة السنوية، لم يعد دقيقا، وأصبحت املواعيد غير مستقرة باملره، وهذا بالطبع أحدث خلا فى مواعيد الزراعة والرى مما أثر على اقتصاديات الفاح، وقد يؤدى ذلك إلى هجرة مهنة الزراعة.

كــذلــك، فـــإن اخــتــاف الـــظـــر­وف اجلـويـة واختاف موعد املواسم، ساعد على ظهور أمراض كانت قد اختفت، فبعض احلشرات على سبيل املثال ال تستطيع استكمال دورة حياتها مع حلول الطقس الـبـارد، ولكن مع استمرار الطقس احلار جتد فرصة مناسبة الستكمال دورة احلياة، وهذا يكون له تأثير مباشر على اإلنتاج الزراعي.

اإلختيارات الغذائية

> البعض ال يزل يحاول تبرئة اإلنسان من املسئولية عن هذه التغيرات، بالقول أنها «إرادة إلهية» ال دخل للبشر بها....

لم ينتظر استكمال السؤال وقال على الفور: أظن أن مثل هذه املفاهيم لم تعد ذات قيمة، فاملهتمون بقضية التغيرات املناخية اآلن، بدأوا يدركون أن السعى لعاج تلك املشكلة، يتعدى فكرة مطالبة الدول بتقليل الوقود األحفوري، إلــى مـا هـو أعـمـق مـن ذلـــك، فمثا أبسط شيء وهو اختياراتنا الغذائية، يكون لها تأثير مباشر على التغيرات املناخية، ألن االختيارات الشخصية عندما تتجمع على مستوى الدولة، يكون لها انعكاس واضــح، ومـن ثم فإننا إذا جنحنا فى إشاعة أمناط االستهاك الصديقة للبيئة، سنساهم فى حل املشكلة.

> كيف يكون ألمنــاط االستهاك الغذائى عـــاقـــة بـتـغـيـر املـــنـــ­اخ .. هـــل مــثــا اســتــهــ­اك الــلــحــ­وم فـــى الـــغـــذ­اء هـــو ســلــوك غــيــر صـديـق للبيئة؟

يطلق تنهيدة عميقة اســتــعــ­دادا إلجابة طويلة، استهلها بقوله: بالطبع فإن استهاك اللحوم يؤثر بشكل سلبى على املناخ، فإنتاج كيلو جرام واحد من حلوم البقر واجلاموس يـحـتـاج إلـــى 8 كـيـلـوجـر­امـات مــن احلـبـوب، وانتاج هذه الكمية من احلبوب، يتبعها مزيد مـن اسـتـهـاك املــيــاه، ومـزيـد مـن استهاك األسمدة، وكذلك مزيد من استهاك للطاقة املطلوبة إلنتاج هذه األسمدة، وهذا يكون له تأثير على املناخ.

وتقل هذه النسبة من استهاك احلبوب، ومــا يتبعها مـن استهاك املـيـاه واألسـمـدة والطاقة إلـى النصف تقريبا، عندما تكون اللحوم املنتجة مصدرها املـاعـز واألغـنـام، وتقل أكثر وأكثر فى حال استهاك اللحوم البيضاء مـن الـــدواجـ­ــن، أمــا فـى حــال كان االسـتـهـا­ك مـن األســمــا­ك، فتكون النسبة منعدمة متاما، وعليه فإن منط االستهاك الغذائى يحدد مدى مساهمتك فى التغيرات املناخية.

ووفــقــا لــهــذه املـقـايـي­ـس مــن االسـتـهـا­ك الـغـذائـي، فــإن مساهمة الـعـالـم املـتـقـدم ال تــــزال هــى األكــبــر بـكـثـيـر مــن دول الــقــارة اإلفـريـقـ­يـة، بسبب ارتــفــاع اسـتـهـاك دول العالم املتقدم من اللحوم، ومـا يتبعها من استهاك لألسمدة املستخدمة فى اإلنتاج النباتي، حيث أن متوسط استهاك االسمدة فى الدول املتقدمة 250 كيلو جرام للفدان، مقابل أقــل مـن 20 كيلو جــرام للفدان فى الدول اإلفريقية.

لذلك فـإن مساهمة القارة اإلفريقية فى مسببات تغير املـنـاخ مـحـدود للغاية بسبب أمنــاط االستهاك، وتكاد تكون مساهمتها فى تغير املناخ عامليا محصوره فى اإلنبعاثات القادمة من النشاط الزراعي.

جفاف القرن

> وما هى مصادر اإلنبعاثات التى ينتجها النشاط الزراعى فى القارة اإلفريقية؟

يشير إلى صـورة ألحد احلقول اإلفريقية توجد فى مكتبه، وهو يقول: البقرة التى توجد فى هذا احلقل يخرج منها انبعاثات تعادل تلك التى تخرج من سيارة، وعندما نعم أن دول مثل إثيوبيا لديها 200 مليون رأس ماشية، فهذا يعنى أن هناك ما يعادل 200 مليون سيارة يخرج عنها انبعاثات، وتكاد تكون دول مثل جنوب افريقيا ومصر واملغرب، هى الوحيدة التى تسهم بنسبة ليست كبيرة، فى اإلنبعاثات الناجتة عن استخدام الوقود األحفوري، ومع ذلــك تـوجـد خطط بـهـذه الـــدول فــى مجال الطاقة املتجددة.

ولذلك ستجد دوما فى أجندة مفاوضات مؤمترات التغير املناخي، تركيز إفريقيا على التكيف مع التغير املناخي، وليس اإلجراءات املتخذة لتقليل االنبعاثات احلرارية.

> رغـم مساهمة دول العالم املتقدم بشكل أكبر فى االنبعاثات املسببة لتغير املناخ، كما أوضــحــت فــى حـديـثـك، إال أنـــى أرى انطباعا ســائــدا عـنـد الـكـثـيـر­يـن فــى أنــهــم جنــحــوا فى جتنيب تأثيراته على حياتهم.. هل تتفق مع هذا الرأي؟

يومىء بالرفض قبل أن يقول مستنكرا: من أين جاء هذا اإلنطباع، ودعنا نأخذ إجنلترا كنموذج، فهى من الباد التى تستقبل كمية كبيرة من األمطار سنويا، تستطيع أن ترى أثرها فى اخلضرة املنتشرة فى الشوارع، ولكن منذ ثاث سنوات كانت على موسم جفاف، حول احلشائش اخلضراء إلى اللون البني، وهو مشهد غير معتاد هناك، وذلك بالرغم من أن تلك احلشائش من أنواع مقاومة للجفاف.

ومن إجنلترا إلى أمريكا، حيث شهدت قبل نحو أربعة أعوام موسم جفاف أثر بشكل كبير على إنتاج القمح، الذى أنخفض ما بني 10 و 20 %، وهى نسبة ليست بالبسيطة، من شأنها أن تهز أسـواق احلبوب عامليا، قياسا بحجم اإلنتاج األمريكى من القمح، وكان لإليكاردا دور مهم فى مساعدتهم على مواجهة تلك املشكلة فــى مــواســم قــادمــة عبر تزويدهم بأصناف مـن القمح مقاومة للجفاف، من انتاج باحثى اإليكاردا.. وهناك مثال ثالث من منطقتنا، يتعلق بدولة املغرب، والتى تعتمد بشكل كبير على األمطار فى الزراعة، ولكنها كانت هذا العام على موعد مع ما أطلق عليه «جفاف القرن»، حيث انخفض هطول األمطار بشكل كبير، مما أدى إلى انخفاض يتراوح بني 40 و 60 % فى انتاجية بعض احملاصيل.

> هل نستطيع القول أن ما يشهده العالم حاليا من ارتفاع فى أسعار املواد الغذائية، هو انعكاس لتأثير التغير املناخى علىى اإلنتاج الــــزراع­ــــى كــمــا أوضـــحـــ­ت فـــى مــثــالــ­ى أمــريــكـ­ـا واملغرب؟

يـشـيـر بـسـبـاتـه وهـــو يـقـول: طـبـعـا لــهــا تــأثــيــ­ر مـبـاشـر فـى اشتعال أسـعـار املـواد الــغــذائ­ــيــة، ولــكــن هـنـاك ثــاثــة أســـبـــا­ب أخــــرى ال يجب أن نغفلها، وهـى أن تــداعــيـ­ـات اإلغــــاق الــذى صـاحـب كــورونــا بــدأ يؤثر على األسواق، كذلك ارتفاع أسعار النفط، ثم جاءت احلرب األوكـــرا­نـــيـــة الروسية لتزيد من حدة التوتر فى األسواق.

الزراعة الذكية مناخيا

> دعـنـا نـركـز عـلـى الـسـبـب املتعلق مبجال عـمـل «اإليــــكـ­ـــاردا»، وهـــو تــغــيــر­ات املـــنـــ­اخ، حيث تكشف اللوحة التى أراها فى خلفية مكتبكم، عـن حـلـول يقدمها مـركـزكـم فـى هــذا املـجـال، تتعلق مبـا يسمى «الــزراعــ­ة الذكية مناخيا»، فماذا يعنى هذا املفهوم؟

يـعـود إلطـــاق تنهيدة عميقة اسـتـعـداد­ا إلجابة أخرى طويلة، بدأها بقوله: اإليكاردا توجد فى 16 دولة، من املغرب ودول شمال إفريقيا إلى دول الشرق األوسط، ودول غرب ووسط آسيا، وهى املنطقة التى يطلق عليها اسم «سـوانـا»، ويركز مجال عمل اإليكارادا فى هذه الدول على خمسة محاصيل رئيسية، هى القمح والـذرة والشعير والعدس والفول، باإلضافة إلى محاصيل أخرى أقل أهمية.

وهـــذه احملـاصـيـ­ل بطبيعتها ليس شرهة للمياه، ولكن مع تغير املناخ وتأثيره على كميتها والــزيــا­دة السكانية التى ستقلل مـن نصيب الفرد منها، ظهرت حاجة إلـى أساليب فى الزراعة تقلل من استهاك املياه، عبر انتاج أصناف جديدة، حتقق مفهوم «الزراعة الذكية مناخيا».

وسأعطيك مثا يوضح الفكرة، فالعدس مـن احملاصيل الغذائية املهمة فـى الهند، وكانت هناك حاجة لزيادة انتاجيته فى منطقة عندهم مساحتها حوالى 12 مليون فـدان، يغلب عليها زراعات األرز، وتزرع هذه املنطقة األرز مرتني فى الـعـام، وبـني كل محصولني توجد فترة فراغ حوالى 80 يوما، تكون فيها األرض رطبة بسبب زراعة األرز، ولكنها غير مستغلة فى زراعة محصول مثل العدس، ألنه يحتاج إلى 90 يوما من أجل النمو، ولكن مـن خــال بـنـوك جينات اإليــكــا­ردا، جنـح الباحثون فـى انـتـاج أصناف تعطى انتاجية فى أقل من 60 يوما، أى أننا متكنا من استغال فترة الفراغ بني احملصولني فى إنتاج مـحـصـول آخـــر، واسـتـفـدن­ـا من رطوبة األرض نتيجة زراعة األرز، والتى كانت ستضيع نتيجة للبخر، وساهمنا بذلك فى احلفاظ على املياه وتوفير غذاء عندما يضاف إلى األرز

يـــــعـــ­ــطـــــى قيمة غذائية عالية للوجبة، وهــذا منوذج عملى ملفهوم «الزراعة الذكية مناخيا».

> ومــا هـى احلـلـول األخـــرى الـتـى ميكن أن توفرها بـنـوك جينات اإليـــكــ­ـاردا، بـخـاف حل مشكلة العدس فى الهند؟

تشعر مبشاعر احلـمـاس على وجهه قبل ان يقول: بنوك جينات اإليكاردا جمعت على مدار أكثر من 40 عاما، حوالى 155 ألف نوع من األصناف األساسية للنباتات والبذور، مثل القمح والذرة والشعير والفول والعدس، وهذه األصـنـاف التى مت جمعها من بـاد مختلفة وبـيـئـات مختلفة، وواجــهــت ظـروفـا مناخية قاسية فى املاضي، مثل تلك الظروف التى تواجهها النباتات اآلن، حتمل حا لكثير من املشكات التى تواجه العالم حاليا. > وكيف ميكن االستفادة منها؟ كل صنف من هذه األصناف يحمل صفات معينة، سواء من حيث حتمل اجلفاف وندرة املياه أو مواجهة األمــراض، وميكن بواسطة برامج التهجني والتحسني إنتاج أصناف حديثة حتمل هذه الصفات، وهذا أمر لم يعد يتطلب وقتا طويا مثل املـاضـي، مـع حــدوث تطور فى الطرق املتسارعة فى االستنباط، فيمكن اآلن انتاج أصناف جديدة معمليا خال 60 يوما، بينما ميكن إكثار هذا الصنف وإتاحته لإلستخدام التجارى خال عامني فقطـ، وهى عملية كانت تستغرق فترة تصل من 10 إلى 15 سنة.

احلفاظ على رطوبة التربة

> وهــــل بــــدأمت فـــى مــســاعــ­دة املـــغـــ­رب بتلك املوارد اجلينية بعد حدوث «جفاف القرن» هذا العام؟

بثقة بــدت واضـحـة على مامحه يقول: أصنافنا توجد فى املغرب قبل حدوث جفاف الـقـرن، ولكن هناك فترة زمنية تفصل بني اعـتـمـاد الصنف ثـم اكــثــاره وتـوفـيـره بشكل جتــاري، ولكن نستطيع القول أن األصناف املقاومة للجفاف، التى كانت توجد فى بعض احلقول، ولم يتم توفيرها بعد بشكل جتاري، حققت زيــادة تفوق الـــ02 % فى اإلنـتـاج عن األصناف التقليدية فى ظروف اجلفاف التى حـدثـت بـاملـغـرب، وهـنـاك حـل آخــر ملواجهة اجلفاف تسعى اإليـكـارد­ا لتعميمه، ومؤخرا دفع موسم «جفاف القرن»، احلكومة املغربية إلى اتخاذ قرار بتعميمه فى حوالى 2.5 مليون فدان. أحد أدوات مقاومة اجلفاف هو احلفاظ على الرطوبة فى التربة، ويكون ذلك بواسطة طريقة الزراعة بدون تفكيك وحتريك التربة السطحية.

ويخرج ورقة وقلم من أحد أدراج مكتبه قبل أن يقول محاوال شرح هذا احلل: عند حصاد احملصول تترك جـزء من البواقى الزراعية كغطاء لألرض، وعندما تأتى لزراعة محصول جديد يتم استخدام بعض األدوات الزراعية لـوضـع الــبــذور حتــت هــذا الـغـطـاء النباتي، وهذا من شأنه ان يحافظ على التربة ويزيد من محتواها العضوي، ويقلل من استخدام األسمدة الكيميائية، واألهـم فى ظل ظروف اجلفاف أنه يحافظ على رطوبة التربة ويقلل مـن البخر والنتح الــذى يتسبب فـى فقدان كميات كبيرة من املياه.

> وملاذا تأخرت احلكومة املغربية فى اتخاذ قرار تعميم هذه الطريقة؟

هذه الطريقة موجودة منذ فترة زمنية بعيدة بالعديد من الـدول، ولكننا بدأنا فى تطويعها للظروف احمللية فى املغرب قبل ست سنوات، بالتعاون مع مراكز البحوث هناك، ووفرت هذه السنوات الست البيانات التى دفعت السلطات إلى اتخاذ قرار تعميمها فى 2.5 مليون فدان، ولكن يجب ماحظة أن تطبيق مثل هذه الطريقة فى الزراعة يحتاج حلمات توعية، ألن فوائدة لن تظهر إال بعد املوسم الثالث أو الرابع من الزراعة، بينما فى املواسم األولى من تطبيقها ميكن أن يكون هناك انخفاض فى اإلنتاج.

رغيف الشعير

> وهــــل هـــنـــاك مــــحــــ­اوالت لـتـنـفـيـ­ذ جتــربــة شبيهة فى مصر؟

كما قلت لـك هـو أحــد أسـالـيـب الـزراعـة املعروفة، ولكن تنفيذها يحتاج إلى دعم مادى وفنى وقناعات من جانب متخذ القرار، ألنها ال تؤتى ثمارها إال بعد ثاث أو أربعة مواسم زراعـيـة على األكـثـر، ومــن املـؤكـد ان مراكز األبحاث املصرية، لديها جتارب لتنفيذ هذا األسـلـوب، ولكن نشاط اإليــكــا­ردا فـى مصر مبجال مواجهة تأثيرات التغيرات املناخية يأخذ توجها مختلفا. > مثل ماذا؟ كما تعلم فإن مصر تتوسع حاليا بشكل أفقى فى زراعات القمح، من خال أراضى بتوشكى وسيناء، كما أن هناك جهودا للتوسع الرأسى عبر أصناف عالية اإلنتاجية، ويوجد صنفان مت إنتاجهما بإستخدام مــوارد بنوك جينات اإليــكــا­ردا، ميكنهما تقصير فترة الـزراعـة، وبـالـتـال­ـى تستطيع تــفــادى حـــرارة الصيف، وزراعة القمح فى أماكن لم تكن تزرعه، كما أن هذه األصناف ذات احتياجات أقل للمياه، وجارى جتربتهما حاليا فى مصر.

ومثل هذه اجلهود، عندما تضاف للجهد الـذى بذل فى حتسني ظـروف تخزين القمح عبر الصوامع اجلديدة، سيكون لها تأثير فى القريب العاجل، ألن األزمة األوكرانية الروسية بدأت تغير كثيرا من املفاهيم املتعلقة باألمن الغذائي، فقد متلك األمــوال، ولكنك ال جتد املكان الذى تشترى منه احتياجاتك الغذائية.

> كنت أتوقع أن حتدثنى أيضا عن مشروع اســتــبــ­دال دقــيــق الـقـمـح بنسبة 25 % بدقيق الشعير فـى انـتـاج رغـيـف اخلـبـز، والـــذى قلت قـبـل 3 ســنــوات، أنـكـم تـسـتـعـدو­ن لتنفيذه مع احلكومة املصرية...

يبتسم قبل ان يقول: من اجليد أنك أشرت لهذا املشروع، الذى انتهى قبل نحو عام، ومت خاله اختبار مدى قبول املستهلك املصرى لرغيف خبز مخلوط بدقيق الشعير، وأعطت التجارب نتائج جيدة للغاية، حيث أثبتت انه حتى نسبة 15 % من إضافة دقيق الشعير لدقيق القمح، لم تظهر أى تغييرات ملموسة فى الشكل والطعم، وبالوصول بنسبة اإلضافة إلى 25 %، حدث تغيير فى الطعم والشكل، ولكنه تغيير مقبول. > وملاذا لم يتم اتخاذ قرار بتعميم التجربة؟ تخرج الكلمات من فمه سريعة قائا: مثل هـذا الـقـرار يجب أن يسبقه حمات توعية كبيرة، تتحدث عن التغيرات املناخية، وكيف أنها تؤثر على كميات املياه، وأن نبات الشعير إستهاكه للمياه قليل، فضا عن أن زراعته جتود فى مناطق، ال جتود فيها زراعة القمح، كما تتحدث عن فوائدة على الصحة، وحتديدا ملرضى الكولسترول والسكري، وعندما يكون هناك قبول لدى املستهلك، يتم تقدمي حوافز تشجع على زراعـــة الشعير، ألن املساحات املزروعة به حاليا ليست كافية لتنفيذ توجه إدخاله فى رغيف اخلبز، ويجب املضى سريعا فى تعميم مثل هذا التوجه، ألنه األنسب حاليا للظروف املصرية.

وباملناسبة يجب ان نفكر ليس فقط فى الشعير، ولكن فى نباتات وبذور أخرى، حيث يوجد 400 ألف صنف من البذور والنباتات، حــوالــى 300 ألــف منها مصنفة على أنها ميكن أن تؤكل، و03 ألفا من هذا العدد قابل لإلستخدام، وال يستثمر من الـ03 ألفا إال فى 30 صنفا، ثاثة منها حتتل النسبة األكبر من اهتمام العالم، وهى األرز والقمح والذرة.

ومــع التحديات الـتـى تفرضها التغيرات املناخية، ستكون دول العالم مطالبة بضرورة االستفادة من هذه األصناف، فمفتاح املستقبل سيكون فى «أكل ما نستطيع زراعته، والتخلى عن ما نحب أن نأكله واعتدنا عليه»، فإذا لم يكن هناك امكانية فى املستقبل لزراعة األصناف التى اعتدنا عليها مثل القمح والذرة وغيرها، فيجب أن نعود أنفسنا على البدائل.

بديل القمح > هل ميكن ان تذكر لى أحد هذه البدائل؟ يلتقط هاتفه احملمول من مكتبه، ليعرض صــورة ألحــد النباتات قبل أن يـقـول: نبات اجلراسبى أو ما يعرف عربيا باسم «اجللبان»، وهو نبات ميكن ان يكون بديا للقمح، وهو يحتاج إلى احلد األدنى املطلوب من االهتمام، فإذا كنا نقول ان الشعير نبات مائم لتغيرات املناخ، فهذا النبات ميثل ثورة فى عالم الغذاء من حيث أنـه ينمو حتت أى ظـرف وفـى أى أرض وبأى كمية من املياه.

ومشكلة هذا النبات الـذى يتم تناوله فى وســط وغـــرب آســيــا، أن التأثير التراكمى الستهاكه يسبب نوعا من السمية وضمور العضات، ولكن البحوث العلمية التى أجرتها اإليـكـارد­ا جنحت فى التخلص من اجلينات املسببة لهذه املشكات.

وأرى أن هــذا النبات آن أوان استغاله، السيما أن مصر لها تاريخ فى تناوله، ويوجد فى املتحف املصرى بذور منه تعود إلى العصر الروماني، وتكشف عن استهاكه املصرى القدمي له.. ولكن حتقيق ذلك يحتاج إلى حمات توعية وحتفيز للقطاع اخلاص على زراعته وحتفيز للمصانع على إنتاج منتجات بسكويت ومكرونة وغيرها من املنتجات بإستخدامه.

> يكفى أن تقول فى اطار احلديث عنه انه كان يسبب سمية على املدى الطويل، ليحجم الناس عنه، حتى لو قلت لهم أنك جنحت فى حل املشكلة...

حتى تكتسب ثقة الناس يجب أن تعرض كل التفاصيل، بدال من أن يأتى إليك أى شخص فى وقت الحق ويدمر لك كل ما فعلته بالقول أنه يسبب السمية.

مؤمتر شرم الشيخ > وهـــل سـتـكـون مـثـل هـــذه األفــكــا­ر حـاضـرة فى مؤمتر شـرم الشيخ للتغير املناخى الذى تستضيفه مصر فى نوفمبر املقبل؟

بالطبع، فاإليكاردا ستكون حاضرة فى كثير من الفعاليات التى ستعرض خالها املنتجات البحثية التى تساعد فى التأقلم مع التغيرات املناخية. > وماذا تعنى استضافة مصر لهذا املؤمتر؟ استضافة مصر للمؤمتر حـدث تاريخي، يتيح فرصا لم تكن موجودة، منها أن املؤمتر سيساعد على مـزيـد مــن التوعية بقضية التغيرات املناخية بني املصريني، عبر برامج سـيـتـم طـرحـهـا بـشـكـل تــدريــجـ­ـي، كـمـا أنـه سيضع مصر على خارطة العالم فى مجال التغير املناخي، ويتيح لها شراكات مع مراكز األبحاث فى مجال الطاقة والزراعة واملياه، وجلب مشروعات فى مجال املناخ تفيد القارة اإلفريقية.

مسئولية اإلنسان عن تغير المناخ تبدأ باختيار «وجبة صديقة للبيئة»

200 مليون رأس ماشية بأثيوبيا تنتج انبعاثات مماثلة لنفس العدد من السيارات تغير المناخ أشعل أسعار الغذاء وتسبب فى «جفاف القرن»

 ?? ?? ◼ املهندس على أبو سبع خال حواره مع «األخبار» «تصوير : السيد محمد»
> وما هو هذا احلل؟
◼ املهندس على أبو سبع خال حواره مع «األخبار» «تصوير : السيد محمد» > وما هو هذا احلل؟
 ?? ??
 ?? ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Egypt