لماذا تستمر ظاهرة «المستريح»؟!
مـنـذ عــقــود ونــفــس الـقـصـة تـتـكـرر دون تـغـيـيـر إال فى التفاصيل الصغيرة واألسماء. منذ أن ظهر وباء شركات توظيف األمـــوال فـى الثمانينات وحتى آخـر «مستريح» مت القبض عليه يستمر مصنع إنتاج «املستريحني» فى العمل بنشاط كبير، وتستمر الظاهرة تكرر نفسها بني نصب واحتيال فى ناحية.. وطمع أو غفلة فى جانب آخر!
تـــصـــورنـــا حــــني مت ضـــــرب شــــركــــات الـــنـــصـــب الــعــاملــيــة الشهيرة بشركات توظيف األموال أن الدرس كاف إلغاق الصفحة. لم تكن املعركة سهلة ضد شركات ارتـدت ثوب التدين الـكـاذب واستخدمت رمــوزه وسيطرت على سوق املــــال، ونــشــرت فــســادًا هــائــًا وجـمـعـت املــلــيــارات وبـددتـهـا قبل أن يفتضح أمرها. كان الدرس قاسيًا وكافيًا ليتعلم اجلميع. ولكن ها نحن بعد كل هذه العقود جند الظاهرة مازالت حية، والقصة تتكرر وإن كانت بصورة أصغر من باوى الريان وأشباهه فى عالم االحتيال.
ظروف املجتمع اآلن حتتاج منا ألن نتعامل مع األمر بصورة أكثر جدية، وأن جند إجابة ألسئلة عديدة البد أن تـكـون حـاضـرة ال ينبغى الـتـوقـف فقط عند اجلانب اجلنائى واإلمــســاك بالنصابني وعقابهم. التعامل مع األمــــر كــظــاهــرة مجتمعية ضــــــرورى. ســهــل أن نختصر األمر فى النصب من جانب املستريح، والطمع من جانب الضحايا أو الغافلني، لكن ذلك ال يؤدى إال استمرار املناخ الذى يعيد إنتاج الظاهرة ولو بعد حني! هناك أسئلة إجبارية البد من إيجاد اإلجابة عليها. فما الذى يدفع الناس إلى إعطاء شقا العمر لنصاب رغـــم كــل الــتــحــذيــرات عـلـى مـــدى الــســنــني؟ وهـــل ميــارس «املستريح» نشاطه فى اخلفاء أم فى العلن وبصورة تدفع لـلـتـسـاؤل: أيـــن األجــهــزة احملـلـيـة مــن كــل ذلـــك؟ وملــــاذا ال تتحرك إال بعد وقوع الكارثة؟.
واألهـــــم مـــن هـــذا هـــو: كــيــف نــتــرك كـــل هـــذه األمــــوال تــذهــب جلــيــوب احملــتــالــني بــــدًال مــن أن تــكــون جــــزءًا من تنمية يحتاجها املجتمع؟ وكيف نوجه كل جنيه نستطيع توفيره لاستثمار املنتج بدال من اجلرى وراء أوهام الثراء با مجهود التى تنتهى ـ فى الغالب ـ مع مستريح جديد وضحايا جدد؟.
القضية األسـاسـيـة هـى أن ننشر ثقافة اإلنــتــاج، وأن تتحول كل أجهزة الدولة إلى خايا عمل توجه مدخرات املصريني إلقامة املصانع واملـزارع وورش اإلنتاج بدال من طـريـق الغفلة الـــذى يـقـود إلــى بــاب «املـسـتـريـح» املفتوح دائما الستقبال الضحايا اجلدد!