استعادة الفنون الجميلة
karam.gabr1@gmail.com
فى فترات االزدهار "تصدرت املشهد" الثقافة والفنون املـصـريـة األصــيــلــة، وتــاشــت الــصــور الـهـابـطـة فــى زوايـــا بعيدة، وذابــت واختفت وسـط التدفق اإلبـداعـى الكبير فلم تشغل باال.
نتمنى عودة التفرد والتفوق لتعكس حالة االستفاقة الـتـى تعيشها الــبــاد، وال سبيل لعبور عنق الـزجـاجـة، إال بنهضة ثقافية وفنية وإمساك الدفة واكتشاف أيد متوضئة بالوطنية واإلبداع احلقيقي.
عشنا فـتـرة مـنـذ السبعينيات كـانـت إحـــدى اجلـهـات املنتجة للغناء تتعاقد مع كبار مطربينا باملايني، ليس من أجـل أن يغنوا ولكن ليمتنعوا عن الغناء فتختفى املـواهـب املصرية أوال بــأول، فاتسع الـفـراغ ووصلنا إلى حالة من اجلفاف.
الــفــراغ كــان مـحـرضـا لـتـيـارات الـتـطـرف الـتـى امتدت شرارتها، لتصرف العقول والقلوب عن القيم اجلمالية الـتـى تسمو بـاملـشـاعـر والـسـلـوكـيـات، وحتـجـب إشــراقــات إبــداعــيــة خــاقــة تبحث عــن الـقـيـم احلقيقية وتسلط األضـواء عليها، فا نتشاجر وال نتناحر وال نتشنج وال ننحاز ملا نقول ونقصى اآلخرين.
وعشنا وال نزال حيث قام البعض "بتمصير" حكايات مسيئة ال متت للواقع بصلة وإظهارها كشأن مصرى.
الثقافة والفنون األصيلة هما احلـراس األمناء على الوعى واألخاق والضمير، ولم يكن اإلبداع يوما عدوا
ًً للقيم، ولم يكن الفن يوما مصطدما بالضميرأو مفرقا بني الناس، ولكن يجمعهم جميعا حتت مظلة التفاعل واجلمال والتسامى والتسامح.
جــوهــر املـــوضـــوع بـــدأ مــنــذ عــقــود مبـــحـــاوالت لتعرية الـفــن والـثـقـافـة املـصـريـة األصـيـلـة وإظــهــارهــا فــى صـور متدنية بالشخوص واألزيـاء، واآلن يتم تصوير مطربى املهرجانات على أنهم سفراء الفن املصرى، فى وقت لم يـتـحـدث فـيـه أحـــد عــن األوبــــرا العظيمة فــى العاصمة اإلداريــة، والتى تستعد لتكون منارة الثقافة والفن فى املنطقة.
رأيى الشخصى أن ما مييز مصر هو الزخم الثقافى والفنى الـــذى ينتظر مـا يـزيـح عنه الــصــدأ، فـى القرى والــنــجــوع واملـــــدن، وهـــو مــا بـــدأ بـالـفـعـل فــى املــشــروعــات الضخمة للشركة املـتـحـدة، وســـوف يـؤتـى ثــمــاره مبــرور الوقت السترجاع املكونات الفنية والثقافية مبختلف روافدها، ومن أهم أسباب األزمة فى السنوات السابقة، أن تقرير املصير كان فى أيدى التمويل اخلارجى.
املـنـظـومـة واحــــدة والـــدولـــة اجلـــديـــدة الــتــى يـحـاولـون تــصــديــر صــــور غــيــر حـقـيـقـيـة عــنــهــا، هـــى الـــتـــى أسـسـت أكبر مدينة ثقافية فـى املنطقة ورمبــا العالم ومقرها الـعـاصـمـة اإلداريـــــة اجلـــديـــدة، لـتـبـدأ إطـــاق اإلبــداعــات املصرية املعبرة.
زمـــــان، كــانــت هــنــاك أفــــام سـيـنـمـائـيـة، فـيـهـا عـشـرات املناظر السلبية ولكن لم يلتفت إليها أحد، ألن الزخم اإلبداعى الهائل، كان يجرف أمامه الزبد فيذوب ويزول، وال يحدث صخ ًبا أو ضجي ًجا.
مــــلء الــــفــــراغ ال يـــكـــون بـــالـــكـــام والــــشــــعــــارات، وإمنـــا بـاسـتـعـادة الــفــنــون والــثــقــافــات اإلبــداعــيــة الــتــى تعكس مـا يـحـدث فـى مـصـر، وتعبر عـن الــواقــع احلقيقي، فا يهتم أحد بالنماذج "دون املستوى" التى يحاول البعض تصديرها.