تدريس «سوشيال ميديا» فى المدارس !
اقترحت فى مجلس الشيوخ تدريس «سوشيال ميديا» فى املدارس، وأحدَث االقتراح ردود أفعال متباينة، بني القبول والتحفظ والرفض، وإن كانت النتيجة تشير إلى االهتمام الكبير باالقتراح.
األمــــر شــديــد اخلـــطـــورة؛ ألن الـسـلـبـيـات كـثـيـرة نتيجة االستخدام السيئ الذى يؤدى فى بعض األحيان إلى كوارث، عالوة على االنفالت األخالقى الذى انفجر فى املجتمع، وأخرج أسوأ ما فيه.
اقـتـحـام هــذا الـعـالـم مــن أوســـع أبــوابــه، حيث التحمت الثورتان التكنولوجيتان الرابعة واخلامسة، وميضى التطور بسرعة مذهلة.
لم أقصد األلعاب والتسلية واملنصات فقط، وإمنا األنظمة التكنولوجية املتطورة، القادرة على التعامل مع التحديات التى تواجه املجتمع فى املجاالت السياسية واالقتصادية والثقافية وغيرها، ومالحقة نظم االبتكار أوًال بأول.
تــقــول بـعــض الــــدراســــات إن «مــعــظــم» األطـــفـــال الـذيــن يـدرسـون فـى املـــدارس االبتدائية اآلن يتأهلون لوظائف غير مــوجــودة حـني يـتـخـرجـون، لالعتماد على التشغيل اآللى على حساب العنصر البشري، ويقتضى األمر ركوب قطار الثورة التكنولوجية مثل بقية دول العالم املتقدمة وعدم التخلف عنه.
ودون دخول فى تفصيالت فالثورة التكنولوجية اخلامسة التى تقتحم بشدة، تعتمد على الدمج بني البشر واآللة، لـلـوصـول إلــى الـوظـائـف واخلــدمــات بأقصى سـرعـة وأقـل مجهود، وتنمية الذكاء العقلى لإلنسان ليتوافق مع الذكاء االصطناعى.
السؤال هنا: ما الذى مينع أن يخطط األساتذة والعلماء املصريون من اآلن ملناهج دراسية متدرجة، لتأهيل اجليل اجلديد للثورة القادمة؟
املعترضون يقولون إنه ال داعى ألن نثقل على التالميذ، خصوصا فى احلضانة واملرحلة االبتدائية مبناهج إضافية، وأن تتم التوعية فـى شكل حـمـالت مستمرة، وتوعيتهم باملخاطر فى البيت أوًال بأول.
أمــا املــؤيــدون فـيـؤكـدون أن املــزايــا كـثـيـرة، ألن األطـفـال احلاليني هـم «جيل التكنولوجيا»، وميكنهم االستيعاب والتفاعل فـى سـن مبكرة، للتواصل مـع العالم اجلديد واللحاق بالركب.
ولنضرب أمثلة ببعض اجلوانب الضارة نتيجة عدم الوعى الثقافى مبخاطر سوشيال ميديا.
األلعاب اإللكترونية، أصبح لها تأثير خطير على األسر املصرية، ألنها تدخل معظم البيوت، وحدثت جرائم نتيجة محاكاة ما يحدث فى هذه األلعاب، ويحتاج األمر «تنظيف» األلــعــاب اإللـكـتـرونـيـة مــن اجلــوانــب السلبية، واالهـتـمـام باقتصادياتها وصناعتها، والنظر إليها فى إطار االستفادة من املزايا والتقليل من املخاطر.
واملنصات األجنبية مثال آخر؛ ملا تبثه من محتوى يتعارض أحيان ًا مع القيم الدينية واألخالقية، ويحتاج األمر حمالت توعية مستمرة، وحجب املواد املتعلقة بالتطرف واإلحلاد واملثلية، ولو مت تدريس هذه القيم فى املدارس منذ الطفولة ميكن جتنب كثير من األفكار الضارة.
املــنــع لـــم يــعــد مـسـتـطـاعـًا فـــى عــالــم أصــبــح اآلن قـريـة تكنولوجية كبيرة، والقادم مثير وخطير، وتطورات ال يعلم أحد مداها ومسارها، وال سبيل إال بتأهيل أوالدنا وبناتنا للتعامل مع هذه املتغيرات املتالحقة، بدرجات كبيرة من الدراسة والوعى والفهم واإلدراك.
وأعتقد أن املوضوع يحتاج حلوار مجتمعى.