Al-Akhbar

ال يدرى وال يدرى أنه ال يدرى

- محمد درويش m_darwish30@yahoo.com

الرجال أربعة > رجل يدرى ويدرى أنه يدرى .. ذلك عالم

فخذوا منه.

> ورجـــل يـــدرى وال يـــدرى أنـــه يـــدرى ذلـك

غافل فأيقظوه . > ورجل ال يدرى ويدرى أنه ال يدرى .. ذلك

جاهل فعلموه . > ورجـــــــ­ــــــل ال يـــــــــ­ــــدرى وال يـــــــــ­ــــدرى أنـــــه

ال يـــــــــ­ـدرى.. ذلــــــك أحــــمـــ­ـق فـــتـــجـ­ــنـــبـــ­وه . < مـقـولـة تنسب أحـيـانـا لــإمــام الشافعى وبعضهم ينسبها لغيره من السلف أدبــاء أو علماء ولكن لنجعلها لقائلها ولنتمعن فيها فى أيامنا هذه، خاصة هذا األخير . وهو األحمق فــــى الــــبـــ­ـدايــــة عـــنـــد الـــبـــح­ـــث عــــن تــعــريــ­ف األحــــمـ­ـــق فــــى املـــعـــ­اجـــم فــــــإن احلــــمــ­ــق صـفـة مذمومة تعيى صاحبها والـنـاس مـن حوله، والفطناء يرتبكون عند حتدثهم ألحمق فال يصلون معه للحق رغم وضوحه .

فى زمان فائت وقبل ظهور عصر التواصل االجتماعى وشبكة اإلنترنت، كان من السهل على املرء أن يتجنب األحمق مهما كانت درجة الـقـرب زمـيـًال كــان أم قـريـبـًا، كــان مـن املمكن االبتعاد عنه متاما بشراء دماغك كما يقول أصحابها، وإذا كانت معاشرته جبرية فإنك قد تأخذه على قد عقله لتريح وتستريح .

ومـــــع إغـــراقــ­ـنـــا فــــى الــشــبــ­كــة الــعــنــ­كــبــوتــ­يــة أصـــبـــح­ـــت مـــقـــاب­ـــلـــة احلـــمـــ­قـــى لـــيـــسـ­ــت نـــوعـــا مــن املــصــاد­فــة أو «بـخـتـك يــا أبــوبــخـ­ـيــت»، بل أصبحت أسماؤهم على صفحاتهم تتراقص أمام عينيك كل حلظة تقريبا خاصة إذا كنت حـريـصـا عـلـى الـتـواصـل الــدائــم عـلـى مـواقـع الفيس بـوك وتويتر وتيك تـوك وانستجرام وغيرها، بل إن البريد اإلليكترون­ى واإلمييل صارا أيضًا مدخًال لكثير من احلمقى الذين يـقـتـحـمـ­ون عــريــنــ­ك، أحـــيـــا­نـــا بـــإســـا­ءة األدب الناجت عن حمقه فى سـوء فهم ما دونــت أو

صرحت به فى سطورك أيـا كان املكان الذى خطتها فيه.

مـــن هـــــؤالء عــلــى صــفــحــا­ت الـــتـــو­اصـــل من يطلب التعليق على ما خطه قلمه ويلح على متابعيه رغـم أنـه ال يكتب أبــدًا تعليقًا على أحــد أو حتى الضغط على عـالمـة إعـجـاب، يتصور نفسه الكاتب األوحـد الـذى يجب أن يفرض على اجلميع قراءة كلماته والتعليق عليها، فــال مفكر إال هــو وال مـؤلـف إال هو والباقى على هامش الفكر والكتابة .

أجد من يصرخ منذرا أنه سينقى صفحته مـــن الـــذيـــ­ن ال يــتــفــا­عــلــون مــعــه رغــــم وصـــول

يعتذر الكاتب الكبير إبراهيم عبد املجيد عن عدم كتابة مقاله األسبوعى ويواصل اجلمعة القادمة باذن اهلل عـــددهـــ­م إلــــى احلــــد األقـــصــ­ـى» خـمـسـة آالف مــتــابــ­ع» ، مـــبـــرر­ا بـــأن املـتـفـاع­ـلـن ال يــزيــدون على مائة أو مائتن بالكثير، ومعظم هؤالء يــقــدمــ­ون فـــكـــرا وآراء مـسـتـنـيـ­رة وأتـــصـــ­ور أن عـلـيـهـم أن يــحــمــد­وا اهلل عــلــى وجــــود بضعة مـــئـــات يــتــفــا­عــلــون مــعــهــم بــــــدال مــــن مـشـقـة الـــرد عـلـى حمقى فــى جـــدال عميق سيكون مصيرهم «البلوك» ، ليضيف مكانهم أصدقاء جددا ويظل يدور فى دائرة مفرغة .

ويــتــضــ­ح لـــك مــــدى كــثــافــ­ة تـــواجـــ­د اآلالف مــن احلـمـقـى عـلـى مــواقــع الــتــواص­ــل عندما جتد أن خبرًا تافهًا يحتل ما يطلقون عليه التريند خاصة إذا ارتبط بشخصية شهيرة، وآخـرون يقدمون عصارة الفكر والثقافة وال يحظى بتفاعل إال ما ميثل واحدا فى األلف مـن تفاعل احلمقى مـع أخـبـار أبطالها من احلمقى أيضا .

اخلالصة أن ما نشاهده فى عصر الشبكة العنكبوتية هو حـال بنى آدم منذ اخلليقة، دفــــع ثــمــنــه­ــا شــفــعــا­ء يـــأتـــو­ن مـــؤتـــز­ريـــن، أمــا اآلخرون فهم يأتون عرايا .

 ?? ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Egypt