ال يدرى وال يدرى أنه ال يدرى
الرجال أربعة > رجل يدرى ويدرى أنه يدرى .. ذلك عالم
فخذوا منه.
> ورجـــل يـــدرى وال يـــدرى أنـــه يـــدرى ذلـك
غافل فأيقظوه . > ورجل ال يدرى ويدرى أنه ال يدرى .. ذلك
جاهل فعلموه . > ورجـــــــــــــل ال يـــــــــــــدرى وال يـــــــــــــدرى أنـــــه
ال يــــــــــدرى.. ذلــــــك أحــــمــــق فـــتـــجـــنـــبـــوه . < مـقـولـة تنسب أحـيـانـا لــإمــام الشافعى وبعضهم ينسبها لغيره من السلف أدبــاء أو علماء ولكن لنجعلها لقائلها ولنتمعن فيها فى أيامنا هذه، خاصة هذا األخير . وهو األحمق فــــى الــــبــــدايــــة عـــنـــد الـــبـــحـــث عــــن تــعــريــف األحــــمــــق فــــى املـــعـــاجـــم فــــــإن احلــــمــــق صـفـة مذمومة تعيى صاحبها والـنـاس مـن حوله، والفطناء يرتبكون عند حتدثهم ألحمق فال يصلون معه للحق رغم وضوحه .
فى زمان فائت وقبل ظهور عصر التواصل االجتماعى وشبكة اإلنترنت، كان من السهل على املرء أن يتجنب األحمق مهما كانت درجة الـقـرب زمـيـًال كــان أم قـريـبـًا، كــان مـن املمكن االبتعاد عنه متاما بشراء دماغك كما يقول أصحابها، وإذا كانت معاشرته جبرية فإنك قد تأخذه على قد عقله لتريح وتستريح .
ومـــــع إغـــراقـــنـــا فــــى الــشــبــكــة الــعــنــكــبــوتــيــة أصـــبـــحـــت مـــقـــابـــلـــة احلـــمـــقـــى لـــيـــســـت نـــوعـــا مــن املــصــادفــة أو «بـخـتـك يــا أبــوبــخــيــت»، بل أصبحت أسماؤهم على صفحاتهم تتراقص أمام عينيك كل حلظة تقريبا خاصة إذا كنت حـريـصـا عـلـى الـتـواصـل الــدائــم عـلـى مـواقـع الفيس بـوك وتويتر وتيك تـوك وانستجرام وغيرها، بل إن البريد اإلليكترونى واإلمييل صارا أيضًا مدخًال لكثير من احلمقى الذين يـقـتـحـمـون عــريــنــك، أحـــيـــانـــا بـــإســـاءة األدب الناجت عن حمقه فى سـوء فهم ما دونــت أو
صرحت به فى سطورك أيـا كان املكان الذى خطتها فيه.
مـــن هـــــؤالء عــلــى صــفــحــات الـــتـــواصـــل من يطلب التعليق على ما خطه قلمه ويلح على متابعيه رغـم أنـه ال يكتب أبــدًا تعليقًا على أحــد أو حتى الضغط على عـالمـة إعـجـاب، يتصور نفسه الكاتب األوحـد الـذى يجب أن يفرض على اجلميع قراءة كلماته والتعليق عليها، فــال مفكر إال هــو وال مـؤلـف إال هو والباقى على هامش الفكر والكتابة .
أجد من يصرخ منذرا أنه سينقى صفحته مـــن الـــذيـــن ال يــتــفــاعــلــون مــعــه رغــــم وصـــول
يعتذر الكاتب الكبير إبراهيم عبد املجيد عن عدم كتابة مقاله األسبوعى ويواصل اجلمعة القادمة باذن اهلل عـــددهـــم إلــــى احلــــد األقـــصـــى» خـمـسـة آالف مــتــابــع» ، مـــبـــررا بـــأن املـتـفـاعـلـن ال يــزيــدون على مائة أو مائتن بالكثير، ومعظم هؤالء يــقــدمــون فـــكـــرا وآراء مـسـتـنـيـرة وأتـــصـــور أن عـلـيـهـم أن يــحــمــدوا اهلل عــلــى وجــــود بضعة مـــئـــات يــتــفــاعــلــون مــعــهــم بــــــدال مــــن مـشـقـة الـــرد عـلـى حمقى فــى جـــدال عميق سيكون مصيرهم «البلوك» ، ليضيف مكانهم أصدقاء جددا ويظل يدور فى دائرة مفرغة .
ويــتــضــح لـــك مــــدى كــثــافــة تـــواجـــد اآلالف مــن احلـمـقـى عـلـى مــواقــع الــتــواصــل عندما جتد أن خبرًا تافهًا يحتل ما يطلقون عليه التريند خاصة إذا ارتبط بشخصية شهيرة، وآخـرون يقدمون عصارة الفكر والثقافة وال يحظى بتفاعل إال ما ميثل واحدا فى األلف مـن تفاعل احلمقى مـع أخـبـار أبطالها من احلمقى أيضا .
اخلالصة أن ما نشاهده فى عصر الشبكة العنكبوتية هو حـال بنى آدم منذ اخلليقة، دفــــع ثــمــنــهــا شــفــعــاء يـــأتـــون مـــؤتـــزريـــن، أمــا اآلخرون فهم يأتون عرايا .