Al-Akhbar

الباحث عن «متعة»

-

كانت تكبر أمام عينيه، فتاة حتمل من اجلمال ما يجذب أعني الشباب، دلوعة فى حركتها، أنثى فى حديثها، تعودت على جذب انتباه من حولها، تستخدم كل مقومات جمالها لتصبح دائما مثار حديث اجلميع.

أما هو فلم يكن سوى فرد من عائلتها، يراقبها كغيره من شباب القرية، يتتبع من بعيد جمالها وأنوثتها الطاغية، لكنه ال يسعي إلي قربها، فقد علم من شقيقته، أن أحالم الفتاة أكبر منه، هى بطبعها متمردة، تبحث عن املال والشهرة، تعشق التنقل بني املدن، تعيش فى أحالمها كبطلة ألفالم احلب واألساطير، وال تقبل أن تركن ولو للحظة واحدة إلى واقعها.

تركها، وسط أحالمها، وسافر للخارج للعمل مدرسا فى دولة الكويت، عام واحد وأرسل املال لبناء منزله، وشراء سيارة أجرة لشقيقه، وتوالت األمـوال، حتى راقبت الصغيرة اجلميلة ما يحدث حولها، هناك مال يغدق بال حساب، لقد وجدت ما تبحث عنه، لكنه يتطلب تضحيات كثيرة، عليها أن تتوقف عن أحالمها الكبيرة، وتنظر إلى ذلك الشاب، فقد أدركت أنه ال مانع من كسب املال وبعدها حتقيق األحالم.

بدأت الفتاة ترسم شباكها، حديث عبر الفيس مع بعض الدلع، اصطادت ذلك الشاب البسيط، توالت املكاملات بينهما، أخبرته أنها كانت حتبه سرا، كثيرا ما حاولت فتح احلديث معه، هى ال يعنيها فارق السن بينهما، 10 أعوام ليست بكبيرة، طاملا تولد احلب بينهما.. هكذا أوهمته بدلعها وأنوثتها الطاغية.

لم يصدق ذلـك الشاب البسيط ما يحدث أمامه، فاتنة القرية وجميلتها تعشقه، عاش معها قصة حب، أرسل إلى خطبتها فوافقت، وبدأ يغدق عليها باملال، كان يعمل ليل نهار ليحقق أحالمها فقط، أرادت شراء شقة فى القاهرة، فحقق لها املراد، راتبه كان يرسله إليها كله لتشترى جهازها.

كثيرا ما حـاول شقيقه حتذيره منها، كان يخبره أنها ال تريده وال حتبه، هى تبحث فقط عن ماله، لكنه أغلق أذنيه أمام اجلميع، كان ال يرى سواها فى حياته، كلمة منها يتغير كليا، حتى جنحت فى أن يجعل من شقيقه عدوا له.. ويقاطعه من بعد زواجه.

مر عامان، وعاد الشاب إلى بلدته، توسل إلى أسرته أن تسامحه، أخبرهم أنه لم يرسل إليها أمواال ، كان يساعدها فقط فى بعض جهازها بعد وفاة والدها.

اختار اجلميع رضاه، هم يعلمون احلقيقة جيدا، لكنهم تركوه يدخل جحر الثعابني، انعقد الزواج، وحققت الفتاة مرادها، طلبت منه عدم السفر مرة أخرى للكويت، أخذت مال الغربة ، ووضعته فى البنك باسمها بعد أن أوهمته أن شقيقه يطمع فى ماله.. كانت تشكل ذلك الشاب كيفما تشاء، قطعت عالقته باجلميع، وأصبح ملكا لها، حتى عرس شقيقه الصغير لم يحضره، اخذته بعيدا عن اجلميع، ومع اقتراب األموال من االنتهاء بعد شهرين فقط من الزواج، طلبت منه جتديد سفره مرة أخرى، فأخبرها أن املال فى البنك كثير، لكن كعادتها أقنعته أن هذا املال متروك للمستقبل، وهو باسمها حلمايته من شقيقه.

صدقها كعادته وسافر إلى الكويت مرة أخرى، ظل يعمل عامني ويرسل لها املال، كانت تشترى ألشقائها ما يحتاجونه، وعندما عاد أخبرته أنها استثمرت األمـوال فى مشروع مع شقيقها لكن بسبب فيروس كورونا خسرت كل شىء.

ثار الشاب يف وجهها، وبدأ صوته يرتفع ألول مرة عليها، كانت تراقب رد فعله وهى جتلس على الكرسى ال تبالى مبا يقوله، اقترب منها الشاب، وحاول التعدى عليها، لكنها أوقفته عند حده، أخبرته أنها لن تخرج مليما من األموال املوجودة فى البنك ألنها ملكها هى فقط.

تعجب الشاب من حديثها، أدرك أنه وقع فى مكيدة، هذه األمـوال هى تعبه وشقاه طوال سنوات الغربة، قام بضربها بشدة، صرخت وتواصلت مع الشرطة، وحررت محضرا ضده، وتداولت القضية داخل أروقة احملاكم حتى صدر حكم بحبسه 6 أشهر بتهمة ضرب زوجته.

فى ذلك الوقت كان الفتى يعيش فى شقة باإليجار، بعد أن أجبرته على مغادرة شقته، استولت عليها وأحضرت عائلتها للعيش معها، حاول كثيرا الصلح معها، كان يريد أن يعيد معها حياتهما التى لم يهنأ بها سوى أشهر وبعدها سافر للخارج. 6 أشهر والشاب يحاول الصلح، لكن األمــور تعقدت بينهما، حتى فوجئ مبحضر من احملكمة يخبره بإقامة زوجته دعـوي طالق للضرر بسبب ضربه لها، كاد يجن جنونه، أخـذ يتساءل مع نفسه، لم أتزوجها سوى شهرين، وبعدها سرقت كل أموالى، واليوم تقيم دعوى طالق للضرر لتحصل على كل حقوقها!، لكن أين أموالى؟.

ذهب الشاب إلى القاضى قص له كل ظروفه، لكن حكم احملكمة بحبسه فى قضية ضرب زوجته كان دافعا إلصدار القاضى حكما بتطليقها للضرر.. خرج الشاب من احملكمة يحدث نفسه، كاد اجلنون مما جري له من زوجته يقوده لقتل تلك الفتاة، مال الغربة استولت عليه، وهى اآلن جتهز نفسها بعد انتهاء عدتها للزواج من شـاب آخــر.. أصبح وحيدا، خسر اجلميع، أسرته، وزوجته، وابنه الصغير الذى لم يتجاوز عمره العامني، لم يجد أمامه طريقا سوى القضاء، ذهب إلى محكمة األسرة، وأقـام أغرب دعوى فى تاريخ القضاء ، «دعـوي تشبه يف مضمونها دعـوي املتعة» مطالبا القاضى بإلزام زوجته بتعويضه عن حرمانه من حقوقه الشرعية طوال سنوات زواجهما، ليس ذلك فقط، بل توجه بدعوي يف احملكمة االقتصادية، مطالبا بأمواله التي سرقتها زوجته.. وقف الشاب أمام القاضي ودموعه تسبق كلماته، كان يبحث عمن يسمع مأساته، يريد أن يكشف للجميع ماذا فعلت به تلك الفتاة الطائشة؟، لقد حولته إلي بائس، عاجز، عاق ألسرته.. أصبح منعزال عن اجلميع، نسي ابنه، فلم يره سوي أيام، ترك قريته، وأصبح تائها يف املدينة يترقب حركات تلك الزوجة.. قال «سيدى القاضى أعلم أن القضاء لم مينحنى حق إقامة دعوى متعة ضد زوجتى كما أتاح للزوجات ذلك، رغم أن اهلل قال فى كتابه الكرمي «ولهن مثل الذى عليهن باملعروف» لكن أنا هنا للبحث عن حقي الشرعي مثلهن.

وتابع «تزوجت تلك الفتاة منذ ثالثة أعوام، بعد شهرين من الزواج طلبت منى السفر جلنى املال، سمعت كالمها، وسافرت، وعندما عدت وجدتها تخلق املشاكل لتنفصل عنى، بعد أن زعمت أنها أضاعت مال الغربة فى مشروع مع شقيقها».

وتابع «ما أريده سيدى القاضى هو تعويض عن حرمانى من حقوقي الشرعية، التي لم أهنأ بها، مع هذه الزوجة»، واستعادة اموالى، وهذه مستندات باملبالغ التى أرسلتها إليها ورصيد حسابها يف البنك.. اسألوها من أين لها بهذه األموال؟.

واختتم «رجاء أوجدوا قانونا يعيد لي أموالي، فلم تعد هذه زوجتي، بل سيدة نصبت علي واستولت على كل ما أملك». ليقرر القاضي بعدها تأجيل نظر الدعوى إلعالن الزوجة.

 ?? ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Egypt