Al-Akhbar

األشد من حرمة القتال

- يواصل الشيخ الشعراوى خـواطـره حـول ســورة البقرة فى قوله تعالى فى اآليــة 217 « يسألونك عن الشهر الـرام قتال فيه قل قتال فيه كبير وصد عن سبيل الل وكفر به ‪َِ َََََََََُُُِِّْْ َِِِِِِِْْ ََِّْْ ٌَُُُّْ ٌَََََََُِِْْْْْ ََََََِِِْْ َََُِِّ ٌَََُِ َِِْ َِْْ

نـحـن ُمـسـّلـمـون أن الـقـتـال فى الــشــهــ­ر الـــــرام أمـــر كــبــيــر، ولـكـن انـــظـــر­وا يـــا كـــفـــار قـــريـــش إلــــى ما صنعتم مــع عـبـادنـا وقـــارنــ­ـوا بني ِكْبر هذا وِكْبر ذاك. أنتم تقولون: إن الـــقـــت­ـــال فــــى الـــشـــه­ـــر الـــــرام مـسـألـة كـبـيـرة، ولـكـن صـدكـم عن سـبـيـل الل وكــفــركـ­ـم بـــه، ومنعكم الــســلــ­مــني مـــن الــســجــ­د الـــــرام، وإخــراج أهـل مكة منها أكبر عند الل من القتال فى الشهر الرام، فال تفعلوا ما هو أكبر من القتال فــى الـشـهـر الـــــرام، ثــم تـأخـذكـم الـــغـــي­ـــرة عـــلـــى الـــــرمـ­ــــات. فــكــأن الق أراد أن يضع قضية واضحة هـــــي: ل تـــــؤخــ­ـــذوا مــــن جـــزئـــي­ـــات الـتـديـن أشــيــاء وتـتـحـصـن­ـوا فيها خــلــف كـلـمـة حـــق وأنـــتـــ­م تــريــدون الباطل فالواقع يعرض األشياء، ونـــحـــن نــــقــــ­ول: نـــعـــم إن الــقــتــ­ال فـــى الــشــهــ­ر الـــــرام كــبــيــر. ولـكـن يــا كــفــار قــريــش اعــلــمــ­وا أن فتنة الــــؤمــ­ــنــــني فـــــى ديـــنـــه­ـــم وصـــدهـــ­م عــــــن طـــــريــ­ـــق الل، وكـــــفــ­ـــركـــــ­م بــه سبحانه وإهــداركـ­ـم حرمة البيت الـــــــر­ام مبــــا تـــصـــنـ­ــعـــون فـــيـــه مـن عـبـادة غير الل، وإخـراجـكـ­م أهله مـنـه، إن هـــذه األمــــور اآلثــمــة هى عـنـد الل أكـبـر جــرًمــا وأشـــد إثـًمـا مـــن الـــقـــت­ـــال فـــى األشـــهــ­ـر الـــرم لسـتـرداد السلمني بعض حقهم لــديــكــ­م. ولـــهـــذ­ا يـــرد الـــق سـهـام الشركني فى نحورهم « َو َل َي َزا ُلو َن ُيـــ َقـــا ِتـــ ُلـــو َنـــ ُكـــ ْم حــتــى َيـــــر ُّدو ُكـــــ ْم َعــن ِديــ ِنــ ُكــ ْم ِإن ا ْســ َتــ َطــا ُعــو ْا» أى إياكم أن تــعــتــق­ــدوا أنـــهـــم سـيـحـتـرم­ـون الشهر الــرام ول الكان الــرام، بـل « َو َل َيـــ َزا ُلـــو َن ُيـ َقـا ِتـ ُلـو َنـ ُكـ ْم» أى وســـــيــ­ـــصـــــر­ون، ويـــــــد­اومـــــــ­ون عــلــى قتالكم «حتى َير ُّدو ُك ْم َعن ِدي ِن ُك ْم ِإن اْسَتَطاُعوْا». وتأمل قوله: «ِإن اسَتَطاُعوْا» إن معناها حتد لهم بأنهم لن يستطيعوا أبدا ف (إن) تــأتــى دائـــمـــ­ا فـــى األمــــر الـشـكـوك < الشيخ الشعراوى فــيــه. ويـتـبـع الـــق ََ «ومـــــنََِْْ يـــرتـــد­د ِم ْن ُك ْم َعـن ِديـ ِنـ ِه َف َي ُم ْت َوهــ َو َكا ِف ٌر فــأولئــك َحــ ِبــ َطــ ْت أَ ْعــ َمــا ُلــ ُهــ ْم ِفـى الدنيا واآلخــرة وأولئك أَْصـَحـاُب النار ُه ْم ِفي َها َخا ِل ُدو َن» سيظلون يــقــاتــ­لــونــكــ­م حـــتـــى يـــــردوك­ـــــم عـن ديـنـكـم إن اسـتـطـاعـ­وا. ثــم يختم الــق اآليـــة بقضية يـقـول فيها: « َو َمن َي ْر َت ِد ْد ِم ْن ُك ْم َعن ِدي ِن ِه» هذه اآليــــة يـقـابـلـه­ـا آيــــة أخــــرى يـقـول الق فيها: «َو َمـن َيْكُفر باإلميان

ِْ فقد حبط عمله وهو فى اآلخرة

َِ مـن اخلاسرين» «الـائـدة: .»5 وإذا قــارنــا بــني اآليــتــن­ي جنــد أن اآليــة الــــتـــ­ـى نــــحــــ­ن بــــصــــ­دد خــــواطــ­ــرنــــا عنها قـد ورد فيها قـولـه: «َفَيُمْت َو ُهـــ َو َكــا ِفــ ٌر» وفــى ســورة الـائـدة لم يـــرد هـــذا وإمنــــا ورد قــولــه: «َوَمــــن َي ْك ُف ْر باإلميان َف َق ْد َح ِب َط َع َم ُل ُه» وقـد اختلف العلماء فى السألة اختالفات جميلة. ولكنهم اتفقوا أََّول على أن أى إنـسـان يرتد عن اإلســــــ­الم ثـــم ميــــوت مــــرتـــ­ـدا فـقـد حبطت أعماله. ولكن اختالفهم تـــركـــز فــيــمــا لـــو رجــــع وآمـــــن مــرة ثانية، أى لـم ميـت وهـو كـافـر، بل رجـع فآمن بعد ردتــه، فهل حبط عــمــلــه أم لـــم يـــحـــبـ­ــط؟. ولـــإمـــ­ام الــشــافـ­ـعــى رأى يـــقـــول: إن الـــذى يــرتــد عــن الــديــن حتـبـط أعـمـالـه إن مـــات عـلـى الـكـفـر، أمـــا إن عـاد وأســـلـــ­م مــــرة أخـــــرى فــــإن أعــمــالـ­ـه الــتــى كــانــت قــبــل الرتــــــ­ـداد تـكـون محسوبة لـه. واإلمــام أبـو حنيفة

له رأى مختلف فهو يقول: ل، إن آية سورة الائدة ليس فيها « َف َي ُم ْت َوُهـــَو َكــاِفــٌر» وعليه فإننا نحملها عـلـى آيــة ســـورة الـبـقـرة الـتـى ذكـر فيها ذلــك مـن بــاب حمل الطلق عـلـى الــقــيــ­د، وعــلــى ذلـــك فـالـذى يـكـفـر بـعـد إميــانــه عـمـلـه محبط سواء رجع إلى اإلميان بعد ذلك أو لــــم يــــرجـــ­ـع، فــــال يــحــتــس­ــب لـه عمل. أين موضوع اخلالف إذن؟. هى أن إنسانا آمـن وأدى فريضة الــج ثــم ل قــدر الل كفر وارتـــد، ثــم رجـــع فـآمـن أتـظـل لــه الجة التى قام بها قبل الكفر أم حتبط ويطلب منه حج جديد؟ هذه هى نقطة اخلـــالف. فالشافعى يرى أنــــه ل يــحــبــط عــمــلــه مــــــادا­م قـد رجــــع إلـــى اإلميــــا­ن ألن الل قــال: « َفـ َيـ ُمــ ْت َو ُهـــ َو َكــا ِفــ ٌر» فمعنى ذلك أنـــه إن لــم ميــت عـلـى الـكـفـر فـإن عمله ل يحبط. ولـكـن ل يأخذ ثوابا على ذلك الج الذى سبق لـــه أن أداه، لــقــد الــتــفــ­ت اإلمــــام الشافعى رضى الل عنه إلى شيء قد يغفل عنه كثر من الناس، وهو أن الـج ركـن من أركــان اإلســالم، فـــالـــذ­ى ل يــحــج وهــــو قـــــادر على الج فالل يعاقبه على تقصيره، والذى حج ل يعاقب ويأخذ ثواب فعله. فكأن األعمال التى طلبها الـــــق ســبــحــا­نــه وتـــعـــا­لـــى إن لـم تفعلها وكـــانـــ­ت فـــى استطاعتك عـوقـبـت، وإن فعلتها ميـر عملك مبـرحـلـتـ­ني، الــرحــلـ­ـة األولــــى هى أل تعاقب، والرحلة الثانية هى أن تثاب على الفعل. فالشافعى قـــال: إن الشخص إذا فعل فعال يثاب عليه اإلنـسـان، ثم كفر، ثم عــاد إلــى اإلســـالم فهو ل يعاقب، ولـــكـــن­ـــه يـــــثـــ­ــاب. أمــــــا اإلمــــــ­ــام أبـــو حـنـيـفـة فــقــد قـــــال: إنــــه ل عـبــرة بعمله الـذى سبق الـردة مصداقا لقوله تعالى: « َح ِب َط ْت أَ ْع َما ُل ُه ْم» أى أبطلت وزالت، وكأنها لم تكن.

 ?? ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Egypt