Al-Akhbar

صدي العائد

- يوسف إدريس

الـــغـــا­ئـــب الــــــذى طـــالـــت غــيــبــت­ــه .. أخي ًرا عاد، ُكن ُت أَتو َّقع أى شي ٍء إال أن أجده كما هو وكما كان دائما بنفس املـــامــ­ـح والـــشـــ­عـــر واملــنــط­ــق الـسـاحـر البسيط الرزين .

وهذا هو صاح حافظ كما عرفته اآلالف مــــن قــــــــر­اء «روز الـــيـــو­ســـف» مـنـذ بـضـع ســنــوات فــى بـابـه املشهور «انتصار احلياة».

وصــــــاح لـــيـــس صـــديـــق­ـــى وزمــيــلـ­ـى فــى مـهـنـة الـقـلـم فــقــط، ولـكـنـه أهـم مـــن هـــذا زمـــيـــٌل فـــى مـهـنـة ا ِملـــشـــَرط، ومنُذ أربعة عشر عاًما كنا فى كلية الطب ومعنا الزميل الكشر الغضوب مـحـمـد يــســرى أحــمــد كــاتــب القصة الــِعــمــاق الـــذى أصــبــح اآلن مفتًشا لصحة القناطر اخلـيـريـة، جمعتنا مـــعـــا عــاقــتــ­نــا املــشــتـ­ـركــة بــالــدكـ­ـتــور إبـراهـيـم نـاجـى وجلساتنا الطويلة فى «إيزافتش» و»التافرنا «، وصوالت النقاش وجوالته حول الفن والشعر واحلياة.

وعـاقـتـى بــصــاح حــافــظ بــالــذات متت عن طريق القصة ؛ ففى مجلة « القصة « قرأُت يوًما قصًة دَّوَختنى اسمها «الذبابة «، ُرحُت أتصَّور كاتبها وكأنه نصف إله.

وإذا بى أروع بعد بضعة أيام ونحن جنتمع إلصـــدار مجلة لطلبة كلية الطب أن أحــد املجتمِعني معنا، بل أضــألــهـ­ـم جـــســـًدا وأرقـــهــ­ـم عــــــوًدا، هو صاح حافظ كاتب قصة «الذبابة».

يومها لم ُأصِّدق عينى وال تصَّور ُت مطلًقا أن يطلع كاتب القصة التى ُجـــِنـــنـــُت بــهــا طــالــًبــا مــعــى فـــى نفس الكلية وفى الدفعة.

كيف َيتسَّنى لطالب طٍّب مثله أن يكتب قـصـة بـهـذه الــروعــة ؟! وكيف ُأصــــِّدق أن لــى زمــيــًا آخــر ُيـشـاِركـنـى نفس هواية القصص ؟ بل أكثر من هــذا أن تـكـون قـد وصــلــت بـه هوايته حـد نشر إنتاجه فى مجلة «القصة « ؟َّ

ولــــــو كــــنــــ­ت قــــد ســـمـــحـ­ــت لـنـفـسـى ِبـــالـــت­ـــصـــُّور كــيــفــم­ــا ِشــــئــــُت، ملــــا أمــكــن خليالى أن َيعُبر الزمن وأن َيتصَّور أن هـــذا االجــتــم­ــاع مــن أجـــل إصـــدار مـجـلـة سـيـحـدد خــط عــاقــة طويلة لسنني كثيرة مقبلة، بلغت إلى كما ُقلُت أكثر من أربعة عشر عاًما.

والــــيــ­ــوم هـــا هـــو ذا صــــاح حــافــظ بــدمــه وحلــمــه وابــتــسـ­ـامــتــه قـــد عـــاد، ولــكــن املـشـكـلـ­ة أنــنــى ســأظــل أعـتـبـره غـائـبـا إلـــى أن يـكـتـب، وإلـــى أن يـتـاح لى مرة أخرى أن أقرأ أبسط أسلوب كـــتـــب فـــى الــصــحــ­افــة املـــصـــ­ريـــة، مـع الدقة املثالية فى اختيار كـل لفظ، والـــذكــ­ـاء الـشـديـد فــى إيـــراد اُحلـجـج واألدلـــة، إلـى درجــة أننى وأنــا طبيُب امتياز سألنى أستاذنا الدكتور أحمد حـــافـــظ مـــوســـى عـــن ذلــــك الـطـبـيـب احلـــاذق الـعـامـة الـــذى يكتب بــاب « انتصار احلياة « فى «روز اليوسف» .

وحـــــني أخـــبـــر­تـــه أن كــاتــبــ­هــا لـيـس طبيًبا ولكنه طالُب طٍّب وأيامها كان ال يزال فى املشرحة وأمامه للتخرج ثاث سنوات .

وحـــني قــلــت هـــذا لـلـدكـتـو­ر حافظ مـوسـى لـم يصدقنى واعتبر كامى هـــــــــ­زال، ولـــــكــ­ـــن، هــــــذا هـــــو بــالــضــ­بــط صـاح حافظ وُقــدرُتــه اخلـارقـة على التبسيط واإلقناع. من كتاب «جبرتى الستينات»

كــنــوز : نـعـيـد نــشــر هـــذا املــقــال املــكــتـ­ـوب عـــن كــاتــب صـحـفـى عظيم مــن كـاتـب قصصى مـسـرحـى عظيم هــو د. يــوســف إدريــــس الــــذى نـضـيء لـــــه الـــشـــم­ـــعـــة 96 مبـــنـــا­ســـبـــة ذكـــــرى مياده الذى كان فى 19 مايو ،1927 ويــكــفــ­ى يـــوســـف إدريــــــ­س أنــــه يحمل «تشيخوف العرب»، ِنس َب ًة ِإلى ا َأل ِدي ِب ال ُّرو ِس ِّي ال َك ِبي ِر «أنطون تشيخوف «، واحلديث عنه وعـن أعماله ال تكفه املساحات.

 ?? ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Egypt