الكويت على موعد مع انتخابات «تصحيح المسار»
إشراف:
فتح احلكم الذى أصدرته احملكمة الدستورية العليا فى الكويت األربعاء املاضى إلغاء حكمها الـسـابـق فـى مـــارس املـاضـى والـقـاضـى ببطالن االنتخابات البرملانية التى جرت فى سبتمبر املاضى والذى تقدم به نوابه من املجلس السابق الطريق من أوسع أبوابه أمام إجراء انتخابات مجلس األمة املقررة فى السادس من شهر يونيو املاضى حيث طوى احلكم صفحة برملان 2022 وباتت املنافسة على أشدها بني املرشحني الذى وصل عددهم إلى 367 وتراجع العدد إلى 254 من بينهم 15 سيدة والعدد األخير سيتم اإلعــالن عنه يـوم 30 مايو احلالى هو آخر موعد للتنازل عن الترشيح ومع الساعات األولى من صباح السابع من يونيو وبعد إعالن النتائج النهائية ملجلس األمة اجلديد ستكون الكويت على مفترق طرق واختبار جديد مع وجود توجه عام لدى القيادة السياسية أو النخب والشارع الكويتى بأن هناك صعوبة فى استمرار حالة التأزمي التى تعيشها الكويت على األقل فى السنوات الثالث املاضية وأن األمر يحتاج إلى قيام كل طرف من أطـراف العملية السياسية بـدوره فى تلك املهمة فلم يعد مقبوال تقدمي احلكومة استقاالتها حوالى ست مرات خالل تلك الفترة نتيجة اخلالفات بني السلطتني التشريعية والتنفيذية فى الكويت ولم تصمد احلكومة األخيرة سوى 100 يوم فقط.. كما استدعت األزمـة السياسية إصـدار مراسيم بحل مجلس األمة الكويتى ثالث مرات فى 2020 وكذلك 2022 وعاد األول بحكم احملكمة الدستورية فى إبريل املاضى ليتم حله من جديد والدعوة إلى انتخابات جديدة حيث حل أمير الكويت الشيخ نواف األحمد الصباح البرملان، ودعا إلى تنظيم انتخابات جديدة وقـال ولى العهد الشيخ مشعل األحمد اجلابر الصباح يومها فى كلمة ألقاها نيابة عن أمير البالد أنه (احتكاما للدستور قررنا حل مجلس األمة 2020 املعاد بحكم احملكمة الدستورية والعودة إلى الشعب فى انتخابات جديدة خالل الفترة القادمة) وأضــاف (اخلــروج من تداعيات املشهد السياسى احلـالـى يتطلب الــرجــوع الى الدستور باعتباره املرجعية ووثيقة احلكم وااللتفاف حول الشعب وتنفيذ رغباته) مشيرا إلى سبب حل مجلس 2020 هو (االنتصار للرادة الشعبية مما يتطلب معه ضــرورة الـعـودة إليها فى انتخابات جـديـدة تصحبها إصـالحـات سياسية وقانونية مستحقة لنقل الدولة إلى مرحلة من االنضباط واملرجعية القانونية) ونتوقف عند ثالثة مظاهر لتوافر اإلرادة السياسية لبدء مرحلة جديدة فى العمل السياسى وهى كالتالى :
أوال: حقيقة األمـر أن التاريخ سيذكر لألسرة احلاكمة منذ االستقالل حتى اآلن أنها التزمت بالشعار العظيم والــذى ينص على أن (معاجلة أزمـــات الدميقراطية مبزيد مـن الدميقراطية) حيث جلــأت وفـقـا للظرف السياسى إلــى أحد خيارين وفقا للمادة 107 من الدستور إما قبول استقالة الوزارة وهو األغلب أو إصدار مرسوم بحل مجلس األمة الكويتية دون أن تلجأ أبدا إلى آلية تعليق العمل بالدستور وهو ما يحسب لها وتستشعر القيادة فى ظل هذه الظروف إلى السعى للخروج من هذه الدائرة اجلهنمية حل املجلس أو إقالة الـوزارة باحلديث صراحة عند مشروع للصالح كشف عناوينه الرئيسية ولى العهد الشيخ مشعل األحمد فى خطابه فى السابع عشر من إبريل املـاضـى والـــذى تضمن مـا ميكن أن نطلق عليه (خريطة طريق) حيث أعاد التأكيد على صون هيبة الدولة وعدم جتاوز سلطات األمير الدستورية كما تضمن اخلطاب أيضا احلديث عن ضمان حيادية ونزاهة السلطة القضائية بتعزيز نظام احلوكمة فى تكوينها واختصاصاتها مما يعنى أنه فى الطريق تعديالت سيتم إدخالها على قانون تنظيم القضاء وتوقف املراقبون عند إشارة ولى العهد إلى نقل الدولة إلى مرحلة جديدة من االنضباط واملرجعية القانونية مما يؤشر على ضرورة القيام بخطوات حازمة إلنهاء حالة الشلل املؤسسى فى الكويت.
ثانيا: البحث عن آلية دستورية جديدة لوقف عملية الـلـجـوء إلــى احملكمة الـدسـتـوريـة والتى تكررت مرة ثانية األسابيع املاضية واملـرة األولى فى يونيو 2012 عندما حكمت ببطالن حل مجلس 2009 وإجراءات الدعوة النتخابات مجلس 2012 وفى جتربة ثانية فى نهاية نفس العام قضت بحل مجلس األمـة املنتخب فى منتصف العام بسبب عدم دستورية مرسوم إنشاء اللجنة الوطنية العليا لالنتخابات وهـنـاك حديث مـن بعض املراقبني فى إيجاد وسيلة لتحصني االنتخابات البرملانية القادمة من الطعن فيها أمام احملكمة الدستورية وذلك للخروج من احللقة املفرغة التى تدور فيها الكويت منذ عام 2020 خاصة أن نسبة كبيرة من الفائزين فى االنتخابات املاضية ومـا قبلها هم انفسهم املرشحون لالنتخابات احلالية.
ثالثا: السعى إلى ميثاق عمل أو توافق سياسى لصياغة مرحلة جديدة فى العمل السياسى فى الكويت بـني السلطتني التشريعية والتنفيذية وعمل هدنة طويلة األمــد بينهما فعلى مجلس النواب عـدم اإلفــراط فى حقهم الدستورى فى تقدمي االستجوابات إلى احلكومة والتى مت إساءة استخدامها متاما خاصة أن احلكومة ومنذ يناير املاضى أبدت كل االستعداد للتعاون مع املجلس السابق وإظهار حسن النوايا سواء باإلشراف على انتخابات متميزة وعدم تدخلها كما جرت العادة فى شأن انتخابات رئاسة املجلس أو رؤساء اللجان وكان آخر ما قامت به احلكومة فى التأكيد على رغبتها بشكل عملى فى إنهاء حالة الـتـأزم مع مجلس األمة إصدار عفو أميرى عن بعض األحكام بالسجن فى حق عدد من السياسيني الكويتيني املقيمني فى اخلارج والداخل كما قامت باإلشراف على انتخابات حرة فى سبتمبر املاضى دون أى تدخل منها، وعززت ذلك بإصدار قوانني، ملزيد من الشفافية وضمانات النزاهة والعدالة واملساواة، فى توزيع الـدوائـر ومقاعدها، بإضافة مناطق جـديـدة لبعضها، واعتماد التصويت بالبطاقة املدنية وفقا لعنوان السكن، مـع األداء الرفيع للحكومة احلالية برئاسة الشيخ أحمد نـواف األحمد الصباح، وجهوده فى تصحيح نهج العمل احلكومى مع الوضع فى االعتبار وتنفيذ برنامجها الـتـى تقدمت بها ملجلس الــنــواب بـعـنـوان وطن آمن ورفاهية مستدامة ويتضمن جميع األدوات التشريعية واملـزايـا املالية الستمرارية املعيشة جلميع الفئات من املوظفني والتقاعدية وأصحاب املساعدات االجتماعية بجانب الرعاية السكنية والتعليمية والصحية وغيرها من املزايا املبرمجة ضمن برنامج زمنى بعضه محدد باليوم والشهر وآخـر مقسم على السنوات األربـع القادمة ومن ناحية ثالثة البد من مراعاة التكلفة املالية التى تتحملها اخلزانة العامة من أجل إجراء االنتخابات وكذلك حالة عدم االستقرار وفقدان الثقة فى النظام الدميقراطى وقوة مؤسسات الدولة.
وبعد فقد أنهت احلكومة استعداداتها إلجراء االنتخابات مـن خـالل اللجنة التى مت تشكيلها برئاسة وزيـر الداخلية وعضوية وزارات العدل واإلعـالم والتربية والتعليم والشئون االجتماعية والصحة وبلدية الكويت هـى التى تتولى مهام التجهيز لالنتخابات..وكل املؤشرات تكشف عن معركة انتخابية شرسة مع زيـادة عدد املرشحني وعدد كبير منهم من نواب مجلسى 2020 2022و وتنويع توجهاتهم السياسية وطبيعة التحالفات والقوى املساندة سواء جمعيات سياسية أو رجال أعمال أو دعـم قبلى أو حتى مستقلني والكلمة األولى واألخيرة لدى الناخب الكويتى الذى عليه دراسة اختياراته بعناية فهى الكفيلة بإعطاء إشارة البدء فى تصحيح املسار أو اإلبقاء على الوضع على حاله وهو أول من سيدفع ثمن اختياراته.
أسامة عجاج
إشراف:
هالة العيسوى