هل تنجو أذربيچان من ضغوط «العشم اإلسرائيلي»؟
قبل أيام ألقى نائب وزير اخلارجة األذربيچانى فريز رزاييڤ بقنبلته فى حديثه لصحيفة معاريڤ اإلسرائيلية قائًل إن بالده: «تتجنب التدخل فى صـراعـات الــدول األخـــرى، ولـن نسمح إلسرائيل مبهاجمة إيران من أراضينا». هذا ليس أول تصريح علنى من أذربيچان بهذا الصدد. ففى مارس املاضى عند افتتاح أول سفارة ألذربيچان فى إسرائيل أكد سفير أذربيچان املعني مختار محمد أوغلو مامادوڤ، بعد وصوله إلى تل أبيب: ان بالده لن تسمح إلسرائيل باستخدام أذربيچان كقاعدة لهجوم محتمل ضد إيران. وأوضح السفير أن «باكو لن تساعد إسرائيل فى حال قررت مهاجمة املنشآت النووية اإليرانية».
كما رفـض مـامـادوڤ التقارير التى تفيد بأن أذربيچان ستسمح للموساد بإنشاء فرع لها فى أذربيچان ملراقبة ما يجرى فى إيـران.. وفى لقاء لقناة «إيران إنترناشيونال تى فى» أكد السفير نفس املعنى. ومنذ 2012 صرح السفير األذربيچانى لدى باكستان لصحيفة محلية ذات الصياغة.
هذه التصريحات وغيرها، تكذب علنا ما أعلنه وزير اخلارجية اإلسرائيلى إيلى كوهني عند افتتاح السفارة األذربيچانية بتل أبيب فى مارس املاضى عن اتفاقه مع نظيره األذربيچانى بيرموڤ حول تشكيل جبهة موحدة ضد إيـران، وتعزيز التعاون فى مجاالت االقتصاد وأمن الطاقة واالبتكار، وشدد كوهني: «نحتاج إلى العمل معا ملنع إيران من احلصول على قدرات نووية. ويبدو ان احلياء الدبلوماسى منع وزير اخلارجية بيرموڤ من الفكاك من الضغوط اإلسرائيلية وتكذيب الوزير اإلسرائيلى بينما هو فى ضيافته، فجاءت كلمته عامة عن احملادثات املفيدة، ولم تتطرق إلى التعاون ضد إيران.
يأتى هذا وسط سيل التقارير اإلسرائيلية التى تؤكد تعاون باكو مع تل أبيب فى إنشاء محور إقليمى مناهض لطهران، وكانت صحيفة «هآرتس» اإلسرائيلية قد نشرت فى مارس املاضى تقريرا مفصًال عن التعاون العسكرى بني إسرائيل وجمهورية أذربيچان، وعن تعهد باكو إلسرائيل باستخدام مطارات جمهورية أذربيچان فى حال شن هجوم إسرائيلى محتمل ضد منشآت إيران النووية.. وجاء فى التقرير أيضاً أنه مقابل إرسال أسلحة من إسرائيل إلى أذربيچان، سمحت باكو أيضا للموساد بتركيب أجهزة تنصت وتتبع فى ذلك البلد ومراقبة أنشطة إيـران. وأن أذربيچان وعدت إسرائيل أيضا بأنها إذا أرادت مهاجمة املنشآت النووية اإليرانية، فسوف يسمح لها باستخدام مطاراتها.
لعل الطموح أو العشم اإلسرائيلى فى أذربيچان يأتى من األهمية االستراتيجية لألخيرة، فبخالف أنها تورد لها أكثر من %30 من احتياجاتها النفطية، ووجود واحدة من أهم اجلاليات اليهودية لديها يبلغ عددهم حوالى 30 ألًفا، إال أن األهم هو أن لها حدوًدا مع إيران وتطمح تل أبيب فى استخدام أذربيچان كرأس حربة للهجوم عليها مستغلة اخلالف التاريخى بينهما، ورمبا ردا جلميل تل أبيب التى تعتبر املورد الرئيسى ألسلحة الطيران واملدفعية واألسلحة املضادة للدبابات واملضادة للمشاة ، وكانت خير معني لها فى صراعها مع أرمينيا.
الغريب فى مجال العالقات الدبلوماسية بينهما أن إسرائيل كانت من أوائـل الـدول التى اعترفت بأذربيچان، وأسست سفارتها فى باكو عام ،1993 لكن سفارة األخيرة لم تفتتح فى تل أبيب إال فى شهر مـارس من هذا العام أى بعد 30 عاما من الغياب الدبلوماسي.
هالة العيسوى