Al-Akhbar

جحود األبناء

-

«ربـيـت والدى أحـسـن تربية و علمتهم أحـسـن ومشوفتش منهم إال اجلحود و العند و الكبر »!

«والدى مش بيعجبهم أى حاجة مهما عملت و مهما تعبت عشانهم.. دائما بحس بإحباط رهيب و بحزن على عمرى اللى ضـاع أنـا و أمهم عشان نسعدهم و نقدملهم حياة أفضل مليون مرة من اللى عشناها»

«والدى ملا كبروا نسيوا كل التضحيات اللى قدمتهالهم أنا وأمهم و محدش فيهم بيفكر فى مرضنا وال حد بيُطل علينا؟ احنا غلطنا فى ايه فى تربيتهم عشان يطلعوا عاقني وقاسيني كده؟»

«ابنى بيقولى كالم جارح و قاسى! طول عمره هموت من قهرتى» !

رسائل متكررة حتمل نفس القدر من الوجع والقهر وكسرة النفس.. رسائل مكتوبة بدموع آباء وأمهات وكل سطر فيها ممزوج باخلذالن واحلسرة واليأس..

زى ما اتكلمنا فى يوميات سابقة عن عقوق اآلباء رغم انه مصطلح غير متداول مقارنة بعقوق األبناء، انهارده هنتكلم عن «جحود األبناء»

ملا نتناول اجلحود بنظرة عامة أحيانا بيكون توصيف األهـل خاطئ وفيه قدر كبير من املبالغة والتحامل على األبناء وأحيانا كثيرة بيكون حكمهم صادق و فعًال أوالدهم جاحدين..

توصيف األهـــل اخلـاطـئ سببه الرئيسى هـو مقارنة جيل أوالدهـم بجيلهم.. مقارنة تصرفات أوالدهـم معاهم بتصرفاتهم مع أجدادهم..

وكل مناهج التربية أثبتت أنه من الظلم مقارنة جيلني مختلفني متاما ببعض، بسبب التطور التكنولوجى واالنفتاح والتسارع فى كل األحداث بقى زمن كل جيل مختلف عن اللى سبقه بشكل ملحوظ..

واملشكلة أن معظم األهالى مش عارفة أن الشاب اللى عنده ٨١ سنة لسه عقله «تشريحيا» غير مكتمل، فا بتالقى عنده انفعاالت شبيهة بانفعاالت األطفال أحيانا وتسرع فى ردود األفعال وكتير من األهالى بيستغربوا التصرفات الصبيانية دى على اعتبار ان ابنهم خالص كبر وبقى زيه زيهم واحلقيقة مش كــده.. املفاجأة ان دراســة جلامعة تعليم كده،

أنا كامبريدج كشفت ان سن البلوغ احلقيقى ودماغ االنسان ال تصل للنضج احلقيقى إال فى العقد الثالث من عمره.. متخيلني؟!

هل كل تصرف ال يرضينا من واال اجلحود له سمات معينة؟

تعالوا ناخد اجلحود من بداية نشأة الطفل.. فى أطفال كتير بتعترض و بتقول أل ولكن معندهمش مشكلة عدم االمتنان أو اجلحود، فالبد أن األهالى يتقبلوا ان طبيعة الطفل مقترنة بكلمة أل و ده ليس خلل فى تربيته… اذن ايه هى أعراض اجلحود؟ أوًال: عدم التقدير املستمر: ال يُرضيه أى مجهود مبذول إلسعاده بشكل دائم.. ودائًما يقارن ما يُقدم له مبا يُقدم لغيره بطريقة فيها تقليل واستهزاء.

ثانيا: عدم االحترام : اإلنسان اجلاحد منذ طفولته مش هتسمع منه كلمة «شكرا / آسف/ تعبتك» عنده مشكلة كبيرة فى األخالق فهو غير ممنت ألى شيء و كإن كل النعم اللى عنده حق مكتسب!

ثالًثا: يواجه نوبات غضب متكررة و ده بيكون طبيعى أثناء الطفولة و لكن اإلنسان اجلاحد بتمتد معه هذه الصفة فى الكبر وتتحول لغضب جارف و مترد مستمر.

رابــعــا: مــن صـفـات الشخص اجلــاحــد رفـضـه القواعد.

خامًسا: ال يتقبل أبًدا رفض طلبه أًيا كان من أى شخص وال يتقبل سماع كلمة «أل» ! ودائم اجلدال والنقاش. عايز طلباته تتنفذ فى التو واللحظة!

ولذلك فاألهل الزم ينتبهوا للسمات دى فى شخصية األطفال قبل ما تتملك منهم ملا يكبروا ومن أهم التمارين اللى املفروض األهل يطبقوها فى تربية أطفالهم «ممارسة االمتنان» وحتويله لعادة فى حياة أوالدهم، بإنهم يشجعوا األطفال فى نهاية كل يوم انهم يعدوا عدد من النعم هما فرحانني بوجودها فى حياتهم .. يعدوا مواقف أسعدتهم فى يومهم ويحمدوا ربنا على وجود أشخاص بيحبوهم فى حياتهم.. التمرين ده هيساعد األطفال انهم ال يتعاملوا مع أى نعمة أو أى شخص انه حق مكتسب فى حياتهم ..

و الصادم ان أحيانا جحود األبناء بيكون نابع من أهلهم،

أوالدنا يتقال عليه جحود التباع ان الطفل اتربى وعمره ما شاف أهله بيحمدوا ربنا على نعم أو شاف أمه أو أبوه مش بيقدروا تضحيات بعض.. اتربى فى بيت مسمعش فيه كلمة شكرا، نشأ فى بيت كله ضغوطات وأهالى دائما غضبانني وساخطني على كل أقدارهم!

سبحان اهلل ذكـر النعم بيقضى على اجلحود وقسوة القلب إلن االمتنان بيزود إفراز هرمون فى الدماغ اسمها «أوكسايتوسن­ي» و بيسمى بهرمون احلب، هرمون بيفرز وقت األحضان والتقارب ولذلك هو عالج للجحود والقسوة.. محتاجني نعرف دلوقتى مسببات جحود األبناء.. وأهمها االغـداق املـادي: ان األهالى تفرط فى التدليل والعطاء والـشـراء بــدون داعــى كمحاولة منهم لتعويض أبنائهم عن ساعات عملهم الطويلة وغيابهم عن البيت أو لتعويض تقصيرهم فى اجلانب العاطفى أو تعويضهم عن اضطرابات عائلية بيعانى منها أوالدهم و ده بيخلق شخص مدلل غير مقدر و جاحد..

مينفعش يبقى العطاء عمال على بّطال واملكافآت مستمرة ال تنقطع، التعود على النمط ده غالبا ما يولد جحود من الطفل إلن سقف طموحاته بيعلى كل يـوم ومبقاش فى حاجة ممكن ترضيه.

فى قدر من احلرمان الصحى الزم يتعرض لتتحقق املوازنة بني التدليل و التقدير..

أحيانا حرمان الطفل من استقالليته والسيطرة عليه من األهالى بشكل كلى بيوّلد بداخله ِعند وجحود أول ملا يكبر ويقدر ينفصل عنهم.. محتاجني دلوقتى نعرف كيفية التعامل مع جحود األبناء.. و أهــم مـهـارة الزم األهـالـى يتعاملوا بيها مـع والدهــم انهم يعلموهم االحساس بالغير و انه يحط نفسه مكان اآلخرين و دى محتاجة وقت و استمرارية و تكرار.. مثال على كده تفتكر والدتك حست بإيه ملا الهدية معجبتكش رغم انها حاولت ترضيك بس رد فعلك كان محبط جدا ليها؟ ، «تفتكر أخوك حس بإيه ملا اتعصبت عليه و جرحته بكالمك؟»

و اطلب منه يتعّود يعّبر عن مشاعره واحترمها عشان يتعلم هو كمان يحترم مشاعر اآلخرين بالتبعية و يحترمها..

له األطفال

علمه يختار كلماته و يفكر فيها قبل ما يقولها حتى لو مقدرش فى األول و كان كالمه جارح فاالستمرار­ية هتحسن من طريقة تعبيره وهتخليه يراجع نفسه..

من أهم املهارات لترويض اجلحود عدم تلبية رغبات األبناء مباشرة، متقولش على كل طلب حاضر حتى لو عندك املقدرة املادية.. و وضحله سبب منعك ليه سواء «معندناش فلوس زيادة فى الفترة دي/ اللى انت محتاجه مش مفيد بالنسبالك «و يكون فعًال مش مفيد» / ممكن حتوش من فلوسك و تشترى احلاجة دي..

وحتى لو هتكافئ ابنك إلنه يستحق مش الزم السرعة الرهيبة فى تلبية طلبه.. علمه يصبر و لو يومني، عشان ميتعودش ان كل حاجة سهلة..

فى أهالى كتير بتحتاج عوامل مساعدة عشان الطفل يقدر يحس باالمتنان لنعم ربنا فلو أخدت والدك وزرمت ملجأ، دار أيتام أو مستشفى للحاالت احلرجة الزيارات دى هتخلى قلبهم يلني و يشكروا ربنا على نعمه وهيقدروا فعًال يحسوا بغيرهم..

وقبل ده كله الزم األهالى يكونوا قدوة ألوالدهم.. األوالد اللى بينشأوا فى أسرة احترام وتقدير للنعم هيطلعوا بنفس الصفات.. األوالد اللى اتعلموا من أهلهم الرضا و اإلميان بالقضاء والقدر هيكبروا على نفس النهج..

الطفل اللى نشأ فى بيت كله صريخ وأهل بيذموا فى بعض و بيقللوا من شأن بعض هيكبر و يكون شاب جاحد مش بيشوف غير اجلانب السلبى فى األشـخـاص اللى حوليه و عينه بتتعمى عن كل حلو..

فى أهالى كتير بتنعزل عن أوالدها سنني طويلة و بتلهيهم الدنيا عن متابعة سلوكياتهم و عصبيتهم و كبرهم و عنادهم ظًنا منهم انها مرحلة و هتعّدي…

هى فعًال هتكون مرحلة و تعدى لو فى احتواء من األهل وتعديل للسلوكيات واملفاهيم الغلط و ان األهالى تقرب من والدها وتفهم طبيعة شخصياتهم، لكن جتاهل كل ده مش هيوصل اال ألبناء قاطعني للرحم.. أبناء جاحدين.. مسيئني ألهلهم و ممكن يجيبولهم املرض من كتر اجلحود..

جحود األبناء له أسباب وله عالج.. مش بيطلع شيطانى فى يوم وليلة.. بياخد سنني وسنني.

 ?? ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Egypt