Al-Akhbar

عذابات أم كلثوم ومحمود الشريف

- طارق الشناوى

دائماً حتركنا صورة ذهنية نرى من خالها من نحبهم ، نرفض أن نضع أى رتــوش أخــرى على تلك الصورة التى حتقق فى جزء منها رغباتنا الدفينة ، وما كنا نود أن يلتصق بنا من صفات إيجابية ، هكذا من املمكن أن ترى أم كلثوم املرأة القوية التى يخضع لها اجلميع ويقع أسيراً لصوتها ، أو رمبا يصبح أسيراً لها كرجل مثلما رأينا امللحن الكبير محمد القصبجى ، الذى كانت ترفض أحلانه بعد رائعة «رق احلبيب» وارتضى أن يجلس وراءها عازفاً على العود، بينما تغنى هى من تلحني أصغر تاميذه بليغ حمدى، وأحمد رامى الذى كتب لها «عزة جمالك فني من غير ذليل يهواك»، وجزء كبير من كلماته العاطفية كانت رسائل منه إليها ، فهو الذليل الذى ينحنى فى محراب املعبودة !

وعند إعان خطبة املوسيقار محمود الـشـريـف رسـمـيـاً إلـــى أم كـلـثـوم عـام ،1946 استقل رامى القطار املتجه إلى بيتها وهـو يـرتـدى البيجامة ولـم يعلم ذلك إال قبل النزول باحملطة فعاد إلى منزله باكياً ، بينما ذهب القصبجى إلى فيلتها وصعد للطابق الثانى، ووجدها مع الشريف وكان يخفى املسدس خلف ظهره ، فقالت له أم كلثوم: «إيـه اللى مـعـاك ده يــا قــصــب؟» فـوقـع املسدس والتقطه الشريف وحرر محضراً متهماً القصبجى مبحاولة قتله ، ولم يستمر األمر سوى يوم أو اثنني واضطر الشريف لسحب شكواه تقديراً لتاريخ القصبجى.

كان لى فى بداية مشوارى الصحفى شرف االقتراب من محمود الشريف ، وكنت أزوره أسبوعياً فى منزله بعمارة استراند بباب اللوق، كانت كل مصر تردد أحلانه فور انطاقها فى األربعينيا­ت واخلمسينيا­ت، كل األصوات غنت له ما عدا أم كلثوم التى كانت األقرب ألوتار عوده ونبضات قلبه، ووثقت عاقة أم كلثوم بالشريف فى كتاب بعنوان «أنا والعذاب وأم كلثوم» متكئاً على األحاديث التى خصنى بها، وأكد من خالها الزواج العرفى، ولو تذكرمت آخر أفامها «فاطمة» الذى كان يدافع عن مشروعية هذا الزواج.

سألت الشريف «هل أنت نادم أنك لم تلحن ألم كلثوم؟»، أجابنى «لم يكن هذا هدفى ، بقدر ما هو اجلديد الذى أضيفه إليها، املسرح الغنائى هو حلمى األثير، أحيا سيد درويش املسرح ، بينما تلميذه محمد عبد الوهاب شيعه إلى مثواه األخير، اتفقنا أنا وأم كلثوم على أن نعيد إحياء املسرح الغنائى ، وأطلقت عليه مسرح «ثومة» ورسمت على الورق مامحه، ولم يكن يعنينى أن أنفرد بالتلحني، وجاء االنفصال ليوقف كل شىء»، حتى حلن «شمس األصيل» الـذى أجـرى بروفاته على العود مع أم كلثوم ألقى بالشريط من شرفة منزله ، وأحتفظ بالكلمات بخط أم كلثوم ، وعندما سألته عن رأيه فى اللحن الذى قدمه رياض السنباطى؟ أجابنى: «قطعاً رائع».

سألته: «هــل كانت أم كلثوم زعيمة فى حياتها الشخصية؟»، قال: «إطاقاً، وعندما سألها مصطفى أمني فى احلوار الذى نشره فى «أخبار اليوم» بعد إعان اخلطوبة عن حقيقة استمرارها فى الغناء أجابت «األمر حملمود وما يريد»، كلمات أثارت غضب الرأى العام الذى اكتشف أن صــوت أم كلثوم ليس ملكية عامة، وهناك رجل واحـد من املمكن أن يقول لها نكتفى بهذا القدر فتكتفى»، متسكت املايني بالصورة الذهنية ألم كلثوم.. املرأة والفنانة صاحبة القرار األول واألخير، ودفع الشريف الثمن وكتب مصطفى أمني بعدها مقال «جنازة حب»، أراد الشريف لها أن تصبح صوتاً على خريطة أنغامه ، ال أن يُصبح هو مجرد حلٍن على خريطتها، منحته تفويضاً فى أن يتخذ قرارها، وأسقطت املايني التفويض، سألته «عندما تراها فى عالم اخللود ماذا تقول لها؟»، قال: «سأعاتبها بسبب املسرح الغنائى، وستقول لى: عندك حق يا محمود»!.

احـتـفـلـت مـنـذ أيـــام بـعـض الـفـضـائـ­يـات املـصـريـة والعربية بالذكرى الــ 110 ملياد الشاعر الغنائى والكاتب الصحفى الكبير مأمون الشناوى الذى ترمن بكلماته كبار املطربني واملطربات ، وفى ذكرى مياده نقدم لقراء «كنوز» التقرير الذى أعده عنه محرر مجلة «الكواكب» باعتباره «ملك التشنيع» على خلق اهلل ، فكتب يقول :

الـذيـن يـعـرفـون الـشـاعـر والـكـاتـب الكبير مأمون الشناوى يقولون إنه ميارس «التشنيع» بشراهة ، لكن مأمون يقسم بأوالده السبعة أنه ال يُشنَع على أحد ، ألن التشنيع هو أن تقول عن إنسان ما يؤذيه، ومأمون ال يحب أذية الناس، ويسمى ما يصدر عنه نقل عن الواقع بتصرف، لكن البعض يقول إنه يشنع على أصدقائه، ويشنع على أهله ونفسه وذلك أضعف التشنيع، ومن تشنيعاته على نفسه أنه دخل محل «األمريكني» بعد منتصف الليل وهو جائع ولم يكد يسير ثاث خطوات حتى وجد نفسه ينزلق الى آخر احملل ألن العمال كانوا يقومون بغسل األرضية بالصابون، ولم يحفظ توازنه إال تعلقه بإحدى الفاترينات ، وخشى إذا تركها ال يستطيع اخلروج ، فنادى على عاملني وما كادا يقتربان منه حتى تعلق بعنق كٍل منهما وُدهش العامان وسأاله عما يريد فصاح : «طلعونى بره».

وكان ألحد أصدقائه سيارة متواضعة تعطلت بجوار متثال الظوغلى وبحث بني املارة عن ابن حال يزقها ونادى على اثنني من والد البلد ، وما كادا يقتربان من السيارة وينظران إلى وجه الزميل حتى صاح أحدهما فى اآلخــر: «يـا نهار أســود، ده األفندى بتاع كل يوم ، اجــرى يا واد» وأسـرعـا بالهرب ، وعــرض الزميل السيارة للبيع فلما جاء املشترى يعاينها ، نظر إلى العداد فوجده سجل رقماً مرتفعاً من الكيلومترا­ت مما يدل على أنها استعملت كثيراً وقال: «ياه 90 ألف

مأمون الشناوى كيلو »! ، فصاح مأمون : «اعمل حسابك إن املوتور ما اشتغلش منهم غير 20 ألف بس وأنا زقيت الباقى»!

ومن مؤلفى األغانى مؤلف موهوب لكنه يقرأ ويكتب بصعوبة ، جاء إلى مأمون يطلب منه أن يبحث له عن عمل، فقال مأمون: إنه على استعداد أن يبحث له عن عمل إذا تعلم القراءة والكتابة فى مدرسة ليلية ، لكن املؤلف قال: إنه يخشى أن يذهب إلى املدرسة ويخسر أمواله ثم يتركه مأمون با عمل ، فقال له مأمون : «انت بس اتعلم ولو ما شغلتكش رجع القراية والكتابة

للمدرسة وخد فلوسك ومفيش حاجة حتروح».

وكان هذا املؤلف ميارس هواية االقتراض الذى ال يرد مع مأمون ، وكان املبلغ ال يزيد فى كل مرة عن «ريال»، وحدث أن شاهد املؤلف محمد عبد الوهاب بعد عودته من أوروبا ، والحظ أن وجهه جترى فيه حمرة الشباب ، وأفهمه مأمون أن عبد الوهاب قام بعملية تغيير دم كلى فى أحـد مستشفيات أوروبــا ودفع آالف اجلنيهات وعاد بوجه جترى فيه حمرة دماء الشباب فقال املؤلف: «أنا الزم احمد ربنا بأه علشان حضرتك بتغير لـى دمــى كـل يـومـني بريال ..!»سپ

ومن التشنيعات املتعلقة بشقيقه األكبر الشاعر كامل الشناوي، أنـه ذهـب يوماً إلـى منزله فوجده نائماً فـى السرير والتليفون بــجــواره، وأيقظه ثم مضى «مأمون» يستعمل التليفون فاتصل بكل الذين يعاملهم أو بعضهم.. وبعد أكثر مـن ساعة وضع السماعة وجلس يتحدث مع كامل الشناوي، وخطر لكامل أن يتكلم فى التليفون فرفع السماعة ولكنه لم يجد «حـــرارة» فالتفت إليه وصــاح: «يـا خبر يا مأمون .. أنت خلصت احلرارة ..»؟ ومن بني الزماء الذين يكتبون فى الصحافة الفنية زميل كان نحيفاً ثـم بـدأ مييل إلـى البدانة بشكل ملحوظ ، وكانت بدانته حديث الكثيرين من الـزمـاء وعلق مأمون على هذه الظاهرة قائًا : «واهلل انا كنت باشرب قهوة مع فان وشفته وهـوه بيتخن»! ، ومن أجمل تشنيعات مأمون الشناوى على أهله أنه حدث مرة أن اشتروا ثاجة من اخلشب. وكانوا جميعاً فى بيت األسرة، وفى ليلة عاد مأمون قبيل الفجر وذهب إلى والدته وأيقظها وهو يقول لها: «فني نايبى من املية أم تلج»!.

 ?? ?? ◼ مصطفى أمني وأنور وجدى وأم كلثوم فى افتتاح فيلم «فاطمة»
◼ طارق الشناوى
◼ إعالن عن زيارة أم كلثوم للقدس وحيفا ويافا بفلسطني «راجعني بقوة السالح راجعني نحرر احلمى.. راجعني كما رجـع الصباح
◼
«كشف النقاب عن الوجوه الغادرة.. وحقيقة الشيطان بانت سافرة.. إنا فدائيون نفنى وال نهون.. إنا ملنتصرون»
◼ أم كلثوم ابنة احلضارة املصرية العريقة
◼ مصطفى أمني وأنور وجدى وأم كلثوم فى افتتاح فيلم «فاطمة» ◼ طارق الشناوى ◼ إعالن عن زيارة أم كلثوم للقدس وحيفا ويافا بفلسطني «راجعني بقوة السالح راجعني نحرر احلمى.. راجعني كما رجـع الصباح ◼ «كشف النقاب عن الوجوه الغادرة.. وحقيقة الشيطان بانت سافرة.. إنا فدائيون نفنى وال نهون.. إنا ملنتصرون» ◼ أم كلثوم ابنة احلضارة املصرية العريقة

Newspapers in Arabic

Newspapers from Egypt