Al-Akhbar

مزقت ترجمتى لـ «بورخيس» عندما شتم العرب !

د.صالح فضل فى سيرته فائقة الصراحة:

-

«صالح فضل.. سيرة نقدية» كان هذا هو العنوان الذى اختاره أستاذى شيخ النقاد العرب د. صالح فضل للكتاب الذى شرع فى جمع سيرته احلياتية والفكرية ورحلته مع األدب والنقد فيه، حيث أراد - بحسب وصيته لى ولناشره محمد رشاد- أن يجمع فصول سيرته املنشورة فى كتابني هما : عني النقد (طبعة أولى ،2013 وطبعة ثانية مزيدة ،)2018 وصدى الذاكرة (طبعة واحدة فى )2021 فى كتاب واحد حتت هذا العنوان: «صالح فضل.. سيرة نقدية»، وكأنه يرى سيرته احلياتية والفكرية هى ممارسة للنقد؛ كتابة الذات لسيرتها، إذ متارس نقًدا ذاتًّيا على نفسها قبل اآلخرين، فضًال عن ممارستها النقد على معطيات احلياة، وظواهر الوجود، وأحداث التاريخ، واملواقف، والتجارب، وهذا ما يرتبط عند «فضل» بفعل املساءلة، حيث يقول: «تعَّودت على ُمساءلة نفسى منذ الَّصَغر قبل أن أخضع حملاسبة اآلخرين وتقييمهم». ومما يكشف عنه «فضل» فى تطبيقه أسلوب النقد الصارم على نفسه تخليه عن حلم أن يكون شاعرا، فيقول: «كنت أعتقد أننى ال بد أن أكتب الشعر مثل أبي، لكن ما أكتبه ال يعجبني، آخر قصيدة كتبتها فى مطلع اخلمسينيات كانت لتهنئة امللك فاروق على زواجه من «نارميان»، طبقت فيها احليلة البديعية احلرفية فى تكوين اسم امللك من مجموعة حروف األشطر األولى، واسم امللكة من حروف األشطر الثانية، وألقيت على نفسى سؤاًال خطيًرا: هل ميكن أن أكون أشعر من شوقي؟ كان هو مثلى األعلى الذى أحفظ ديوانه كامًال، إلى جانب دواوين أخرى أقل منه فى تقديرى حينئ ٍذ، لم أكن قد اكتشفت مسرحياته، ووصلت لنتيجٍة قاطعة : لم أتفَّوق عليه، وقررت وأد الشاعر فَى»..

ومتر سيرة «صالح فضل» مبراحل حياته املتعددة ومنها بالطبع مرحلة النشأة والتكوين، وشعور اليتم والفقد، حيث فقد أباه، وهو فى الرابعة من عمره، ومع إصرار جده على إحلاقه بالكتاب ، وسلوكه فى خط التعليم األزهرى ليعوض والده يكشف عن صراع اخليارات املتقابلة الذى عاشه فى طفولته؛ فيقول: «صعدت ملنبر القرية وأنا فى احلادية عشرة من عمري، وألقيت خطبة اجلمعة، وقَّبَل املَُصلُّون يدي، وُحِّرم علي حينئذ أن ألعب بكرة الشراب فى شوارع البلدة، أو أسبح ًّ عاريافى الترعة، أو أرمق الشغف فى عني إحدى البنات؛ فقد صرت شيخا ال ينبغى له سوى اجلد واالجتهاد»، ودوما ما يكشف «فضل» عن صراع مثل هذه الثنائيات ، أو األمناط املتقابلة ، واألساليب املتضادة التى واجهته فى رحلته احلياتية واملعرفية، فكان انحيازه الدائم إلى خيار احلداثة وامليل إلى روح العصر، مثلما كشف عن ذلك الصراع احملتدم الذى عاشه وعاينه بعد التحاقه بكلية دار العلوم أواخر خمسينيات ، وأوائل ستينيات القرن املاضي، حيث الصدام، والتنافس الذى كان على أشده بني منطى: ثقافة وأسلوبى تعليم ، وطريقتى حياة، بني احلداثة ، واملعاصرة من ناحية، والتمسك بالقدمي ، والتراث دون غيره من ناحية أخرى.. كانت أمنية «صالح فضل» املعيد آنذاك بدار العلوم أن يسافر بعثة دراسية إلى فرنسا، وحتديدا باريس، عاصمة النور، ليسير فى درب «طه حسني» و«محمد مندور» ، ويقتفى آثار خطاهما، لكن حالت األقدار دون رغبته تلك، وحصل على منحة دراسة فى إسبانيا، فجاهد «فضل» لتعلم اللغة اإلسبانية، التى لم تكن رئيسية فى مؤلفات األدب ، والنقد لكتابهما الكبار، لكن كانت تُترجم إليها أحدُث املؤَّلفات من لغاتها الرئيسية، وتكشف سيرة «صالح فضل» عن تفرد تكوينه الشخصى، واقتداره فى رحلته إلى الغرب على استيعاب أحدث منجزات احلداثة النقدية من ناحية ، واالعتداد بجذوره املنتمية إلى وطنه مصر ، وثقافته العربية، حيث مزق مخطوط ترجمته لكتاب األلف لألديب األرجنتيني، «بورخيس»، بعد أن قرأ فى الصحف اإلسبانية عقب هزمية مصر والعرب فى يونيو 1967 بأَّنه قد توَّجه إلى السفارة اإلسرائيلي­ة فى «بوينس أيريس» لتهنئة العدو الصهيونى بانتصاره على من وصفهم بالعرب البرابرة، كما يجلى «صالح

 ?? ??
 ?? ?? ◼ األستاذ وتلميذه
◼ األستاذ وتلميذه

Newspapers in Arabic

Newspapers from Egypt