Al-Akhbar

صفقة باريس بين النجاح والفشل ونتنياهو يتحمل مسئولية التأجيل

-

تعلمنا من دروس السياسة أن املنتصر وحده من يفرض شروطه على طاولة املفاوضات إال أن رئيس الـوزراء اإلسرائيلى نتنياهو يحاول مخالفة هذه القاعدة، فمازال يجاهد إلفشال صفقة باريس التى عملت عليها جلان عالية املستوى من مصر وقطر وإسرائيل وأمريكا فى مباحثات ماراثونية استمرت ستة أسابيع فهو الميكنه ان يدعى أنه أحرز أهدافه الثالثة التى حتدث عنها منذ اليوم األول لعمليات طوفان األقصى، حترير األسرى وهزمية حماس وإنهاء أى تهديد إلسرائيل من قطاع غزة، فلم ينجح فى اإلفراج عن رهينة واحدة سوى بالتفاوض غير املباشر مع حركات املقاومة من خالل الصفقة السابقة نوفمبر املاضى والتى نصت على هدنة استمرت أسبوعا ومت خاللها إطالق سراح 105 من املدنيني واالطفال، كما أن تقارير االعالم الغربى مازالت تتحدث عن احتفاظ املقاومة بـ 80 باملائة من قدرتها العسكرية، ولم ينجح فى فك شفرة األنفاق مع تزايد معدالت اخلسائر البشرية واملادية للقوات االسرائيلي­ة، وتتضمن الصفقة اجلديدة وفقا لتسريبات مكتب رئيس الوزراء اإلسرائيلى، وقف إطالق النار ملدة 241يوًما مقابل 135 محتجًزا وسبعة أيام إضافية للتفاوض على املرحلتني األولى والثانية.

املقترح املقدم يتألف من ثالث مراحل، االولى مدتها هدنة ستة أسابيع على إسرائيل إطالق سراح 200 الى 300 أسير فلسطينى مقابل 35 إلى 40 رهينة وزيادة عدد شاحنات املساعدات

تقرير أسامة عجاج االنسانية إلى 300 يوميا.

ومـن هنا تأتى أهمية جولة وزيــر اخلارجية األمريكى انتونى بلينكن والتى بدأت أمس االحد وتنتهى نهاية االسبوع وهى اخلامسة منذ السابع من أكتوبر املاضى وبداية عمليات طوفان االقصى، ففى اليوم التالى لنهايتها ستصبح االمـور أكثر وضوحا باجتاه العدوان اإلسرائيلى املستمر منذ أربعة أشهر على قطاع غزة، أما باجتاه استمرار العمليات العسكرية حتى لو بوتيرة مختلفة إذا فشلت اجلولة او باجتاه التوافق على هدنة طويلة قد تؤدى فى نهاية االمر إلى وقف العدوان وفتح الطريق أمـام تسوية سياسية، فالعواصم التى سيزورها الوزير معنية بشكل أساسى بهذا امللف سواء القاهرة أو الرياض أو الدوحة أو تل ابيب أو رام اهلل، بل ثالثة منهم باالضافة إلى واشنطن شاركت فى اجتماعات باريس وهو ما أشار إليه املتحدث باسم اخلارجية األمريكية ماثيو ميلر بان بلينكن يرغب فى مواصلة جهوده الدبلوماسي­ة للتوصل إلى اتفاق جديد لوقف إطالق النار.

وحقيقة االمـــر أن هـنـاك مـصـالـح لـــدى كل االطـراف املعنية ونعنى هنا الطرف الفلسطينى واالسرائيل­ى واالمريكى بإمتام هذه الصفقة كمبدأ واخلالف فى التفاصيل وهى كالتالى:

أوال: على الصعيد الفلسطينى فهناك مصلحة

أكـيـدة فـى تـوقـف الــعــدوا­ن املستمر منذ 120 يوما من احلرب والذى تسبب كما رصد املكتب اإلعالمى احلكومى فى غزة عن حصيلة مفزعة للخسائر بالقطاع والتى وصلت إلى مخطط لإلبادة اجلماعية، حيث وصل عدد املجازر التى ارتكبتها إسرائيل إلى 2325 مجزرة جماعية مما أوصل عدد الشهداء واملفقودين إلى أكثر من 34 ألفا من بينهم 12 ألف طفل وأكثر من ثمانية آالف من السيدات وعدد اجلرحى إلى أكثر من 66 ألفا منهم 11 ألفا بحاجة للعالج فى باخلارج، وكذلك اآلالف من اإلصابات من األمراض املعدية واملزمنة التى الجتد عالجا بعد انهيار النظام الصحى بعد االستهداف املنظم للمستشفيات التى خرجت من اخلدمة مع تدمير 290 ألف وحدة سكنية جزئيا بعد استخدامه 66 ألف طن من املتفجرات ناهيك عن تدمير دور عبادة ومقرات حكومية ومدارس وجامعات باالضافة إلى نزوح أكثر من 85 باملائة من سكان القطاع اى حوالى مليون 900و ألف.

ومـــع ذلـــك فعلى صعيد جـمـاعـات املـقـاومـ­ة الفلسطينية مازالت هناك أسس حتكم القبول

بالصفقة مت مناقشتها فى االتصال الذى مت بني إسماعيل هنية رئيس املكتب السياسى حلركة حماس مع زياد نخالة األمني العام حلركة اجلهاد اإلسالمى حيث مت التوافق على أن اتفاقا محتمًال مع إسرائيل إلطالق سراح األسرى يجب أن يكون مقرونا بوقف كامل لألعمال العدائية وانسحاب إسرائيلى من غزة وإنهاء احلصار واإلفـراج عن الفلسطينين­ي السجناء وإجنـــاز صفقة تبادل متكاملة وجهود إعادة اإلعمار، واتفقا معا على أن فصائل املقاومة ستكون حيث هى مصلحة الشعب الفلسطينى وحمايته وحــددت القيادى أسامة حمدان مساء أول أمس أسس موقف احلركة على مقترح باريس والتى تركزت على وقف العدوان وانسحاب االحتالل من غزة، وقال: نحن منفتحون على أى مـبـادرات لوقف الـعـدوان على شعبنا، وكشف عن أن احلركة تسلمت مقترح اإلطار العام الجتماعات باريس وليس صفقة ونقوم بدراستها وردنا يرتكز على إدخال املساعدات والتوصل إلى صفقة عادلة لتبادل األسرى وأولوياتنا رفع املعاناة عن قطاع غزة ووقف العدوان مع اإلشادة باجلهد املصرى القطرى من أجل التوصل التفاق وقف إطالق النار.

ثانيا: على الصعيد اإلسرائيلى يبدو الوضع أكثر تعقيدا، فمازال نتنياهو يتبجح برفض وقف احلرب أو اإلفراج عن املعتقلني أو االنسحاب من غزة نهائيا ويسعى إلى إفشالها دون أن يتحمل مسئولية ذلك لتفادى الصدام مع أسر األسرى الذين يشكلون قوة ضغط كبيرة كما أن متريرها يعنى مواجهة مع اليمني املتطرف فى االئتالف احلاكم وتهديدهم بإسقاط احلكومة فى حال املـوافـقـ­ة على الصفقة رغــم تصريحات زعيم املعارضة البيد بتوفير شبكة أمان لنتنياهو إال أنه يـدرك أن األمـر سينتهى مع اليوم التالى لوقف إطــالق الـنـار فهو ال يتحمل االتـهـام بإحباطها وليس مستعدا لدفع ثمنها وكـان مكتبه هو من قام بتسريب األخبار عن الصفقة ومضمونها فى محاولة خللق رأى عام رافض لها وداعم ملوقفه وقد سبق له أن أجهض صفقة مت اإلعــداد لها منتصف شهر يناير املاضى.

ثالثا: على الصعيد األمريكى فهناك حاجة إلمتامها خاصة أن اإلدارة تواجه ضغوطا شديدة من جهات عديدة منها تأكل دورهـا فى اإلقليم وحتميلها مسئولية استمرار العدوان من خالل الدعم غير املسبوق وتـزويـد إسرائيل بأحدث أنواع األسلحة وتسعى حلفظ ماء وجهها، كما أن استطالعات الرأى العام األمريكى تشير إلى أن استمرار اخلسائر البشرية بني املدنيني تؤثر على فرص بايدن فى الترشح للرئاسة.

وبعد فــإن أهـالـى غــزة ومعهم عموم الشعب الفلسطينى فى انتظار نهاية كابوس العدوان اإلسرائيلى، كما أن دول العالم تسعى إلى انتهاء هذه املأساة اإلنسانية غير املسبوقة فهل تنتصر االنسانية والعقل على األالعيب السياسية ومصالح السياسيني، نتمنى.

 ?? ?? ◼ صورة من عملية تبادل األسرى السابقة بني إسرائيل وجماعات املقاومة
◼ صورة من عملية تبادل األسرى السابقة بني إسرائيل وجماعات املقاومة

Newspapers in Arabic

Newspapers from Egypt