Al-Akhbar

بانتظار «الحفيدة».. االنتفاضة الثالثة فى رمضان؟

- إنذار مبكر حرب شاملة حلف الشياطني عالء عبدالوهاب انتهاك بشع سقوط األساطير aly-alaa2010@hotmail.com حلظة االنفجار

ليست أمنية وال أمًال.. ثم أنها تتجاوز أطر التنبؤ أو التوقع.. فقط مجرد قراءة للمفردات واملعطيات، سوف تؤكد أننا بصدد تفاعل سريع خلمائر انتفاضة قادمة فى رمضان، هى مبثابة «احلفيدة» بعد انتفاضة ٧٨٩١ إذ هى األم، تلتها االبنة فى ٢٠٠٢، واآلن فإن متابعة املشهد، وشريط األخبار فى اإلعالم املرئى واملسطور، تقود الستنتاج جازم بتجمع نذر مخاض انتفاضة مرتقبة فى مناخ بات مهيأ الندالعها، فى مدى زمنى ال يتجاوز األسابيع.

من يشاركنى هذه الرؤية، ال ميكن اتهامه بأنه أسير تفاؤل فى غير موضعه، أو مراهن على فعل يائس حتت ضغط قوة غاشمة متوحشة بربرية، بل العكس متاماً، فما سال من دماء طاهرة يكفى لصنع نهر من األمل، يجرف فى جريانه كل دواعى اليأس واملرارات التى مألت األفواه والقلوب.

حتى لو جربنا اللجوء للحاسب اآللى، وغذيناه باملعطيات التى أفرزها املشهد، منذ ٧ أكتوبر، وحتى اليوم، ثم أضفنا إليه ما صدر هنا وهناك من توقعات، وحتذيرات، فأغلب الظن أنها سوف تتفق مع ما نذهب إليه، وميكن تصنيفه ـ مجازياً ـ بأنه نوع من التنبؤ احلدسى، أى الوصول إلى نتيجة ما دون تعليل، إنه ينتمى إلى استيعاب فورى حلقيقة فى غيبة حتليل منطقى كامل،مع اعوجاج املنطق ورمبا اضمحالله ، لعلها حلظة ميتزج فيها نفاذ البصيرة باملشاعر، فما بال أننا منتلك إلى ذلك ما يغذى توقعنا مبفردات قائمة فعلياً؟

فى أواخر يناير املاضى أطلق مرصد األزهر الشريف توقعه بأنه حـال تواصل املمارسات الصهيونية املتطرفة، باألراضى احملتلة، فإنها سوف تُفضى الندالع مواجهاٍت فى القدس والضفة الغربية، تصل إلى حد انتفاضة كاملة فى رمضان .

املثير أن األوروبى بوريل يحذر من الغليان فى الضفة، إذا لم يسمح بالذهاب للمساجد.

على اجلانب اآلخر، حذر ساسة ومسئولون أمنيون، ومحللون إسرائيليون من مغبة التصعيد غير احملسوب فى الضفة والقدس، مما يـؤدى النفالت األوضــاع فى رمضان، إلـى حد وقـوع كارثة حقيقية، مع تـرك الزمام ألعضاء احلكومة من أقصى اليمني العنصرى املتطرف، وصـوال إلى اشتعال حرائق تتجاوز القدس الشريف والضفة الغربية، وفـى مقدمة احملـذريـن يائير البيد زعيم املعارضة فى الكيان الصهيونى.. املثير للسخرية، والبد أن يستوقفك هو وصفهم النتفاضة متوقعة بالكارثة!!.

ولعل من مزايا محاولة بعض محطات التلفزة الغربية الناطقة بالعربية، ادعـاء املوضوعية واحلياد فى تغطيتها لألحداث فى فلسطني احملتلة، نقل مشاهد تفضح املمارسات القمعية والدموية البشعة فى املدينة املقدسة، وفى مدن الضفة وبلداتها وقراها، ومخيمات الالجئني، ثم بث مشاهدات ألهلها تترجم معاناة فوق احتمال البشر.

ما رأيته على الشاشات، وطالعته فى الصحف، يشى بأن ثمة حرباً شاملة يتعرض لها الشعب الفلسطينى، البطل، املقاوم، الصامد، فثمة شهداء باملئات، واعتقاالت باآلالف، وإصابات تستعصى على احلصر! يحدث ذلك فى توءم غزة، فى الضفة، وفى القلب منها القدس.

عمليات اقتحام يومية بالعشرات، ليًال ونهاراً على مدار الساعة، والذريعة أن هذه القوات تعمل على «تصفية أوكار اإلرهاب»، بالذمة من اإلرهابى؟

ْهدم للبيوت، فى املدن والقرى واملخيمات على السواء، أحياناً دون إنــذار مسبق! مصادرة لـألمـوال، هى فى حقيقتها عمليات سرقة ونهب مبنتهى البجاحة! تدمير للبنى التحتية من خطوط مياه وصرف وكهرباء واتصاالت حتى تستحيل احلياة. فرض للحصار على األحياء والشوارع حتى احلارات واألزقة لم تسلم من تعسف جيش االحتالل، واستفزازات­ه املتوالية. غارات جوية بالطائرات القاذفة واملقاتلة، واملسيرات، وكأن الضفة حتولت إلى ساحات حرب حقيقية، ال مناطق مأهولة باملدنيني! ...و...و... وتلك مجرد مناذج، قليل من كثير.. كثير بشع!

وكأن تعسف اجليش ووحشيته ال تكفى، فاملستعمرو­ن الذين يطلق عليهم تزييفاً للحقيقة وصف «املستوطنني» يتحركون وهم مدججون بالسالح الـذى زودهــم به «ابـن الغفير»، ليكون لهم نصيب وافر فى عمليات القتل والنهب، واالستيالء على أراضى الفلسطينين­ي، ليزاوجوا بني «الضم الزاحف»، و»الضم الصامت»، لفرض أمر واقع مع زحفهم لتقويض أى فرصة لـ «حل الدولتني»، ناشرين مئات البؤر االستعماري­ة، لتمزيق أوصال الضفة الغربية متاماً!

لقد أصبحت القرى واملدن الفلسطينية أسيرة حصار استعمارى، أو استيطانى، كما يدللون قبحهم الزاحف، بل واألدهى أن يخرج صهيونى متطرف ضمن حكومة االحتالل يدعى سموتريتيش، بأن الـرد على العقوبات الرمزية التى فرضهاُ بايدن على أربعة من املستوطنني، بإطالق املزيد من البؤر حتت مسمى «االستيطمان الشاب» املدعو حكومياً!!

وحتى يتم اليوم إجبار الفلسطينين­ي على إفساح املجال للصهاينة، يتم تفجير املنازل واملنشآت بعد تفخيخها، إن لم يرضخوا إلخالئها حتت تهديد السالح، والتخريب والتدمير والتكسير حملتوياتها! إنها حقا دولة حضارية دميقراطية!! ثم ال يدخر جيش االحتالل واملستعمري­ن/ املستوطنني جهداً فى عمليات التضييق املعيشى بكل السبل والوسائل، والهدف واضح: أن تصبح احلياة والتمسك باألرض مستحيال، ليترك أصحاب األراضى حقهم، ويذهبوا إلى شتات جديد، ولتصنع نكبة جديدة، فذلك هو «احلل النهائى للصراع» كما يسعى القائمون على املشروع الصهيونى فى آخر نسخة معدلة، وإن كانت فى احلقيقة تكشف زيف ما كان

يدعيه من خدعوا العالم، وادعوا أنهم حمائم فى مقابل الصقور، ليكتشف العالم بعد ٧ أكتوبر أن جميعهم من اجلوارح، إنها تكتيكات لتوزيع األدوار، ودرجات فى الكراهية. إنه حلف الشياطني!

لكن كل ما مضى كوم، واحليلولة دون أداء الصالة، خاصة صالة اجلمعة فى األقصى الشريف، «كوم آخر» أخطر وأفدح، ألنه ميكن أن يكون املفجر بالفعل لشرارة انتفاضة عارمة فى رمضان.

جمعة وراء جمعة، واملشهد الصعب املؤلم يتكرر، والتصعيد املمنهج متواصل، إصرار على منع آالف املصلني من الدخول إلى األقصى، باستثناء أعداد قليلة من املسنني والنساء!

حتى فلسطينيو ٨٤ الذين يعتبرون مواطنني إسرائيليني حرموا من أداء صالة اجلمعة باألقصى، ثم تقييد نتنياهو لدخول فلسطينيى الداخل لألقصى، هل ثمة تعسف ووقاحه أكثر من ذلك؟!

من أدى الصالة فى شوارع القدس واألحياء القريبة من األقصى تعرض للمالحقة والقمع، ولم يسلم من قنابل الغاز املسيلة للدموع!

من جمعة ألخرى يتم تشديد اإلجراءات التعسفية، فثمة حواجز ملنع املصلني من املرور باجتاه األقصى، واملدججون بالسالح من اجلنود، أياديهم على الزناد أمام البوابات اخلارجية للمسجد، وضحايا قنابل الغاز باملئات بعد إصاباتهم باالختناق!

وتصل املأساة لذروتها حني تطالع الوجوه القبيحة من املستوطنني، يقتحمون باحات األقصى بحماية اجليش والشرطة التابعني للكيان الصهيونى، يؤدون طقوساً تلمودية!

الوقاحة والسفالة بلغت منسوباً غير مسبوق، حني استدعت سلطات االحتالل مركبة مياه صرف صحى، لقمع املصلني الذين أدوا صالتهم فى املقبرة اليوسفية، بعد منعهم من دخول البلدة القدمية، واالقتراب من املسجد األقصى!

شكراً ملنجزات ثورة االتصاالت، وثمار عصر السموات املفتوحة التى فضحت زيف الكيان الصهيونى، ومن يضخون فى شرايينه، ما يغذى جيشه بأسلحة فتاكة حتصد األرواح البريئة بدم بارد!

ثمة سؤال يلح: مع تراكم هذه املمارسات املستفزة حتى للحجر، أال يستدعى الفلسطينى الطفل، الشاب، الرجل، املرأة، الشيخ، أال يستدعى كل هؤالء تراث االنتفاضة األم، انتفاضة احلجارة، ليكون ميالد «االنتفاضة احلفيدة» فى رمضان؟

٧ أكتوبر أسقط أوهام وأساطير أحاطت باملشروع الصهيونى، كادت مع آلة الدعاية اجلهنمية أن تتحول إلى حقائق، لكن الصمود األسطورى لإلنسان الفلسطينى عارى الذراعني فى الغالب، أو من ال تقاس أدواته فى املواجهة مبا ميلك من جيش مدجج حتى األسنان، هذا اإلنسان هو عماد املقاومة لكل احملاوالت الهادفة حملو هويته وتاريخه، واستالب حاضره، وسرقة مستقبله.

سقوط األساطير املؤسسة للكيان الصهيونى، وفى ظل أزمات عاصفة باقتصاده وتصدعات فى بنيته وعالقاته، ال تستثنى أياً من جوانبه السياسية، واألمنية، واالجتماعي­ة، والعسكرية، واأليديولو­چية والعرقية، باتت تنخر فى أسسه، متثل حلظة تاريخية ال يجب إهدارها.

الرعب الذى ميأل قلوب الصهاينة من نتائج التمادى، فى استثمار لم يثبت جدواه فى إخماد املقاومة، أو استنفاد مخزون نضالى كامن فى نفس كل فلسطينى، يبلغ هذا الرعب ذروته بقدوم شهر رمضان فى ظل قـرارات مجنونة من قبل «ابن الغفير» ومن على شاكلته، مبنع دخول املصلني للصالة فى األقصى، خالل شهر رمضان، وهم احلريصون على صالة اجلمعة، فضًال عن صالة التراويح حتت سقفه، من ثم ينفجر املوقف، ويخرج متاماً عن السيطرة. اجلمعة فى رمضان غيرها فيما سواه. ثم أن صالة التراويح لها مكانة خاصة فى النفوس. ثم هناك العاشر من رمضان، وذكـراه التى توافق السادس من أكتوبر ٣٧. ثم هناك يوم األرض الذى يختم األسبوع الثالث من الشهر املبارك. توقيتات كل منها يحتمل أن يكون حلظة انفجار لالنتفاضة احلفيدة.

إذا أضفنا أن املقاومة فى الضفة واجب يومى مستمر، رغم سياسة القبضة احلديدية، وأن ثمة حتوال كيفياً فى املواجهات، مع تصاعد الضغط على العديد من األصعدة، فى صور ال حصر لها من عنف اجليش واملستعمري­ن/املستوطنني، فإن العنف حينذاك يبلغ درجة الصفر فى تأثيره، بل يصبح وقوداً للمقاومة الشاملة، ومن ثم يحدث تناسب طردى بني شدته، وإمكانية اندالع انتفاضة متحررة من كل خوف، بعد انكسار كل حواجز لألبد.

إن توقع نهوض «الكل الفلسطينى» بانتفاضة فى رمضان، يتجاوز مبجرد األمل أو األمنية أو حتى التنبؤ، ليتحول إلى حلظة مخاض جديد، بل انفجار بركان لن يهدأ قبل أن ينال الفلسطينيو­ن حقوقهم املشروعة.

االنتفاضة احلفيدة سوف تفتح ثغرات فى جدران الظلم والصمت الذى طال مداه، استثماراً لرقم ٧ أكتوبر، وما أعقبه من تضحيات هائلة، من ثم فإن الطرق على احلديد الساخن يبقى اخليار الذى ال بديل له أو عنه. ................... يبدو أن احلجر الضخم الثقيل الذى اخترق قلب إسرائيل، وأصاب املشروع الصهيونى فى أعماقه، وإن أصاب فى الظاهر غالف غزة، لن يكون فى القريب يتيماً، ولكن ثمة أحجاراً سوف يتوالى سقوطها فى الضفة والقدس ووراء اخلط األخضر، فى حدود ٨٤، و٧٦ فالضفة توءم غزة، والوشائج بينهما وبني فلسطني التاريخية لم ولن تنقطع.

وبانتظار «احلفيدة».. االنتفاضة الثالثة فى رمضان.

 ?? ??
 ?? ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Egypt