Al-Akhbar

رسالة إلى السفيرة األمريكية

- كرم جبر

السفارة األمريكية بالقاهرة استقبلت سفيرتها اجلديدة هيرو مصطفى جارج بعبارة طيبة تقول فيها إن «شراكتنا االستراتيج­ية مع مصر أمر بالغ األهمية للسالم واألمن واالزدهار اإلقليمي».

ونحن بدورنا نرحب بالسفيرة األمريكية اجلديدة ونتمنى لها التوفيق وأن تكون رسول سالم، وتنقل لبالدها حقيقة املشاعر العربية واإلسالمية ملا يحدث اآلن فى غزة.

فال يكفى أن أمريكا تذكرت مؤخرا املأساة اإلنسانية فى غزة، فقررت إسقاط مساعدات غذائية بالطائرات، فهى ازدواجية مرفوضة ألنها تقيم منذ شهور جسر ًا جوي ًا إلمداد إسرائيل باألسلحة الفتاكة، التى لم يستخدمها اجليش األمريكى نفسه.

وأسلحة املوت األمريكية ال تفرق وال تختار بني حماس واملدنيني، ولكنها تغتال النساء والرجال واألطفال والرضع، وتدمر كل شىء فوق األرض وحتتها.

أهالى غزة يريدون الطعام الذى يحفظ حياتهم، ولكنهم يريدون أكثر وقف إرسال أسلحة القتل إلسرائيل، وإذا توقفت فلن يحتاج أحد شحنات الغذاء احملمولة جوا.

مصر والدول الصديقة والشقيقة ترسل قوافل من املساعدات اإلنسانية، وفى غنى عن املعونات الغذائية األمريكية، والدولة الوحيدة التى ترسل القنابل والصواريخ واألسلحة الفتاكة إلسرائيل هى أمريكا.

أمريكا تزود املستوطنني بالرشاشات سريعة الطلقات، ومن ال ميوت بأسلحة اجليش اإلسرائيلى، ميوت برصاص املستوطنني، فى حرب لم تشهد مثلها البشرية كثيرا، ومنطق غريب وعجيب أن ترسل أمريكا شحنات الغذاء إلطعام اجلوعى واملشردين، وتضاعف شحنات األسلحة لقتلهم بعد إطعامهم، وليس مقنعا مزاعم أمريكا بأن وقف إطالق النار فى صالح حماس.

وقف إطالق النار يضع حدا للقتل املتعمد الذى وصل اآلن إلـى 30 ألـف من الفلسطينين­ي، ويوقف هـدم البقية الباقية من غزة التى لم تعد صاحلة للحياة اآلدمية، ويتيح الفرصة لكافة األطراف للتفكير فى حلول دائمة متنع تكرار ما حـدث، وجتنب املنطقة توسيع نطاق احلـرب، ودخولها دوامة العنف والفوضى.

فهل تضحى أمريكا بكل شىء، من أجل إسرائيل الظاملة وتقوم بإحراج أصدقائها العرب وحلفائها التاريخيني، ومن يدافعون عنها ويبررون أفعالها ؟

سيدتى السفيرة األمريكية سبق لك العمل فى لبنان والعراق وأفغانستان واألردن، وأنت عراقية األصل وُولدِت فى كردستان، وتتحدثني اللغة العربية بجانب عدة لغات أخرى، وهذا يعنى أنك على علم تام بأن هذه األيام الروحية املباركة التى تسبق رمضان لها قدسيتها لدى الشعوب العربية واإلسالمية.

ورمضان بالذات ال تنفع فيه تهديدات اإلرهابى نتنياهو باستمرار حرب اإلبــادة فى غـزة، وتكون مشاعر الناس فى ذروتها، حزن ًا وغضب ًا واستنكار ًا، وأمريكا هى اخلاسر األكبر.

سوف تفقد بالدكم بقية رصيد الثقة، ولن تكون شريكا عادال فى أى قضية تتعلق بالشرق األوسط، وسينظر الناس إلى أمريكا بأنها الدولة املعادية التى تشترك مع املعتدى فى جرميته الكبرى.

كانت إسرائيل وستظل العقبة الكبرى فى سبيل حتقيق السالم فى املنطقة، ووصل األمر إلى إنكار بعض حكامها اإلرهابيني وجود الشعب الفلسطينى فى األساس، ولن يتحقق العدل إال بدولتني تعيشان جوار بعضهما فى سالم.

 ?? ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Egypt