ضاقت وبدأ االنفراج !
شاء الولى أن يكون رمضان هذا العام اختبارا حقيقيا للضيق والفرج، من أزمة معيشية طاحنة مست لقمة عيش الناس، إلى مشروع رأس احلكمة وبداية االنتعاش االقتصادى مبشروعات أخرى مماثلة.
ومن حسن الطالع أن يكون ذلك فى أيام مباركة، ال ميكن تفسيرها إال فى إطـار أن عناية املولى عز وجل، تــرعــى مـصــر وتــنـقــذهــا كـلـمـا ضــاقــت الــســبــل، وعـنـدمـا كانت على وشك االنهيار فى أحداث يناير وما بعدها، متاسكت ووقفت على قدميها.
وهذا الكالم ليس من قبيل التصوف، ولكنه التوفيق وعدمه رغم تشابه األسباب.
فـالـرئـيـس مـنـذ تـولـيـه احلــكــم، لــم يـفـعـل إال العمل الـــشـــاق، لـبـنـاء الـــدولـــة الــتــى يـتـمـنـاهـا ويـحـلـم بـهـا كل مصرى، فى ظل أعباء ثقيلة تنوء عن حملها اجلبال، وحتديات ومؤامرات بعضها معلن وأكثرها خفى.
وعندما جــاءت حلظة قطف الثمار، توالت األزمــات املـفـاجـئــة دون ســابــق إنـــــذار، مـــن كـــورونـــا حـتـى احلـــرب األوكرانية، ومخطئ من يهون من تأثيرها على األوضاع فى الداخل، فلم تكن مصر وحدها التى تعانى.
وفــجــأة ظـهـر فــى األفـــق كــائــن شــريــر اســمــه الــــدوالر، وأبرم حتالفات مع كل األزمات، من السكر حتى الوقود وتخفيف أحـمـال الـكـهـربـاء، وأصبحت األمـــور تخضع ألوامــره ونواهيه، واستغل أهل اجلشع املوقف لتعليق االرتفاعات املتتالية لألسعار فى رقبة الدوالر.
وازداد املـوقـف صعوبة بحمالت التشكيك والهجوم عـلـى اإلجنـــــازات الــتــى متـــت، وحتميلها تـبـعـات األزمـــة االقـتـصـاديـة، ولــم يقل أحــد إن البلد كــان يهيئ نفسه الستثمارات ضخمة ال ميكن الدخول فيها، إال ببنية أساسية ومشروعات قومية كبرى.
ولم يكن أخالقيا تكثيف حرب الشماتة، والسخرية من األحـــوال املعيشية للناس، فلم يكن اإلنـقـاذ يكمن فى ذلك، وإمنا بالدراسة املتعمقة ألسباب األزمة وسبل اخلـــروج، والــوقــوف بـجـوار «أهــل الصبر» فـى معاناتهم اليومية مع الغالء.
اهلل ال يـــضـــيـــع أجــــــر مــــن أحــــســــن عــــمــــال، وحـــدثـــت االنــــفــــراجــــة قـــبـــل الـــشـــهـــر الــــكــــرمي الــــــذى تــــــــزداد فـيـه احتياجات الناس، ورمضان فى مصر غير كل الدنيا، يـعـكـس روح الــســمــاحــة واحملـــبـــة والــتــعــايــش والـــســـالم، وأحــلــى مــا فـيـه الـبـهـجـة والــفــرحــة الــتــى تــدخــل قلوب الصغار والكبار، وكلمة «كـل سنة وأنـت طيب»، وتبادل التهانى والدعاء، من املسلم واملسيحى وكل من يعيش على هذه األرض الطيبة، ممتلئا بحب اهلل وحبيب اهلل صلى اهلل عليه وآله وسلم.
رمضان بلمسات مصرية، هو الزينات واألنــوار التى متأل الشوارع واملساجد، ولم ينطفئ نورها فى عز أزمة الكهرباء، وجبروت اجلماعة الباغية، والنور ليس التيار الـذى يسرى فى األســالك، وإمنـا ملسات إميانية هادئة، جتـمـع قــلــوب املـصـريـني فــى صـــالة الـفـجـر، بــني حــالوة اإلميان وروعة الدعاء الذى ينساب على األلسنة وينبع من القلوب.
ضاقت وبدأ االنفراج وكل عام وأنتم بخير.