Al-Akhbar

الخبيئة: فضيلة يحبها الرحمن

- ◼ د. هانى قطب سليم

اخلبيئة عمل صالح حرص عليها أصحاب القلوب الصافية واالميان الراسخ.. يحدثنا عن هذه الفضيلة فضيلة الشيخ شعبان موسى سليم أحد رجال االزهر الشريف يقول إن الصحابة كانوا أحرص الناس عليها ولنا فى أبى بكر الصديق قدوة حسنة، كان إذا صلى الفجر خرج إلى الصحراء فاحتبس فيها شيئاً يسيراً، ثم يعود إلى املدينة، فعجب عمر رضى اهلل عنه من أمره فلحقه واختبأ له خلف صخرة، فدخل الصّديق خيمة ولبث فيها قليًال، فلما خرج دخل عمر رضى اهلل عنه إليها فإذا فيها امرأة ضعيفة عمياء وعندها صبية صغار، فسألها عمر: من هذا الذى يأتيكم؟ فقالت: ال أعرفه ولكنه رجل من املسلمني يأتينا كل صباح فيكنس بيتنا، ويعجن عجيننا، ويحلب شاتنا. فخرج عمر وهو يبكى ويقول: لقد أتعبت اخللفاء بعدك يا أبا بكر!.. أما زين العابدين علي بن احلسني فقد كان يحمل أكياس الدقيق على ظهره بالليل ويوصلها إلى بيوت األرامل واأليتام والفقراء، وال يستعني بخادم وال عبد لئال يّطلع عليه أحد، فلما مات وغسلوه وجدوا على ظهره آثـاراً سـوداء، فقالوا: هذا ظهر حّمال وما علمناه اشتغل حّماال! وانقطع الطعام مبوته عن مائة بيت كان يأتيهم طعامهم بالليل من مجهول، فعلموا أنه هو الذى كان يحمله إليهم وينفق عليهم. فلله َدُّرهم من رجال ونساء أتقياء أنقياء أخفياء، رّباهم القرآن. لذا نرى أن سلفنا الصالح باعوا دنياهم الفانية من أجل اآلخرة الباقية، فكانت أعمالهم حياة لقلوبهم ونوراً لقبورهم وربحاً آلخرتهم. ورحم اهلل الزاهد الورع بشر بن احلارث الذى قال: «ال يجد حالوة اآلخرة رجل يحب فى الدنيا أن يعرفه الناس». ويقول احلسن البصري: «إْن كان الرجل ليجلس املجلس فتجيئه َعبَرتُه فيرّدها، فإذا خشى أن تسبقه قام». وكان ابن املبارك يضع اللثام على وجهه عند القتال لئال يعرف! قال أحمد: «ما رفع اهلل ابَن املبارك إال بخبيئٍة كانت له».

Newspapers in Arabic

Newspapers from Egypt