Al-Akhbar

د. طه عبد الوهاب.. خبير المقامات القرآنية:

مصر دولة التالوة.. ومعهد الطاروطى تجربة واجبة التكرار

- ◼ عبد الهادى عباس

ظهر اسمه كأحد أبرز اخلبراء فى علوم األصوات واملقامات القرآنية، حيث أصبح مرجعا فى حتليل أداء القراء، إضافة إلى كونه أحد احملكمني الدوليني واملدربني املعتمدين فى تالوة القرآن الكرمي؛ إنه د. طه عبد الوهاب، خبير األصوات واملقامات القرآنية، الذى أكد أنه من نعم اهلل وفضله على مصر أنه جعلها دولة التالوة القرآنية، وقيل إن القرآن نزل فى مكة واملدينة وقرئ فى مصر، فهى بلد التالوات وبلد القراء؛ ولدينا مدارس للقرآن الكرمي لم تؤثر فقط على األصوات ولكن أثرت على املوسيقى؛ وجند أن (إيغيروبوري­س) الذى أتى إلى مصر عام 071هـ واستمع إلى تالوات القراء املصريني اقتبس هذا النغم وصدره إلى أوروبا، وبعد ذلك عام 05٣هـ أتى إلينا العالم الكبير محمد أبو النصر الظوغل الفارابى ومكث مبصر ليستمع إلى قرائها، ثم عاد إلى بلده وألف كتابني يعّدان مرجًعا مهًّما ألى كلية موسيقية بالعالم، وهما: كتاب (اإليقاعات)، وكتاب (املوسيقى الكبير).

تأثير ثقافى ويوضح د. طه عبد الوهاب أن القراء املصريني قد أثروا منذ القدم على الثقافة واملوسيقى، واملوسيقى األملانى العاملى (شومان هاكت)، )م1800( قال جملته الشهيرة: «لكى تتعرف على ثقافة شعب استمع إلى موسيقاه»، فأصل املوسيقى مأخوذ من املدارس القرآنية، والدليل على هذا أن أبا املوسيقى الشيخ عثمان حسن وكان محفظا للقرآن فى مسجد السلطان

أبو العال أجنب ولدا عام )م1845( اسمه محمد محمد عثمان وهو الذى ألف األدوار واملوشحات التى تدرس فى الكليات ومعهد املوسيقى. وإذا كانت ثقافة الشعوب تعرف باملوسيقى فحينما يأتى إلى مصر ضيف نسمعه موسيقى النشيد الوطنى الذى ألفه رجل من أهل القرآن وهو الشيخ سيد درويش؛ وكذلك لو نظرنا إلى الغناء فسنجد أن موسيقار األجيال محمد عبد الوهاب قد تعلم من الشيخ محمد رفعت والشيخ على محمود، وهذا واضح جدا فى أسلوب أحلانه؛ وكذلك تعلمت أم كلثوم من الشيخ أبو العال محمد؛ إذن أهل القرآن هم الذين أثروا على املوسيقى وليس العكس، وكان املوسيقار محمد عبد الوهاب يقول للشيخ مصطفى إسماعيل كلمته املشهورة: «طول ما أنتم بتقرأوا إحنا بنلحن»، ومعنى هذا أنه كان يقتبس النغم من أهل القرآن.

مدارس قرآنية ويشير خبير املقامات إلى أن الشيخ أحمد ندا )م1845( الذى أسس مدرسة تسمى (اخلشوع) وخرج من هذه العباءة اثنان من العمالقة: الشيخ على محمود، منشد املنشدين والقارئ املتميز ،)م1878( وصوت السماء الشيخ محمد رفعت ؛)م1884( ثم بعد ذلك ظهرت مدرسة (التصوير النغمى)، مبعنى أن يجعل القارئ املستمع كأنه يرى لوحة مرسومة ويفهم معنى اآليات حتى لو لم يكن يفهم اللغة العربية، وأسسها الشيخ منصور بدار(0581م)، والشيخ عبد الفتاح الشعشاعى ،)م18٩0( والشيخ محمد سالمة فى العام نفسه؛ وهذه املدرسة

أنتجت العديد من املبدعني، منهم الشيخ طه الفشنى ،)م1٩00( والعمالق الشيخ مصطفى إسماعيل )م1٩05( الذى ظهر ببراعة غير عـاديـة؛ ألنــه جمع هذين األسلوبني معا: اخلشوع والتصوير النغمى فى مدرسة واحـدة أثرت على األجيال التى أتت بعده، حتى فى الدول اخلارجية، وحني أذهـب إلى التحكيم الدولى بأى دولة بالعالم أجد كل املتسابقني يعودون بقراءتهم إلى مدرسة من هذه املدارس املصرية؛ إما إلى املدرسة القدمية أمثال: الشيخ مصطفى إسماعيل، أو الشيخ عبد الباسط عبد الصمد، أو الشيخ محمود خليل احلصرى، رائد مدرسة اإلتقان؛ أو إلى املدارس احلديثة، أمثال: الشيخ محمد أحمد شبيب، أو الشيخ الشحات محمد أنور، أو الشيخ الطبيب أحمد نعينع، أو الشيخ الدكتور عبد الفتاح الطاروطي.

وأوضـح د. طه عبد الوهاب أن هذه املدارس لم تعد اآلن بالشهرة نفسها الختفاء الكتاب الذى كان يضم كل العلوم من القراءة والكتابة إلى اللغة إلى التجويد والوقف واالبتداء إلى الصوت والنغم واملقامات؛ ولكن هناك بصيصا من األمل إلعادة بريق املقارئ يقوم به د. محمد مختار جمعة وزير األوقاف الذى يبذل جهًدا كبيًرا إلقامة املقارئ وتسجيل القرآن مرتًال بالقراءات بأصوات كبار الكبار على الهواء مباشرة، وهذا الدور بدأ يسهم فى تنشيط دولة التالوة. وفى معظم الــدول التى زرتها للتحكيم أو للتدريب على املقامات وجدت اهتماًما غير عادى إلنشاء جيٍل من القراء، حتى إنهم يهتمون بتدريب املدرسني، وهذا مؤشر أن هناك منافسني لنا فى باقى الدول اإلسالمية يجتهدون ليزاحمونا فى املراكز املتقدمة باملسابقات، وهنا علينا أن نقف لنسترد مكاننا الرائد، وهذا ما يسعى إليه وزير األوقاف.

معهد الطاروطى ويضيف د. طه أنه توجد جتربة ناجحة فى معهد الطاروطى لتدريب ورعاية القراء وإعدادهم إعدا ًدا جي ًدا لوجه اهلل وخدمة لكتاب اهلل، وهو ما بدأ يؤتى ثماره حيث نالحظ أن القراء الذين مت اعتمادهم مؤخرا باإلذاعة قد تخرجوا فى هذا املعهد وهو ما يجب أن يتكرر فى باقى احملافظات؛ وال أنسى اجلهد الذى يقوم به نقيب القراء وشيخ عموم املقارئ الشيخ محمد حشاد وأعضاء نقابة القراء لضبط أداء القراء ومنع أى انفالت، وهذا دورهم ألن مصر حملت على عاتقها حفظ القرآن؛ وال ننسى دور الشيخ احلصرى فى حفظ القرآن صوتا حني كـان أول من سجل القرآن مرتًال باإلذاعة عام 56٩1م، واشترك فى جلنة مع الشيخ الضباع والشيخ القاضى ملتابعة املتقدمني، وبعدها انتشر تسجيل القرآن فى كل الدول اإلسالمية.

 ?? ??
 ?? ?? ◼ د. طه عبد الوهاب
◼ د. طه عبد الوهاب

Newspapers in Arabic

Newspapers from Egypt