Al-Akhbar

خواطر الشيخ محمد متولى الشعراوى هدى للناس

-

احلــق يـنـزل الــقــرآن منجما ملـــاذا؟، (لـنـثَـبـت به ُفــ َؤا َد َك)، ومعنى ( ِلنُثَِّبَت ِبِه ُفــ َؤا َد َك) أى أنك ستتعرض ملنغصات شتى، وهذه املنغصات الشتى كلمنهايحتا­جإلىتَْرِبيٍتعليكوتهدئ­ةلك، فيأتى القسط القرآنى ليفعل ذلك وينير أمامك الطريق. ( َك َذ ِل َك ِلنُثَ ِّب َت ِب ِه ُف َؤا َد َك َو َر َّتلْنَاهُ تَ ْر ِتي ًال)، أى لم نأت به مرة واحدة، بل جعلناه مرتبا على حسب ما يقتضيه من أحـداث. حتى يتم العمل بكل قسط، ويهضمه املؤمن ثم نأتى بقسط آخر. ولنالحظ دقة احلق فى قوله عن القرآن: (والَ يأتونك مبثَل إَّال جئناك باحلق وأحسن تفسيراً)، «الـفـرقـان: .»33 إن الكفار لهم اعـتـراضـا­ت، ويحتاجون إلى أمثلة، فلو أنه نزل جملة واحدة ألهـــــدَرْت هـــذه الـقـضـيـة، وكــذلــك حــن يسأل املؤمنون يقول القرآن: يسئلونك عن كذا وعن كذا، ولو شاء اهلل أن ينزل القرآن دفعة واحدة، فكيف كان يغطى هذه املسألة؟، فما داموا سوف يسألون فلينتظر حتى يسألوا ثم تأتى اإلجابة بعد ذلك.

إذن فهذا هو معنى (أنــزل) أى أنه أنـزل من اللوح احملفوظ، ليباشر مهمته فى الوجود، وبعد ذلك نزل به جبريل، أو تتنزل به املالئكة على حسب األحداث التى جاء القرآن ليغطيها.

ويقول احلق: (أُنِْزَل ِفيِه القرآن ُهًدى ِّللَّناس). ونعرف أن كلمة «ُهًدى» معناها: الشىء املوصل للغاية بأقصر طريق، فحن تضع إشــارات فى الطريق امللتبسة، فمعنى ذلك أننا نريد للسالك أن يصل إلى الطريق بأيسر جهد، و(هدى) تدل على عالمات لنهتدى بها يضعها اخلالق سبحانه، ألنه لو تركها للخلق ليضعوها الختلفت األهواء،

وعـلـى فــرض أنـنـا سنسلم بأنهم ال هــوى لهم ويلتمسون احلق، وعقولهم ناضجة، سنسلم بكل ذلك، ونتركهم كى يضعوا املعالم، ونتساءل: وماذا عن الذى يضع تلك العالمات، ومباذا يهتدى؟. إذن فالبد أن يوجد له هدى من قبل أن يكون له عقل يفكر به، كما أن الذى يضع هذا الهدى البد أال ينتفع به، وعلى ذلك فاهلل سبحانه أغنى األغـنـيـا­ء عـن اخللق ولــن ينتفع بــأى شــىء من العباد، أما البشر فلو وضعوا (هدى) فالواضع سينتفع به، ورأينا ذلك رأى العن، فالذى يريد أن يأخذ مـال األغنياء ويغتنى يخترع املذهب الشيوعى، والذى يريد أن ميتص عرق الغير يضع مذهب الرأسمالية، ومذاهب نابعة من الهوى، وال ميكن أن يبرأ أحد من فالسفة املذاهب نفسه من الهوى: الرأسمالى يقنن فيميل لهوى نفسه،

والشيوعى مييل لنفسه، ونحن نريد من يشرع لنا دون أن ينتفع مبا شرع، وال يوجد من تتطابق معه هذه املواصفات إال احلق سبحانه وتعالى فهو الذى يشرع فقط، وهو الذى يشرع لفائدة اخللق فقط.

والــذى يدلك على ذلـك أنـك جتد تشريعات البشر تأتى لتنقض تشريعات أخرى، ألن البشر على فرض أنهم عاملون فقد يغيب عنهم أشياء كثيرة، برغم أن الذى يضع التشريع يحاول أن يضع أمامه كل التصورات املستقبلية، ولذلك جند التعديالت جتـرى دائما على التشريعات البشرية؛ ألن املشرع غـاب عنه وقـت التشريع حكم لم يكن فى باله، وأحـــداث احلياة جاءت فلفتته إليه، فيقول: التشريع فيه نقص ولم يعد مالئماً، ونعدله.

 ?? ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Egypt