Al-Akhbar

خواطر الشيخ محمد متولى الشعراوى يسألونك عن األهلة

-

يقول احلق فى اآلية »189« من سورة البقرة: «يَْسَألُونََك عـِن اْألَِهـلـِة قـل هـي مواقيت للناس

‪ََِّّ َُ َِِْ ََ ََْ َُِ ُْ‬ ََُِ َواَحلِّج َوليس البر بأن تأتوا البيوت من ُظهورها ‪ََُِّْ ْْ ََُّ‬

‪ِْ َْ ُْ ُْ‬ َولَِكَّن َُِ

َِ الِْبر َمن اتقى وأتوا البيوت من أبوابها واتقوا اهلل لعلكم ِْ تفلحون».األهلة جمع هال، وسمى هال ألن اإلنسان ساعة يراه يهل، أى يرفع صوته بالتهليل، ويجيب احلق سبحانه وتعالى اجلواب الذى يحمل كل التفاصيل عن القمر، وهو الكوكب الذى خضع لنشاطات العقل حتى يكتشفه، والعرب القدامى لم يكونوا يعلمون شيئا عن ذلك القمر، ولكنهم كانوا يؤرخون به، وعلمهم به لم يزد على حدود انتفاعهم به. ولم يصلوا إلى الترف العقلى الذى يتأملون به آيات اهلل فى الكون، فكل آيات الكون ينتفع بها ثم ينشط العقل بعد ذلك، فنعرف السبب، وقد ل ينشط العقل فتظل الفائدة هى الفائدة. وأراد احلق سبحانه أن يلفتنا لبدأ هام،

وهو أن يعلمنا كيف نستفيد من اآليـات الكونية مثل القمر، ل يكفى ظـهـوره واخـتـفـاؤ­ه، وتغير حجمه، ألن هذه لن يتسع لها العقل، بل نستفيد منه كميقات، ونستخدمه لقياس الزمن. فإذا كنا ونحن نعيش فى القرن العشرين، لم يعرف العلماء سببا لظواهر القمر، فكيف كان حال الذين سألوا عنها منذ أربعة عشر قرنا؟ قال العلماء العاصرون فى تفسيراتهم مثًا: إن الشمس مثل حجم األرض مليونا وربع مليون مرة، والقمر أصغر من األرض، وعندما تأتى األرض بني الشمس والقمر برغم حجم الشمس الهائل فإن األرض تجب جزءا من القمر، هذا اجلزء احملجوب بقدر تدوير القوس احملجوب من األرض ويصبح هذا اجلزء من القمر مظلما. إن القمر وجوده ثابت لكن األرض عندما توجد بينه وبني الشمس فهى التى تجب عنه ضوء الشمس، ويكبر حجم نوره كلما تزحزحت األرض بعيًدا عنه. وعندما تنزاح األرض بعيًدا عنه كلية يظهر فى السماء بدراً كامًا، ثم تعود األرض بعد ذلك لتحجب عنه جزءا من الشمس، ويزداد ذلك يوما بعد يوم، فينقص ضوء الشمس النعكس عليه تبعا لذلك، فيقل تدريجيا حتى تأتى األرض بينه وبني الشمس فا يظهر منه شيء. ونقول نحن: إننا عندما ل نرى القمر ل فى الليل ول فى النهار برغم أنه موجود فى مكانه، نقول: إنه مستور فى ظل األرض، لذلك ل نراه. وهذه الظاهرة ل تدث للشمس ألن جرم الشمس كبير جدا. وعندما يحدث فإن األثر يكون قليا، ويسمى بالكسوف. وعندما التفت العرب للكون قالوا: ما بال الهال يصبح هكذا ثم يكبر حتى يصير بدرا،

ًِ فقال احلق عز وجـل: «قــل هـي مواقيت للناس واحلــج» إنهم هم يسألون عن األهلة ودورتـهـا، فقطع اهلل عليهم خيط تفكيرهم وأعطاهم الاصة والنتيجة، فقال: « ُق ْل ِه َي َم َوا ِقي ُت ِلل َّنا ِس واحلج». إن هذا األمر هو الذى يستطيع العقل فى ذلك الزمان أن يعرفه، أما ما وراء ذلك فانتظروا حتى يكشف الزمن عنه، وجهلكم به ل يقلل من نفعكم. لقد كانت كل إجابة ألى سؤال فى ذلك الزمان تتوى على ما يتسع العقل إلدراكه ساعة التشريع، أما بقية اإلجابة فاحلق يتركها للزمن. ول يعطينا إل مـا يفيد التشريع، مثال ذلـك: كانوا قدميا يقولون: األرض كرة وأثبت لنا العلم أنها كذلك، ورأيناها باألقمار الصناعية وانتهت القضية. وعندما سأل العرب عن األهلة أخبرنا احلــق بأنها مواقيت، والـواقـيـ­ت جمع ميقات، واليقات من الوقت، والوقت هو الزمن، ونعرف أن كل حدث من األحداث يحتاج إلى زمن وإلى مكان. إذن فالزمان والكان مرتبطان باحلدث فا يوجد زمان ول مكان إل إذا وجد حدث.

Newspapers in Arabic

Newspapers from Egypt