Al-Akhbar

خواطر الشيخ محمد متولى الشعراوى وقاتلوهم حتى ال تكون فتنة

-

يستكمل الشيخ الشعراوى خواطره حول اآلية 191 مـن ســورة البقرة حــول قوله تعالى: «والَ تَُقاِتلُوُهْم ِعنَْد املسجد احلــرام حتى يَُقاِتلُوُكْم ِفيِه» معلال سبب منع القتال عند املسجد احلرام بقوله: ألنكم أحرى وأجدر أن حتترموا حترمي اهلل للمسجد احلرام، لكن إذا هم اجترأوا على القتال فى املسجد احلــرام فقد أبـاح سبحانه لكم أيها املسلمون أن تقاتلوهم عند املسجد احلرام ما داموا قد قاتلوكم فيه. « َف ِإن َقاتَلُو ُك ْم فاقتلوهم َك َذ ِل َك جزاء الكافرين َفـِإِن انتهوا َفـِإَّن اهلل َغُفوٌر َّرِحيٌم». وما أسمى هذا الدين. إننا ال نؤاخذهم بعد أن انتهوا إلى اإلميان مبا قدمت أيديهم من االجتراء على أهل اإلميان ما داموا قد آمنوا، ولذلك نرى عمر بن اخلطاب وقد مر على قاتل أخيه زيد بن اخلطاب: وأشار رجل وقال: هذا قاتل زيد. فقال عمر: وماذا

أصنع به وقد أسلم؟ لقد عصم اإلسالم دمه. لقد انتهت املسألة بإسالمه، فاإلميان باهلل أعز على املؤمن من دمه ومن نفسه وحني يؤمن فقد انتهت اخلصومة. وهذا وحشى قاتل حمزة، يقابله رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم وكل ما يصنعه رسول اهلل هو أن يزوى وجهه عنه، لكنه ال يقتله وال يثأر منه. وهند زوجة أبى سفيان التى أكلت كبد حمزة، أسلمت وانتهت فعلتها بإسالمها. إذن، فاإلسالم ليس دين حقد وال ثأر وال تصفية حسابات، فإذا كان الدم يغلى فى مواجهة الكفر، فإن إميان الكافر باإلسالم يعطيه السالمة، هذا هو الدين.

وحول قوله تعالى فى اآلية 192 من سورة البقرة « َف ِإ ِن انْتَ َه ْوا َف ِإ َّن ا َهلل َغ ُفو ٌر َر ِحي ٌم» يوضح الشعراوي: أى ما داموا قد كفوا عما يصنعون من الفتنة بالدعوة والشرك باهلل َوُزِجروا بالدين اآلمر فانزجروا عن الكفر، بعدها ال شيء لنا عندهم؛ ألن اهلل غفور رحيم، فال يصح أن يشيع فى نفوسنا احلقد على ما فعلوه بنا قدميا، بل نحتسب ذلك عند اهلل، وما داموا قد آمنوا فذلك يكفينا. واحلق سبحانه وتعالى بعد أن أعطانا مراحل القتال ودوافعه قال فى اآلية :193 « َو َقاتلُو ُه ْم حتى الَ تَ ُكو َن ِفتْنَ ٌة َويَ ُكو َن الدين ِهلل َويَ ُكوَن ال ِّدي ُن ِهلل َف ِإِن انْتَ َه ْوا َف َال ُعدَوا َن ِإَّال َعلَى الَّظاِملني» وعرفنا أن الفتنة ابتالء واختبار

ََُ واحلق يقول: «أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم ال يفتنون» «العنكبوت: .»2 إن احلق يختبر اإلميـان بالفتنة، ويرى الذين يعلنون اإلميـان هل يصبرون على ما فيه من ابتالءات أم ال؟ فلو كان دخول اإلسالم ال يترتب عليه دخول فى حرب أو قتال وال يترتب عليه استشهاد بعض املؤمنني لكان األمر مغريا لكثير من الناس بالدخول فى اإلسالم،

لكن اهلل جعل لهم الفتنة فى أن يُهَزموا ويُقتل منهم عدد من الشهداء، وذلك حتى ال يدخل الدين إال الصفوة التى حتمل كرامة الدعوة، وتتولى حماية األرض من الفساد، فالبد أن يكون املؤمنون هم خالصة الناس. لذلك قال سبحانه: «َوَقاتلُوُهْم حتى الَ تَُكوَن ِفتْنٌَة». معنى أن يكون الدين هلل، أى تخرجوهم من ديانة أنفسهم أو من الديانات التى فرضها الطغيان عليهم، وعندما نأخذهم من ديانات الطغيان، ومن الديانات التى زينها الناس إلى ديانات اخلالق فهذه مسألة حسن بالنسبة لهم، وتلك مهمة سامية. كأنك بهذه املهمة السامية تريد أن ترشد العقل اإلنسانى وتصرفه ومتنعه من أن يَدِيَن ملساو له؛ إلى أن يدين ملن خلقه. وعلى صاحب مثل هذا العقل أن يشكر من يوجهه إلى هذا الصواب.

Newspapers in Arabic

Newspapers from Egypt